تتجه المعارضة السورية لإجراء تغييرات في وفدها المفاوض، بعد استقالة كبير مفاوضيها محمد علوش، وتلويح رئيس الوفد أسعد الزعبي بترك منصبه، مع بدء التداول بأسماء لتولي رئاسة الوفد، إضافة إلى إمكان ضم شخصيات من منصتي موسكو والقاهرة إلى الهيئة العليا للمفاوضات. يأتي ذلك فيما اقترحت الهيئة العليا هدنة على مستوى سورية خلال شهر رمضان. وكشفت عضو وفد الهيئة بسمة قضماني، أن منسق الهيئة رياض حجاب بعث بهذا الاقتراح في خطاب إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، مشيرة إلى أن "هذا من شأنه أن يبدأ في تهيئة الظروف والأجواء المناسبة لعودتنا إلى جنيف، وهذا هو ما تنويه الهيئة العليا للمفاوضات"، معلنة أن هذا الاقتراح يحظى بدعم من فصائل المعارضة المسلحة. وجاء ذلك بموازاة بدء تطبيق تهدئة مؤقتة أمس، لمدة 48 ساعة، في ضاحية داريا على مشارف دمشق، كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية.
وجاءت استقالة علوش، الأحد الماضي، احتجاجاً على "مواقف المجتمع الدولي، ولشعوره بالخيبة"، كما أعلن المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات رياض نعسان آغا في تصريحات لـ"العربي الجديد"، لتعيد إلى النقاش العلني مسألة قدرة الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن المعارضة، على مواجهة الضغوط الروسية والأميركية المتزايدة لتخفيض سقف مطالبها، والموافقة على حل سياسي لا يلبي طموحات السوريين. وتتعرض الهيئة العليا لضغوط كبيرة من قبل عدة أطراف من أجل "تليين" موقفها والموافقة على القبول بحل سياسي يُبعد رئيس النظام السوري بشار الأسد "على مراحل"، فهي لا تزال تصر على تنفيذ قرارات دولية تدعو إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات من دون الأسد وأركان حكمه.
وفور إعلان استقالة علوش، وتلويح الزعبي بالاستقالة هو الآخر، بدأ السوريون يتداولون أنباءً عن احتمال تولي شخصيات مقربة من دوائر صنع القرار في الغرب مراكز مفصلية في الوفد المفاوض، إلا أن نعسان آغا نفى، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن تكون الهيئة ناقشت مسألة اختيار شخصيات جديدة لضمها للوفد المفاوض، أو اختيار بديل لعلوش، أو الزعبي.
لكن مصادر رفيعة المستوى في المعارضة السورية، كشفت لـ"العربي الجديد"، أن الهيئة العليا تتجه إلى إجراء تغييرات وصفتها بـ"المهمة" في تشكيلة الوفد المفاوض، مشيرة إلى أن اجتماعاً للهيئة سيُعقد في مقرها بالعاصمة السعودية الرياض خلال الأيام المقبلة، مرجحة أن يبدأ هذا الاجتماع في العاشر من الشهر الحالي استعداداً للجولة الرابعة من مفاوضات جنيف والمتوقفة منذ 18 إبريل/ نيسان الفائت، لافتة إلى أن الجولة الجديدة من مفاوضات جنيف "ستبدأ على الأغلب في الخامس عشر من الشهر الحالي".
وكشفت المصادر أن الاجتماع المقبل للهيئة سيتخذ قراراً بإلغاء منصب "كبير المفاوضين" الذي استقال منه محمد علوش، مشيرة إلى أنه "على الأرجح سيتقدّم أسعد الزعبي باستقالته من منصب رئيس الوفد المفاوض"، ويجري الآن تداول أسماء شخصيات عدة لتولي مهام رئيس الوفد، أبرزها عضو الائتلاف الوطني السوري وأمينه العام السابق نصر الحريري، وعضو الهيئة العليا للمفاوضات بسمة قضماني، مرجّحة ميل الكفة لصالح الحريري.
وأشارت إلى أن هناك اعتراضات داخل الهيئة على تولي قضماني للمنصب "رغم كونها قديرة"، على خلفية اتهامات لها بارتباطات ربما تُفسّر على نحو "غير صحيح". قضماني المولودة في دمشق عام 1958، تُعدّ من أبرز نساء المعارضة السورية، وهي كانت أسهمت في تأسيس المجلس الوطني السوري، أولى مؤسسات المعارضة السياسية أواخر عام 2011، وكانت المتحدثة باسمه قبل أن تعلن انسحابها منه منتصف عام 2012، متهمة إياه بالفشل في حماية السوريين. ترعرعت قضماني في أوروبا إثر مغادرة عائلتها إلى سورية أواخر عقد سبعينيات القرن الماضي، وهي أستاذة في العلاقات الدولية في جامعات فرنسية عدة ولها مؤلفات في التنمية السياسية في المجتمعات العربية.
