وجاءت هذه المعطيات بعدما نشر أحمد الزفزافي، والد قائد الحراك ناصر الزفزافي، بياناً عبر حسابه في "فيسبوك"، يقول إنه تلقى اتصالاً هاتفياً من ابنه السجين، أخبره فيه بتلقيه زيارة وفد رسمي التمس منه وقف الإضراب عن الطعام.
وقال الزفزافي الأب إن ابنه حدّثه في مكالمة هاتفية قصيرة بصوت وصفه بـ"الخافت"، وأخبره أن وفداً رسمياً لم يحدد طبيعته، قد زاره في السجن والتمس منه توقيف إضرابه عن الطعام والماء، "فاشترط عليهم أموراً منها توقيف الإجراء التعسفي المتمثل في وضعه ورفاقه الخمسة في الكاشو (الحبس الانفرادي) وإعادة تجميعهم في ظروف لائقة بالكرامة وتحترم ما تكفله المواثيق الدولية من حقوق".
وختم أحمد الزفزافي بيانه بالقول إن الأسرة تنتظر زيارة ابنه ناصر "للتحقق من وضعيته ومن حالته الصحية ومن الوفاء بهذه الالتزامات، كما نعلن استمرارنا في متابعة ملف التعذيب"، في إشارة منه إلى بيان سابق هدّدت فيه أسر المعتقلين باللجوء إلى الآليات التابعة للأمم المتحدة من أجل التحقيق في احتمال تعرّضهم للتعذيب عقب نشر تسجيل صوتي مطوّل لقائد حراك الريف يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول، بعد تسجيله بواسطة مكالمة هاتفية مع ناصر الزفزافي.
قرب حدوث الانفراج في الأزمة التي تفجّرت بعد إقدام السلطات المغربية على إيفاد لجنة تفتيش طارئة إلى سجن "راس الما"، ثم إنزالها عقوبة الحبس الانفرادي لمدة 45 يوماً بستة من قادة حراك الريف؛ أكدها قريب معتقل آخر، هو محمد أحمجيق.
هذا الأخير قال إن شقيقه نبيل أحمجيق، الذي تم ترحيله إلى سجن مدينة "تيفلت" كإجراء عقابي إلى جانب الحبس الانفرادي، تلقى اتصالا هاتفيا من ناصر الزفزافي، من أجل "التداول في المتعيّن حول معركة الإضراب المفتوح عن الطعام التي يخوضونها، ليقرر بعدها تعليق إضرابه عن الطعام بعد توقيف عقوبة الـ"(كاشو) بحقهم وتجميعهم في ظروف متناسبة وكرامتهم...".
وبدأ التصعيد الأخير مع تسريب تسجيل صوتي للزفزافي يوم الخميس 31 أكتوبر/تشرين الأول، روى فيه تفاصيل جديدة لما اعتبره تعذيباً و"انتهاكاً للعرض" تعرّض له على يد الشرطة. وجدّد قائد حراك الريف (منطقة الحسيمة) الذي اندلع أواخر عام 2016، في تسجيله كذلك، تأكيد موقفه باعتبار منطقة الريف شمال المغرب "ضحية لظلمٍ تاريخي من جانب السلطات"، متبرئاً في المقابل من حادث حرق العلم المغربي خلال مسيرة احتجاجية نُظمت في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في باريس، بدعوة من السجناء.
وإثر التسجيل، أقدمت مندوبية السجون، على إيفاد لجنة تحقيق إلى سجن "رأس الما" في مدينة فاس (شمال المغرب)، متخذة قرارات تأديبية في حق مدير السجن وثلاثة من موظفيه، بالإضافة إلى تحويلها ستة سجناء ممن قادوا احتجاجات منطقة الريف إلى السجن الانفرادي. وتتهم المندوبية هؤلاء بالتمرد وتعنيف الموظفين بالسجن، بعد نشر التسجيل.
في هذه الأثناء، صدرت اتهامات جديدة عن عائلات السجناء، أكدت فيها تعذيب السلطات للسجناء الستة الذين يعتبرون قادة للحراك، مهددة باللجوء إلى الآليات الدولية التي صدّق عليها المغرب.
وقال بيان صادر عن عائلات معتقلي حراك الريف، المرحَّلين سابقاً الى سجن "راس الما"، إنه "بلغ إلى علم العائلات تعرض المعتقلين السياسيين (نبيل أحمجيق، زكرياء أضهشور، وسيم البوستاتي، سمير إغيذ، وناصر الزفزافي)، لتعذيبٍ شديد، مع إجراءات تأديبية قاسية مفتقدة لأي مبرر مقبول، وصلت إلى حد احتجازهم في الكاشو (الحبس الانفرادي) ومنعهم من الزيارة العائلية والحديث عبر الهاتف لمدة 45 يوماً". فيما يعتبر محمد الحاكي سادس المعتقلين المعنيين بهذه الإجراءات.
وكشف البيان أن عائلات المعتقلين الستة تقدمت بطلب عاجل موجه للآلية الوطنية للوقاية من التعذيب التابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، "من أجل وقف التعذيب، وفتح تحقيق عاجل، وإيفاد أطباء شرعيين لمعاينة الحالة الصحية للمعتقلين"، محذراً من أنه "في حال التلكؤ، فإننا سنلجأ للآليات الأممية التي صدّق عليها المغرب، عبر مراسلة وطلب التدخل العاجل للمقرر الأممي المعني بالتعذيب، حفاظاً على حياة أبنائنا وحماية لسلامتهم الجسدية والنفسية".