المعارضة السودانية تشكك بجدية الحوار مع البشير

16 مارس 2014
لقاء البشير - الترابي وحد المعارضة ضد الانقاذ
+ الخط -

أحيطت دعوة الرئيس السوداني عمر البشير، التي أطلقها في السابع والعشرين من يناير/ كانون الثاني الماضي بسياج من الريبة والشك من قبل المعارضة السودانية ومنظمات المجتمع المدني، لاسيما أن معظم تلك الفئات لديها تجارب مع تفاهمات ثنائية وجماعية أبرمت مع الحزب الحاكم سرعان ما انتكست وعادت تلك الفئات، لاسيما القوى السياسية، إلى مربع المعارضة الخشنة والحادة في مواجهة النظام.

صاحبت دعوة البشير الجديدة ممارسات اعتبرتها الاحزاب المعارضة، مؤشراً لعدم جدية النظام في الخرطوم، بشأن الدخول في حوار شامل للوصول إلى نقاط اتفاق حول حكم السودان، والخروج بالبلاد من الأزمة والاقتصادية والحروب التي تعيشها في إقليم دارفور وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.

تمثلت الممارسات في إيقاف عدد من الصحف، إذ لم يمر أسبوع، منذ إعلان الحوار، لم تصادر فيه صحيفة أو اثنتان، إلى جانب إقدام السلطات على منع مجموعة من منظمات المجتمع المدني من إقامة احتفالات باليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس/ آذار الماضي. إضافة إلى أحداث العنف التي شهدتها جامعة الخرطوم وأدت إلى مقتل طالب.

إلى ذلك كله، أقدمت الأجهزة الأمنية والشرطية على فض ومنع ندوة جماهيرية أمس دعت إليها قوى تحالف المعارضة في أحد ميادين العاصمة، ووضعت خمسة من منظمي الفعالية رهن الإقامة الجبرية، على رأسهم الناطق الرسمي باسم تحالف المعارضة والقيادي في الحزب الشيوعي صديق يوسف.

صفعة للحوار

ويؤكد الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي المعارض كمال عمر عبد السلام أن تلك الممارسات تمثل صفعة لمصداقية الحكومة في الحوار. وأكد أن الخطوة "تحد من أي تحرك نحوه".

وقال في حديث لـ"العربي الجديد" إن الخطوة من شأنها أن تصعب مساعينا في "الشعبي" بإقناع القوى الرافضة للحوار بجدوى موضوعيته، وأرجع الأمر برمته للصراع داخل النظام.

وأوضح أن "هناك تيارات متنازعة ومتناقضة داخل النظام تفرز تلك الممارسات". وأضاف "المؤتمر الوطني ليس على قلب رجل واحد وبداخله مجموعة لديها مواقف تجاه الحوار المعلن"، مشدداً على حق القوى السياسية الدستوري في ممارسة نشاطها العلني والسياسي.

واتفق القيادي في حركة الاصلاح التي انشقت أخيراً عن الحزب الحاكم، أسامة توفيق مع ما ذهب إليه كمال عمر، وقال لـ"العربي الجديد"، "نحن في "الاصلاح" نعتقد أن دعوة الحوار في حد ذاتها مجرد تكتيك من الحزب الحاكم لتمرير الوقت، وصولاً الى الانتخابات العامة في أبريل / نيسان من العام المقبل".

وأضاف "أن قناعة المؤتمر الوطني التسويف، ولو كنا لمسنا 10% فقط من جدية لديهم لما كنا خرجنا عن الحزب وكوّنّا حركتنا".

 

النظام يدافع

لكن الناطق الرسمي باسم الحزب الحاكم وليد السيد أكد لـ"العربي الجديد" جدية حزبه في الحوار مع القوى السياسية المختلفة بلا استثناء، بمن فيهم حاملو السلاح.

وحمّل المعارضة مسؤولية ما يجري من منع أو فض لفعاليتها، باعتبار أنها لا تتبع الاجراءات القانونية واللائحة المطلوبة. وأوضح "المعارضة عادة تكون مشتركة في أخطاء إدارية ولوجستية وتبني عليها مواقف سياسية".

وأكد السيد أن الأعمال السياسية مسموح بها وفقاً للقانون واللوائح التي قال إن المعارضة لا تريد التقيد بها واتباعها. وأضاف "إذا اتبعت كل الإجراءات ووجدت من يقف في طريقها فنحن في "الوطني" سندين ذلك ولن نسمح به".

 

تيارات متصارعة

ويقول المحلل السياسي والصحافي السوداني ماهر أبو الجوخ إن التناقض الذي ينتهجه النظام من مصادرة للحريات ودعوة إلى الحوار نتيجة لأمرين أحدهما متعلق بتركيبة النظام نفسه والآخر ذو علاقة بأبعاد سياسية.

وأوضح "من البديهي أن يكون داخل الحزب الحاكم أطراف ترفض الحوار، باعتبار أن نتائجه قد تؤثر على مصالحها مباشرة، وبالتالي من مصلحتها عرقلة الحوار، لاسيما أنها مجموعة متنفذة في الاجهزة الامنية بالتحديد".

وأضاف: "أما البعد السياسي فيرتبط برؤية الحكومة نفسها لقضية تهيئة المناخ، إذ تفترض أن قضايا الحريات ستكون ضمن أجندة الحوار مع المعارضة، وأنها حتى الآن لم تصل معهم إلى التزام محدد لتتقيد به".

وأكد أن تلك الممارسات ستؤثر في أطروحات الحكومة ودعوتها إلى الحوار وتدخل الاتحاد الأفريقي عبر الوسيط الجنوب أفريقي ثامبو مبيكي كلاعب أساسي في الحوار، لاسيما بعد تفويض مجلس السلم الافريقي مؤخراً.

 واستبعد أبو الجوخ أن تسحب الأحزاب التي وافقت على الحوار مع الحكومة دون شروط، وعلى رأسها حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي والمؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي، موافقتها، لكنه أكد أن ممارسات الحكومة في مصادرة الحريات ستجعلها في مواجهة الضغوط الدولية من جهة، والوساطة الافريقية من جهة أخرى، والتي ستدخل بثقلها في العملية.

وأكد أنها ستمكن القوى المتفقة على الحوار، من ممارسة ضغط أكبر على النظام، ومطالبته بإجراءات يستجيب عبرها إلى بعض شروط القوى الرافضة للحوار.

المساهمون