وأكّدت مصادر في المعارضة، الثلاثاء، وصول ألف عنصر من المليشيات الإيرانية إلى محيط المنطقة العازلة في شمال غربي البلاد، مشيرةً كذلك إلى وصول مجموعات تابعة للفيلق الخامس والفرقة الرابعة والحرس الجمهوري، تجمعت في ثلاثة محاور هي: جبل التركمان في ريف اللاذقية الشمالي، وفي ريف حلب الجنوبي، وريف حماة الشمالي.
وأكّد النقيب، عبد السلام عبد الرزاق، القيادي في "الجبهة الوطنية للتحرير"، أكبر تجمّع لفصائل المعارضة السورية المسلحة في شمال غربي سورية، الأنباء التي تتحدّث عن حشود متزايدة لقوات النظام. وقال في حديث مع "العربي الجديد": "منذ أشهر والنظام المجرم يحشد في مناطق الساحل وحماه وحلب وريف إدلب الشرقي، لكن أغلب حشوده هي مليشيات إيرانية طائفية كحزب الله، وزينبيون، وفاطميون، وجيش المهدي ولواء الباقر، ولواء القدس، وغيرها الكثير من المليشيات الطائفية، إضافة إلى عناصر مصالحات". وأشار عبد الرزاق إلى أنّ "هذه القوات عبارة عن مرتزقة وليس لها عقيدة واضحة، وهي مليشيات غير منضبطة، ولا تتبع لقيادة مركزية، وبالتالي غير قادرة على احتلال مناطق في الشمال المحرر بسبب الفارق الواضح بينها وبين الثوار، كتدريب وعقيدة قتالية وانضباط، خصوصاً بعد تخريج عدد كبير من سرايا النخبة في الشمال المحرر التابعة للجيش السوري الحر، وهم عبارة عن وحدات قتالية احترافية".
وأكّد عبد الرزاق أنّ فصائل المعارضة السورية المسلحة "في جاهزية كاملة"، وقال "نحن مستعدون للمعركة في كل لحظة، وعلى الجبهات كافة، لكن قوات النظام المجرم ومليشيات إيران الطائفية غير قادرة على التحرّك من دون تغطية الطيران الروسي، فهي لا تتقدّم إلا إلى مناطق مدمرة". وأكّد وجود محاولات من النظام وإيران لـ"إسقاط اتفاق وقف إطلاق النار، وإيجاد سبب لروسيا كي تدخل في معركة مساندة النظام والمليشيات، ومنها اتهام الثوار باستخدام الكيماوي والخروقات اليومية والقصف على قرى المدنيين". وأشار إلى أنّ النظام وإيران "لن يشرعا في معركة بدون قرار روسي"، مضيفاً "نحن جاهزون بكل الأحوال".
ومن الواضح أنّ المعارضة السورية المسلّحة تضع في الحسبان حدوث مواجهة كبرى مع قوات النظام ومليشيات إيران، خصوصاً أنّ هناك مساعيَ حثيثة من قبل هذه القوات لإطاحة الاتفاق الذي أعلن عنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في مدينة سوتشي الروسية في 17 سبتمبر/ أيلول الماضي، وتم بموجبه إنشاء منطقة آمنة في محيط إدلب بين مناطق النظام والمعارضة بحدود تتراوح بين 15 و20 كيلومتراً، خالية من السلاح الثقيل.
وقال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في تصريحات صحافية قبل أيام، إنّ موقف نظامه معلن بالنسبة لما تبقى من الأرض السورية التي هي خارج سيطرة قواته حالياً، وهو استعادتها إما بالحرب أو بالسلم، في إشارة واضحة إلى نيته شنّ هجوم واسع على محافظة إدلب.
وفي شرقي سورية، لا تزال معارك كرّ وفرّ بين تنظيم "داعش" من جهة، و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد) من جهة أخرى، محتدمة، في ظلّ عجز واضح من الأخيرة في إحداث اختراق يعجّل حسم هذه المعارك لمصلحتها، بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على بدئها عملية عسكرية ضدّ التنظيم في ريف دير الزور الشرقي شمال نهر الفرات.
وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إنّ "مليشيا قوات سورية الديمقراطية سيطرت يوم أمس الأربعاء على سوق مدينة هجين في ريف دير الزور الشرقي، بعد انسحاب تنظيم داعش منه"، مضيفةً أنّ "قسد" سيطرت على المسافة الممتدّة من مقسم هجين إلى جامع السلطان وشارع العريض في سوق المدينة، موضحةً أن عناصر التنظيم انسحبوا من المنطقة واعتمدوا على عمليات القنص من بعيد.
