وفيما تواصلت الغارات الروسية، أمس السبت، على مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب شمالاً ودرعا جنوباً، أشار رئيس وفد "الهيئة العليا للمفاوضات" أسعد الزعبي، إلى أنّ "وقف إطلاق النار لن يتحقق إلا مع بدء المرحلة الانتقالية".
في هذا السياق، يكشف قيادي في الجيش السوري الحر لـ"العربي الجديد"، عن أنّ فصائل المعارضة السورية ستعقد اجتماعاً مع رياض حجاب بهدف مناقشة مقررات مؤتمر ميونيخ الذي تمخض عنه اجتماع المجموعة الدولية من أجل سورية، رافضاً الخوض في تفاصيل الاجتماع الذي يُعقد "قريباً جداً".
من جهته، يرى عضو المجلس العسكري الأعلى في "الجيش الحر" عن درعا، أيمن العاسمي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنّ "اتفاق ميونيخ يحتوي على العديد من الثغرات المشبوهة وغير البريئة، وخصوصاً في ما يتعلق بالمجموعات الإرهابية الأخرى التي وردت في نصّه، غير تلك التي سماها صراحة (تنظيم داعش وجبهة النصرة)". ويضيف أن "مصطلح وقف الأعمال العدائية مائع جداً ويحتمل تأويلات وتفسيرات عديدة"، مؤكداً أنه "لا يمكن وقف إطلاق النار إلّا برحيل النظام وتفكيك أجهزته الأمنية".
ويلفت القيادي ذاته إلى أنّ "موضوع ترويض بعض الفصائل من خلال قطع الدعم عنها، لا يمكن أن يأخذ مدى أكثر من الذي بلغه، إذ إن قبول بعض الفصائل للتوافقات الدولية له حدود أيضاً"، موضحاً أنّ "عشرات آلاف المقاتلين في المعارضة السورية، لا يمكن أن يقبلوا بوقف إطلاق النار من دون أن يكون هناك برنامج واضح برحيل الأسد ومؤسساته الأمنية". ويشيد العاسمي بـ"موقف حجاب كونه يبدي حرصاً شديداً على عدم الوقوع في أخطاء سابقة، إذ يعطي أهمية للفصائل العسكرية، ويبني قراراته وفق قوة المعارضة العسكرية على الأرض، لأنه لا يمكن تجاوزها".
اقرأ أيضاً اتفاق ميونيخ السوري بعيون المعارضة: الحكم للأفعال
ويؤكد العاسمي أن الفصائل "طلبت هدنة لمدة معينة، وتفضّل مصطلح الهدنة على استخدام وقف إطلاق النار، لأن الأخير سيجعل كل من يخرج عنه تحت سطوة الاتفاقات الدولية"، مشيراً إلى أن "الكلام عن وقف إطلاق النار مشبوه لأن النظام فعلاً منهك عسكرياً لولا التدخل الروسي، والتحالفات التي عقدها مع قوات كردية في الفترة الأخيرة، بينما نحن، كمعارضة مسلحة، وإن ظهر في الفترة الأخيرة تقدم النظام وحلفائه، فنُعتبر قوة كبرى لا يمكن تجاوزها ولدينا من الأوراق ما يكفي لفرض موقفنا".
بدوره، يؤكد عضو المكتب السياسي في حركة "نور الدين الزنكي"، التابعة لـ"الجيش الحر"، والفاعلة في حلب وريفها، بسام حاج مصطفى، لـ "العربي الجديد" أنّ الحركة "تدرس اتفاق ميونيخ، ولم تبلور موقفاً نهائياً منه"، مضيفاً أنّه "سيكون موقفنا موحداً مع باقي فصائل الجيش الحر". أما المستشار القانوني في "الجيش الحر"، أسامة أبو زيد فيوضح لـ"العربي الجديد"، أن "الأمر يحتاج إلى تفكير لأنّ ما أُقر من اتفاق في ميونيخ مخالف لما طالبت به الهيئة العليا للتفاوض، ونرى أن بيان المؤتمر يحمل نقاط ضعف، لذا فإن الأمر يحتاج لاجتماع من قادة الفصائل لاتخاذ موقف موحّد حياله".
وتتحفظ قيادات في المعارضة السورية المسلحة، ممن تواصلت معهم "العربي الجديد"، عن إبداء موقف نهائي حول النقاط التي تم إقرارها في ميونيخ، يوم الجمعة، وما إذا كانت قد أبلغت موقفها النهائي للهيئة العليا للتفاوض، حول استئناف محادثات جنيف في الـ25 من الشهر الحالي. كما تفضّل هذه القيادات "التريث إلى حين اتخاذ موقفٍ نهائي موحد سيتم إقراره بعد مشاورات واجتماعات بين المكاتب السياسية والهيئة العليا للتفاوض". وتشير القيادات ذاتها، إلى أن الترجيحات تتجه إلى رفض المعارضة، لما اعتبرته "نصاً غير واضح المعالم ويحتاج لتوضيحات، خصوصاً لكونه يفتقر لبرنامج يحدد مصير النظام السوري وأجهزته الأمنية".
سياسياً، فضّل الائتلاف الوطني السوري المعارِض، على لسان سالم المسلط، رمي الكرة في ملعب روسيا والنظام وإيران، معتبراً أن "اتفاق ميونيخ يمثل فرصة للمجتمع الدولي يمكنه اغتنامها، وبالتالي فإنّه على الأطراف الجادة في إنهاء السيل الجارف من الدماء والموت والجوع والحصار المستمر والكارثة التي يجرها نظام الأسد على سورية والمنطقة والعالم، أن تنتهز هذه الفرصة"، محذّراً من أي محاولة للخلط ما بين التنظيمات الإرهابية من جهة والفصائل الثورية وكتائب الجيش الحر من جهة ثانية، "ما سيترتب عليه فشل الاتفاق".
من جهتها، أعلنت "هيئة التنسيق الوطنية" التي تمثل المعارضة السورية في الداخل، التزامها بالعمل "مع الشركاء الآخرين في المعارضة لتنفيذ ما يتعلق بها، من التزامات بموجب اتفاق ميونيخ". وطالبت في بيان لها، أمس السبت، ألا يُتخذ من استثناء داعش والقاعدة وغيرهما من المجموعات التي يصنفها مجلس الأمن الدولي كمنظمات إرهابية، ذريعة لقصف المعارضة السورية المسلحة القابلة بالحل السياسي من قبل القوات المسلحة السورية أو الدولية".
كما دعت "هيئة التنسيق الوطنية"، إلى عدم الربط "بين وصول المساعدات الإنسانية، ووقف الأعمال العدائية، وعدم اعتبار هذه الأخيرة شرطاً مسبقاً لهذا الوصول في أي مكان في سورية"، مطالبة "بضرورة التزام جميع الأطراف بمضمون بيان ميونيخ. وأشارت "الهيئة"، إلى أنّ "أهمية بيان ميونيخ تأتي أيضاً من كون تنفيذ ما جاء فيه، سيخضع للمتابعة والرقابة من قبل المجموعة الدولية وبصورة خاصة من قبل روسيا وأميركا والأمم المتحدة".
اقرأ أيضاً هواجس "ميونيخ": تشريع هجمات النظام السوري وروسيا