وأعلن الملك المغربي عفوه، يوم الخميس الماضي، عن 37 معتقلاً على ذمّة قانون مكافحة الإرهاب، وهو العفو الذي كان قد توقف منذ عام 2005، وذلك بمناسبة الاحتفال بالذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء. كما أعلن عفوه عن 436 معتقلاً ينحدرون من الأقاليم الصحراوية.
اقرأ أيضاً: سابقة… الملك المغربي يشارك الاتحاديين ذكرى اختفاء بنبركة
ومن أبرز المُفرج عنهم الشيخ حسن الخطاب، زعيم خلية "أنصار المهدي"، الذي كان قد اعتُقل عقب تفجيرات مدينة الدار البيضاء عام 2003، وحُكم عليه بالسجن عامين، وبعد إتمام عقوبته أُطلق سراحه، قبل أن يُعاد اعتقاله مرّة أخرى في إطار تفكيك خلية "أنصار المهدي" عام 2006.
وطرح الخطاب، وهو أحد أبرز شيوخ السلفية في المغرب، عدداً من المبادرات الرامية إلى المصالحة مع الدولة، وطي ملف "المعتقلين الإسلاميين" بصفة نهائية. كما قدّم للسلطات والإعلام وثيقة تحت شعار "المصالحة الوطنية هي طريق المواطنة"، أعلن فيها "تراجعه عن الفكر المتشدّد".
وأثنى الشيخ أبو حفص رفيقي، المعتقل الإسلامي السابق قبل نيله عفواً ملكياً عام 2012، في تصريح إلى "العربي الجديد"، على مبادرة العفو التي أطلقها الملك المغربي، وقال إنها "التفاتة وخطوة إيجابية جداً، نتمنى أن تتلوها خطوات أخرى في سبيل الإغلاق النهائي لهذا الملف الشائك".
ودعا أبو حفص إلى "الإفراج عن كل المظلومين، وفتح الحوار مع كل من أبدى استعداده لخدمة الوطن والاندماج في المجتمع". وأشار إلى أنّ "الإفراج عن هؤلاء المعتقلين انفراج يُسعد المغاربة، وإشارة واضحة لقرب إنهاء الملف".
من جهته، أورد رئيس جمعية "النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين"، عبد الرحيم مهتاد، بأنّ مبادرة الملك المغربي العفو عن معتقلين إسلاميين، قرار حاسم فاجأ الكثير من المراقبين، إذ إنّه لم يكن منتظراً، وحتى الشيوخ المفرج عنهم لم يعلموا بذلك، مشيراً إلى أنه قرار جاء رغم السياق الذي يوصم فيه الإسلاميون بالفكر المتطرف.
من جهته، أفاد رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، عبد الرحيم منار أسليمي، بأنّ العفو الذي أصدره الملك محمد السادس عن شيوخ "السلفية الجهادية" المتورطين في الأحداث الإرهابية، يعدّ الحدث الثالث في تاريخ شيوخ "السلفية الجهادية"، بعد حدث اعتقالهم، وحدث الإفراج عن مجموعة القيادات المرجعية الأولى، متمثّلة في الفزازي والكتاني والحدوشي وأبو حفص.
وتابع أسليمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ الأمر يتعلق بعفو توقف منذ عام 2005، والذي يختلف عن العفو الأول عن مشايخ "السلفية"، باعتبار مسلسل عملية مراجعات فكرية انطلقت منذ سنوات، شاركت فيها مؤسسات العلماء، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهيئات من المجتمع المدني.
واستطرد المحلل بأنّ بصمات وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، واضحة في هذا الملف الذي رافع عنه أثناء دعمه لفكرة العفو، وأنه سيحسب سياسياً لحكومة حزب "العدالة والتنمية"، الذي كان موضوع انتقاد كبير في السنوات الأربعة الماضية من طرف عائلات معتقلي "السلفية الجهادية".
وتوقع أسليمي بأن هذا العفو سيكون مفصلياً في علاقة السلطة مع السلفيين (الجهاديين)، الذين قاموا بالمراجعات داخل السجون ونالهم العفو، لأنه لا أحد يضمن إمكانية اندماج الشيوخ الجدد المعفى عنهم، مثل حسن الخطاب زعيم خلية "المهدي"، وعبد الرزاق سوماح، زعيم "حركة المجاهدين بالمغرب"، بنفس الطريقة التي اندمج بها الفزازي والكتاني وأبو حفص، على حدّ تعبيره.
ولفت أسليمي إلى أن السلطة نجحت في "ترويض مجموعة الشيوخ الأولى، وفي إدماجهم وتحويلهم إلى مشايخ نجوم، حاضرين في مختلف النقاشات داخل الفضاءات العمومية"، مضيفاً أن السلطة إذا استطاعت إدماج وترويض المجموعة الثانية من "شيوخ السلفية الجهادي" المعفى عنها، فإنها ستكون بذلك قد قدّمت نموذجاً ناجحاً ومثالياً داخل العالم العربي في إدماج الإسلاميين المتشدّدين بعد قيامهم بمراجعات فكرية.
اقرأ أيضاً: انطلاق الدورة البرلمانية المغربية: أجندة مثقلة تسبق الانتخابات