اعتقلت قوات الأمن المغربية، اليوم الخميس، ثلاثة أشخاص يشتبه بتورّطهم في جريمة قتل سائحتين أجنبيتين، في منطقة جبلية معزولة، وسط البلاد، الأسبوع الماضي، فيما استنكرت الحكومة الجريمة، واصفةً ما حصل بـ"السلوك الإجرامي والإرهابي".
وأفاد المكتب التابع للمديرية العامة المغربية، في بيان، بأنه "تم توقيف المشتبه بهم في مدينة مراكش، ويجري حالياً إخضاعهم لبحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، من أجل تحديد ملابسات ارتكاب هذا الفعل الإجرامي".
وأضاف البيان أن "البحث القضائي يهدف أيضاً إلى الكشف عن الخلفيات والدوافع الحقيقية التي كانت وراء ارتكاب الجريمة، فضلاً عن التحقق من فرضية الدافع الإرهابي لهذه الجريمة، والذي تدعمه قرائن ومعطيات أفرزتها إجراءات البحث".
وكان الأمن المغربي قد أوقف المشتبه به الأول في مدينة مراكش، أول من أمس الثلاثاء، بناء على معلومات دقيقة وفّرتها مصالح المديرية العامة، وذلك مباشرة بعد العثور على جثتي السائحتين النرويجية والدنماركية، في منطقة جبلية قريبة من قرية إمليل.
وتمّ العثور على جثتي السائحتين، يوم الإثنين، في جبال الأطلس، وهي منطقة يهواها المتنزهون.
وعُثر على الجثتين في منطقة جبلية نائية، على بعد 10 كيلومترات من قرية إمليل، وهي في الغالب نقطة الانطلاق للرحلات إلى جبل توبقال، أعلى قمة في شمال أفريقيا.
وأفادت وسائل الإعلام المغربية بأن المحققين لديهم لقطات من كاميرات للمراقبة تظهر ثلاثة مشتبه فيهم ينصبون خيمة بالقرب من خيمة الضحايا ويغادرون المنطقة بعد الحادث.
من جهتها، استنكرت الحكومة المغربية جريمة قتل السائحتين، واصفةً ما حصل بأنه "سلوك إجرامي وإرهابي".
وقال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، في مستهل الجلسة الحكومية، اليوم الخميس، إن الجريمة التي حصلت تعد "عملاً مرفوضاً لا ينسجم مع قيم المغاربة وتقاليدهم، وتقاليد سكان المنطقة المعروفة بعاداتها ومسالمتها، واستقبالها للسائحين بكل كرم وسخاء".
وشدد رئيس الحكومة على أن الجريمة "ذات طابع إجرامي وإرهابي، وتشكل طعنة غادرة في ظهر المغاربة، المعروفين بتسامحهم ورفضهم القاطع لمثل هذه الأعمال"، مبرزاً أن المملكة "منخرطة بشكل عميق في الحرب على التطرف والإرهاب بشتى أصنافه".
وأشاد العثماني بعمل أجهزة الأمن المتخصصة في إلقاء القبض سريعاً على المشتبه فيهم الأربعة، معتبراً أن "السلطات الأمنية بمختلف تلاوينها وتخصصاتها قامت بعمل مشكور، خاصة أنها تساهم في جعل البلاد تعيش في نعمة الأمن والاستقرار".
وبعدما أشار إلى أن التنمية رهينة بتحقيق الأمن في البلاد، حاول العثماني طمأنة السياح بأن "الأجهزة الأمنية تتسم باليقظة الدائمة لردع كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن السكان، مقيمين وسياحاً وزائرين"، وبأنه "لا يمكن التسامح مع مثل هذه الأعمال الإجرامية، بأي حال من الأحوال".
استنكار دولي للجريمة
دولياً، صرح رئيس وزراء الدنمارك، لارس لوكي راسموسن، خلال مؤتمر صحافي، بأن الجريمة ضد مواطنته وزميلتها النرويجية، تعتبر عملاً همجياً ووحشياً لا يمكن تبريره، مضيفاً "نتابع ما حدث بقلق واشمئزاز وتعاطف مع عائلتي الضحيتين".
ورأى أن الجريمة يمكن اعتبارها ذات "دوافع سياسية، وبالتالي فهي عمل إرهابي"، لافتاً إلى أنه "لا تزال هناك قوى ظلام تريد محاربة قيمنا"، و"يجب علينا عدم الاستسلام".
كما أكد راسموسن هوية الضحيتين، وهما الدنماركية لويزا فيستراغر غسبرسن، والنرويجية مارن يولاند.
وفي النرويج، وصفت رئيسة الوزراء إرنا سولبرغ القتل بأنه "وحشي، وهجوم بلا معني على أشخاص أبرياء".
وأضافت أن القضية تؤكد أهمية مكافحة التطرف العنيف.
وبحسب بيان، نقلته وكالة "أسوشييتد برس"، قالت وكالة الأمن الداخلي الدنماركية، إن التحقيق المبدئي "يشير، وفقاً للسلطات المغربية، إلى أن عملية القتل قد تكون مرتبطة بتنظيم داعش الإرهابي".
وقال رينرت كفيرنيلاند، عمدة المدينة التي عاشت فيها الضحية النرويجية، لمحطة "ان آر كيه" النرويجية، إنه أخبر أقاربها بمقتلها.
وحذّرت السلطات في الدنمارك والنرويج مواطنيها، أمس الأربعاء، من التنزه بدون مرشدين محليين في المغرب بعد حادثة القتل.
وذكر مسؤولون في الشرطة الدنماركية، أمس الأربعاء، أنهم أرسلوا ضابطاً إلى المغرب للمساعدة في التحقيقات.
واعتبرت السفيرة الأوروبية أن "ما حصل يعد حادثاً مروعاً بكل المقاييس، تعرضت له دول أوروبية وعانت منه من قبل"، مستدركة بقولها إن الجريمة "لا تمس بكرم المغرب وشعبه وضيافته للسياح".