أما الحريري، فوفق تعريف الائتلاف له، هو من مواليد درعا عام 1977، وحاصل على الماجستير في الأمراض الباطنية والقلبية، ويتقن اللغة الإنكليزية تحدثاً وكتابة. تنقّل في عدة مواقع وظيفية، فقد كان رئيس الأطباء في مستشفى الأسد الجامعي بدمشق، ثم رئيس الأطباء في مستشفى درعا الوطني، وطبيب القسطرة القلبية في عدد من المستشفيات الخاصة في دمشق. شارك بالحراك الثوري السلمي منذ انطلاقة الثورة السورية في منتصف مارس/ آذار من عام 2011، وشارك في تنظيم أول اعتصام نقابي فيه، واعتُقل عدة مرات قبل خروجه من سورية باتجاه الأردن، وهو ممثل الحراك الثوري في الائتلاف الوطني السوري.
اقــرأ أيضاً
من جهة أخرى، ذكرت مصادر مطلعة أن الهيئة العليا للمفاوضات ستبحث في اجتماعها المقبل إمكانية ضم شخصيات من منصتي موسكو والقاهرة إليها، مرجّحة بقاء الهيئة على موقفها الرافض ضم حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي إلى صفوفها بسبب اتهامه بالتواطؤ مع النظام، معتبرة أن أعضاء المجلس الوطني الكردي في صفوفها هم الممثلون الحقيقيون للأكراد في سورية.
وفي السياق، أوضح نائب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات يحيى القضماني، أن الهدف من التواصل والحوار مع منظمات المجتمع المدني، وممثلين عن مؤتمري القاهرة وموسكو، هو "الوصول إلى القواسم المشتركة، والتنسيق معهم في عملية المفاوضات من أجل دعم الهيئة العليا في موقفها المعلن من الحل السياسي". وأشار القضماني عبر صفحته على موقع "فيسبوك"، إلى أن إجراء الحوار يتطلب الموافقة على ما جاء في بيان الرياض بالكامل، والموافقة على هيئة الحكم الانتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية من دون الأسد ورموز النظام. وتُتهم منصتا موسكو والقاهرة بـ"مهادنة النظام" من خلال الموافقة على ما يطرحه من تشكيل "حكومة وحدة وطنية" مع بقاء الأسد في السلطة، وحقه في الترشح لأية انتخابات مقبلة تجرى في سورية، وهو ما ترفضه الهيئة العليا للمفاوضات وتعتبره "صك استسلام"، وإعطاء الأسد ونظامه "صك براءة" من الجرائم التي اقترفها على مدى سنوات وأدت إلى مقتل وإصابة وتهجير ملايين السوريين، وفتح الباب أمام سيناريوهات سوداء لمستقبل سورية برمته.
في غضون ذلك، ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في أحدث تقرير لها، أن مستويات القتل في سورية عادت إلى ما كانت عليه قبل اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي دخل حيّز التطبيق أواخر فبراير/ شباط الماضي وخرقته قوات النظام وحلفاؤها على مدى أشهر، ما أدى إلى مقتل وإصابة وتهجير آلاف السوريين. وأشارت الشبكة إلى أن 872 مدنياً قُتلوا خلال شهر مايو/ أيار الماضي، بينهم 498 قتلتهم قوات النظام، منهم 89 طفلاً، و73 امرأة، و46 تحت التعذيب في معتقلات النظام. وسجلت الشبكة مقتل 49 مدنياً بقصف الطيران الروسي، بينهم 15 طفلاً، و6 نساء، وكلهم في محافظة حلب، مؤكدة أن قوات النظام والقوات الروسية "قامت بانتهاك أحكام القانون الدولي"، مشيرة إلى أن نحو 90 في المائة من الهجمات استهدفت مدنيين.
اقــرأ أيضاً
وجاءت استقالة علوش، الأحد الماضي، احتجاجاً على "مواقف المجتمع الدولي، ولشعوره بالخيبة"، كما أعلن المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات رياض نعسان آغا في تصريحات لـ"العربي الجديد"، لتعيد إلى النقاش العلني مسألة قدرة الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن المعارضة، على مواجهة الضغوط الروسية والأميركية المتزايدة لتخفيض سقف مطالبها، والموافقة على حل سياسي لا يلبي طموحات السوريين. وتتعرض الهيئة العليا لضغوط كبيرة من قبل عدة أطراف من أجل "تليين" موقفها والموافقة على القبول بحل سياسي يُبعد رئيس النظام السوري بشار الأسد "على مراحل"، فهي لا تزال تصر على تنفيذ قرارات دولية تدعو إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات من دون الأسد وأركان حكمه.