وفي هذا السياق، ذكرت شبكة "دير الزور 24"، المعنية بتوثيق أخبار محافظة دير الزور، أنّ طيراناً حربياً يُعتقد أنّه تابع لسلاح الجو العراقي، شنَّ، أمس، غارات جوية على بلدتي السوسة والباغوز الواقعتين في ريف محافظة دير الزور الشرقي، واللتين يسيطر عليهما تنظيم "داعش". كذلك، استهدف طيران "التحالف الدولي" بغارات جوية عدة، مواقع مختلفة في مدينة هجين، في حين تحدّثت مصادر إعلامية موالية للتنظيم، عن مجزرة وقعت بحق 15 مدنياً من عائلة واحدة جراء غارات التحالف.
من جهته، أكّد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" استمرار الاشتباكات بوتيرة متصاعدة على محاور في بلدة هجين ومحيطها ومحاور أخرى بالقطاع الشرقي من ريف دير الزور، بين عناصر التنظيم من جهة، و"قوات سورية الديمقراطية" من جهة أخرى. وأشار إلى أنّ الاشتباكات تتزامن مع عمليات قصف جوي وصاروخي عنيف، إذ تواصل طائرات "التحالف الدولي" ضرباتها على محاور القتال ومناطق أخرى ضمن جيب التنظيم، وسط قصف صاروخي مستمر تنفذه "قسد" على أماكن في المنطقة. وأكّد "المرصد" حدوث هجوم مسلح، الثلاثاء، من قبل مسلحين يرجّح أنهم من خلايا "داعش" على موقع للوحدات الكردية، التي تشكّل النواة الصلبة لـ"قوات سورية الديمقراطية"، في محيط حقل العمر النفطي بريف دير الزور الشرقي، والذي يعد من أكبر الآبار في سورية.
ولا يزال تنظيم "داعش" يدافع بضراوة عن جيب جغرافي يسيطر عليه في ريف دير الزور الشرقي شمال نهر الفرات، يمتد لنحو 40 كيلومتراً، من قرية البحرة غرباً إلى مشارف مدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية شرقاً، وبعمق 10 كيلومترات، ويضم بلدة هجين، التي باتت معقل التنظيم الأبرز شرقي سورية، وقرى السوسة، والباغوز، والشعفة، وأبو الحسن، والبوخاطر، والكشمة، والبوبدران، وموزان، والسفافنة.
إلى ذلك، أكّدت شبكة "فرات بوست" الإخبارية المحلية، مقتل قرابة 15 مقاتلاً من "داعش" خلال اليومين الأخيرين، بينهم عناصر يحملون الجنسية العراقية، على يد "قسد"، في مدينة هجين التي تشهد معارك طاحنة بين الطرفين. وكانت سيطرت "قوات سورية الديمقراطية"، الثلاثاء، على الشريط الحدودي مع العراق، في منطقة شرق الفرات شمال شرق سورية، بعد أن باغتت تنظيم "داعش" بالهجوم على محاور بلدة الباغوز التحتاني التابعة لناحية السوسة في شمال البوكمال وشرق هجين. وبذلك تكون "قسد" قد سيطرت على كامل الشريط الحدودي الفاصل بين الأراضي السورية والعراقية، من ناحية البوكمال وحتى مدينة القامشلي في منطقة شرق الفرات، في شمال شرق سورية.
وفي سياق متصل، أعلن النظام السوري العثور على سبع مقابر جماعية أكّد أنها تضم المئات من الجثامين لأشخاص مجهولي الهوية في منطقة البوكمال بريف دير الزور الجنوبي الشرقي، مشيراً إلى أنّ فرق الدفاع المدني و"الهلال الأحمر العربي السوري"، قاما بانتشال 101 جثمان تبدو على معظمها آثار تعذيب وتنكيل قبل الإعدام، وفق وكالة "سانا" التابعة للنظام. وفي ريف حلب الشمالي، أدّى انفجار سيارة مفخّخة بعد ظهر أمس الأربعاء في مدينة إعزاز التابعة لسيطرة فصائل المعارضة المدعومة من تركيا ضمن ما يعرف بمنطقة درع الفرات، إلى مقتل طفلة وإصابة عشرين مدنياً آخرين.