حذّر المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري بالمغرب، الجمعة، من الارتفاع الكبير للاستهلاك الإعلامي لدى الجمهور الناشئ، خاصة الأطفال، خلال فترة الحجر الصحي، جراء ما يطرحه من مخاطر إدمان على المدى البعيد.
وقال المجلس الأعلى، من خلال توصيات أصدرها عقب اجتماعه اليوم، إن ممارسات الجمهور الناشئ في مجال الاستهلاك الإعلامي، المتسمة باستعمال شاشات متعددة واستخدام وسائط مختلفة، من طبيعتها أن تؤدي إلى ازدياد ومفاقمة حمولة القلق الناجم عن برمجة إعلامية تتمحور بشكل شبه كلي حول الجائحة.
واعتبر المجلس أن مخاطر التعرض المفرط لوسائل الإعلام ازدادت وباتت أكثر تعقيداً في سياق الحجر الصحي، لكون الأخبار المتواترة والمسترسلة حول الأزمة الصحية، ومجهود التعريف المبذول من طرف الإذاعات والقنوات التلفزية يمكن أن يكون مصدر قلق وابتئاس لدى الأطفال الجمهور الناشئ بصفة عامة.
ووجدت كثير من الأسر نفسها في تناقض كبير، فبعدما كانت تسعى جاهدة إلى كبح رغبة صغارها في استعمال الأجهزة الرقمية من هواتف ذكية ولوحات رقمية وحواسيب وتلفزيون، وجدت نفسها اليوم تبارك استعمال أطفالها بسبب التعليم عن بعد والحجر الصحي.
وبحسب المجلس الأعلى، فإن من شأن هذا الارتفاع الظرفي أن يخلق عادات من الصعب تجاوزها بعد العودة إلى الحياة الاعتيادية، لذا ينبغي الأخذ بعين الاعتبار تخصيص حيز زمني ضمن البرنامج اليومي للطفل، للقيام بأنشطة بعيداً عن التعرض للشاشات، ما من شأنه التوفيق بين الحياة الرقمية والواقعية وتعزيز الأواصر الأسرية وقواعد التربية السليمة ودعم التطور الاجتماعي والعاطفي للطفل خلال الحجر المنزلي وحمايته من العزلة الاجتماعية التي يعززها الإنترنت، خاصة في صفوف المراهقين.
إلى ذلك، أوصى المجلس بمراقبة مدة الاستهلاك الإعلامي لدى الأطفال، مع إيلاء اهتمام خاص لتعرضهم لمضامين نشرات الأخبار التلفزية والقنوات الإخبارية التي تبث على مدار الساعة، وبضرورة انخراط الأسر في مساعدة الأطفال، حسب فئاتهم العمرية، على اختيار البرامج التي تناسب أعمارهم ضمن العروض التي توفرها الشاشات.
ودعا المجلس إلى إيلاء اهتمام خاص في الوقت نفسه لتصاعد مدة التعرض للشاشة الناجم عن الارتفاع العام لاستعمال وسائل الإعلام السمعية البصرية والرقمية خلال فترة الحجر الصحي، والاستعمال الذي يفرده الأطفال والمراهقون لهذه المدة.
كذلك أوصى بأن يساهم التأطير العائلي للاستهلاك الإعلامي ليس في ضبط مدة التعرض للشاشة لدى الجمهور الناشئ فحسب، بل أيضاً في إقامة تمييز واضح بين الاستخدام التعليمي والاستخدام بغرض التسلية.
وبحسب المجلس ذاته، فإن مثل هذا "التقنين الأسري" من شأنه أن يوفر حماية واستفادة للطفل من خلال إقرار برمجة يومية تزاوج بين زمن التعرض للشاشة وزمن خارج الشاشة، وكذلك من خلال الفصل بين الاستهلاك الإعلامي التعليمي من جهة، والاستهلاك الإعلامي المخصص للتسلية، من جهة ثانية.
ويرى المجلس الأعلى أن نقص الدراية الإعلامية والتواصلية لدى الجمهور الناشئ يشكل نقطة يقظة تدعو الأسر إلى بذل المزيد من الجهود لمواكبة الممارسات الإعلامية للأطفال والجمهور الناشئ خلال فترة الحجر الصحي.