وفور إعلان استقالة علوش، وتلويح الزعبي بالاستقالة هو الآخر، بدأ السوريون يتداولون أنباءً عن احتمال تولي شخصيات مقربة من دوائر صنع القرار في الغرب مراكز مفصلية في الوفد المفاوض، إلا أن نعسان آغا نفى، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن تكون الهيئة ناقشت مسألة اختيار شخصيات جديدة لضمها للوفد المفاوض، أو اختيار بديل لعلوش، أو الزعبي.
وكشفت المصادر أن الاجتماع المقبل للهيئة سيتخذ قراراً بإلغاء منصب "كبير المفاوضين" الذي استقال منه محمد علوش، مشيرة إلى أنه "على الأرجح سيتقدّم أسعد الزعبي باستقالته من منصب رئيس الوفد المفاوض"، ويجري الآن تداول أسماء شخصيات عدة لتولي مهام رئيس الوفد، أبرزها عضو الائتلاف الوطني السوري وأمينه العام السابق نصر الحريري، وعضو الهيئة العليا للمفاوضات بسمة قضماني، مرجّحة ميل الكفة لصالح الحريري.
وأشارت إلى أن هناك اعتراضات داخل الهيئة على تولي قضماني للمنصب "رغم كونها قديرة"، على خلفية اتهامات لها بارتباطات ربما تُفسّر على نحو "غير صحيح". قضماني المولودة في دمشق عام 1958، تُعدّ من أبرز نساء المعارضة السورية، وهي كانت أسهمت في تأسيس المجلس الوطني السوري، أولى مؤسسات المعارضة السياسية أواخر عام 2011، وكانت المتحدثة باسمه قبل أن تعلن انسحابها منه منتصف عام 2012، متهمة إياه بالفشل في حماية السوريين. ترعرعت قضماني في أوروبا إثر مغادرة عائلتها إلى سورية أواخر عقد سبعينيات القرن الماضي، وهي أستاذة في العلاقات الدولية في جامعات فرنسية عدة ولها مؤلفات في التنمية السياسية في المجتمعات العربية.
أما الحريري، فوفق تعريف الائتلاف له، هو من مواليد درعا عام 1977، وحاصل على الماجستير في الأمراض الباطنية والقلبية، ويتقن اللغة الإنكليزية تحدثاً وكتابة. تنقّل في عدة مواقع وظيفية، فقد كان رئيس الأطباء في مستشفى الأسد الجامعي بدمشق، ثم رئيس الأطباء في مستشفى درعا الوطني، وطبيب القسطرة القلبية في عدد من المستشفيات الخاصة في دمشق. شارك بالحراك الثوري السلمي منذ انطلاقة الثورة السورية في منتصف مارس/ آذار من عام 2011، وشارك في تنظيم أول اعتصام نقابي فيه، واعتُقل عدة مرات قبل خروجه من سورية باتجاه الأردن، وهو ممثل الحراك الثوري في الائتلاف الوطني السوري.
من جهة أخرى، ذكرت مصادر مطلعة أن الهيئة العليا للمفاوضات ستبحث في اجتماعها المقبل إمكانية ضم شخصيات من منصتي موسكو والقاهرة إليها، مرجّحة بقاء الهيئة على موقفها الرافض ضم حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي إلى صفوفها بسبب اتهامه بالتواطؤ مع النظام، معتبرة أن أعضاء المجلس الوطني الكردي في صفوفها هم الممثلون الحقيقيون للأكراد في سورية.
في غضون ذلك، ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في أحدث تقرير لها، أن مستويات القتل في سورية عادت إلى ما كانت عليه قبل اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي دخل حيّز التطبيق أواخر فبراير/ شباط الماضي وخرقته قوات النظام وحلفاؤها على مدى أشهر، ما أدى إلى مقتل وإصابة وتهجير آلاف السوريين. وأشارت الشبكة إلى أن 872 مدنياً قُتلوا خلال شهر مايو/ أيار الماضي، بينهم 498 قتلتهم قوات النظام، منهم 89 طفلاً، و73 امرأة، و46 تحت التعذيب في معتقلات النظام. وسجلت الشبكة مقتل 49 مدنياً بقصف الطيران الروسي، بينهم 15 طفلاً، و6 نساء، وكلهم في محافظة حلب، مؤكدة أن قوات النظام والقوات الروسية "قامت بانتهاك أحكام القانون الدولي"، مشيرة إلى أن نحو 90 في المائة من الهجمات استهدفت مدنيين.