يعود المحاضران إلى التمثيلات وأصولها ومعانيها النفسية والتاريخية في الفن الذي عرفه إنسان ما قبل التاريخ، فمن جهة يغوص فيالو كعادته في مؤلّفاته وأبحاثه المختلفة في غموض تلك الحقبة والتأويلات المختلفة التي وضعها المؤرخون.
بينما يفكّك ساكو العلاقة بين الجمعي والفردي، ومعاني الرموز والصور في فنون ما قبل التاريخ من وجهة نظر نفسية-اجتماعية.
كلا المحاضرين اشتغل في حقل تأمّل الإنسان والأصل والتمثّلات في محاولة لردم هاوية كبيرة من المجهول والغامض والملتبس في الفترة التي سبقت التأريخ.
فمن جهته، قدّم فيالو استكشافاً ضخماً في القارات الخمس ما قبل التاريخ في محاولة لفهم البعد العالمي لفنون تلك الحقبة، وفهم الهوياتية والرمزية لتلك المجتمعات من خلال فنونها المختلفة.
يعود فيالو إلى الرسوم الجدارية والنقوش في كهف لاسكو في فرنسا، وكهف ألتميرا في إسبانيا وهو من أوائل الكهوف المزيّنة برسوم الحيوانات المكتشفة في العالم، ولوحات من العصر الحجري عُثر عليها في الجزائر.
كما يشتغل صاحب "فن ما قبل التاريخ والحضارة" بالرسوم القديمة لشعب البوشمن على الصخور في جنوب أفريقيا، والفنون التي تعود إلى الحقبة نفسها في الهند، والفن المقدس عند السكان الأصليين في أستراليا، ورسوم الحيوانات في البرازيل وغيرها.
بدوره ينشغل المحلل النفسي ساكو، صاحب كتاب "التحليل النفسي وما قبل التاريخ" بتفسيرات من نوع: ما الذي يمكن اعتباره -من بين الفنون المكتشفة من حقبة ما قبل التاريخ- آثاراً يمكن تتبعها للاستدلال على الوعي واللاوعي عند إنسان ما قبل التاريخ، إضافة إلى استكشاف المنظومة الرمزية التي تمثّل هذين الجانبين؟
يحاول ساكو أن يجد طريقة لتطبيق فرضيات فرويد على إنسان ما قبل التاريخ، فيتساءل عن دور الرغبة والقلق والفنتازم في إنتاج تلك المنظومة الرمزية.