فيما تُصر الحُكومة على المُضي في تنفيذ مرسوميها المُتعلقين بفصل تكوين الأساتذة عن توظيفهم، وفي المقابل، عزم الأساتذة المُتدربين تصعيد احتجاجاتهم على الرغم من تحذير وزير الداخلية، أطلق إعلاميون ونشطاء مُبادرة لإيجاد حل وسط لهذه الأزمة التي "تهدد قطاع التعليم بالمغرب".
وتسعى المبادرة التي أطلقها حوالي 40 ناشطاً بينهم صحافيون وأساتذة ورجال قانون، وحصل "العربي الجديد" على نسخة منها، إلى "إيجاد أرضية نقاش مشتركة للطرفين"، كما "تتضمّن عناصر أولية قابلة للتطوير وإعادة الصياغة".
وفي هذا الصدد، أوضح الصحافي إسماعيل عزام، أحد الموقعين على المُبادرة، أنها تأتي "حلاً وسطاً لأجل المساهمة في إنهاء هذه الأزمة"، موضحاً أن "استمرار الواقع على ما هو عليه، يهدد بسنة بيضاء، وهو ما سيؤثر سلباً على مدرسة عمومية تعاني أصلاً من مشاكل كثيرة".
وأضاف عزام، "سنة بيضاء تعني عدم توظيف أساتذة مؤهلين من مراكز التكوين، والنتيجة إما إلغاء التوظيف مع ما يتبع ذلك من تزايد حدة الخصاص الذي تعترف به الدولة، أو اللجوء إلى طرق أخرى للتوظيف تتناقض مع توجهات الحكومة".
ودعا عزام الحُكومة المغربية إلى وضع المصلحة العليا للبلاد فوق كُل اعتبار، وأن "تنتبه إلى أن إصرارها على تمرير المرسومين لا يزيد الوضع إلّا احتقانًا"، مُشدداً على أن "الحل هو التشاور وإيجاد حُلول وسطى تضمن الحد الأدنى من الاتفاق بين الجميع".
اقرأ أيضاً: حكومة المغرب تتمسّك بموقفها من الأساتذة
غير مُلزمين
واعتبر الموقعون على المبادرة أن المرسومين الحُكوميين القاضيين بفصل التكوين عن التوظيف بمراكز تكوين الأساتذة "غير مُلزمين" للفوج الحالي، مُعللين ذلك بكون نشرهما في الجريدة الرسمية لم يتم إلا بعد اجتياز الأساتذة المُتدربين جميع مراحل ولوج المراكز، إذ إن "فوج 2015/2016 غير مُلزم بهذه المراسيم، وإنما يخضع للقوانين التي ظلت سارية قبل هذه المرحلة، ومن الإجحاف إلزامه بما لا يُلزمه به القانون، حفاظاً على مبدأ عدم رجعية القاعدة القانونية وتحصيناً للحقوق المكتسبة"، تورد المذكرة.
وعَدّدَ أصحابُ المُبادرة مجموعة من الاعتبارات الاجتماعية الخاصة، الموجبة لسحب المرسومين، على رأسها كون الأساتذة المتدربين "يعيشون ظروفاً نفسية واجتماعية صعبة، فضلاً عن التهديد بسنة بيضاء وما يرافق ذلك من مسّ بحقوق التلاميذ في التعليم، ويزكي الوضعية الحرجة للمدرسة العمومية المغربية"، وأيضاً "المسّ المباشر بحقوق الأساتذة المزاولين حالياً، والراغبين في تغيير مراكز اشتغالهم".
اقرأ أيضاً: المغرب: دمج 288 ألف طالب في نظام التغطية الصحية
تعديل
ودعت المُبادرة الحُكومة إلى إجراء تعديل على قانون المالية الحالي، كما جرى سنة 1992، وذلك من خلال فتح اعتمادات مالية جديدة تُمكّن من إدماج جميع الأساتذة المتدربين المُقدّر عددهم بحوالي 9500 أستاذ، مُعللة ضرورة اعتماد هذا التعديل بـ"الخصاص الموجود في القطاع".
وطرحت المبادرة مُقترحا يقضي بتقسيم مراكز التكوين إلى قسمين، "واحد يُفضي مُباشرة إلى توظيف بأسلاك الوظيفة العمومية"، والثاني يُكوّن أساتذة لأجل التوظيف عبر المباريات العمومية أو العمل في المدارس الخاصة، مع "إلزام المستثمرين في التعليم الخاص من خلال دفاتر تحمّلات، بتشغيل الأساتذة المتدربين بعد تخرجهم بعقود عمل منصفة وبنفس شروط التشغيل في القطاع العام، من حيث الأجور والضمانات، وأن لا تشغّل في مؤسساتها إلا الأساتذة المتخرجين من مراكز التكوين"، تُضيف المُبادرة.
اقرأ أيضاً: تصاعد الاحتجاجات العمالية ضد حكومة بنكيران
ترحيب
من جهته، رحب الكاتب العام للمركز المغربي للأبحاث حول المدرسة يوسف مزوز، بهذه المُبادرة، داعياً إلى تكثيف الجُهود والتسريع برأب الصدع بين الحُكومة والأساتذة المُتدربين.
وقال مزوز في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "المدخل الأساس للوصول إلى حل لهذا الإشكال الذي يعتبر سياسياً وليس قانونياً، هو دعوة كل الفعاليات والغيورين لرأب الصدع وإقناع الجميع ببذل جهود وفتح قنوات التواصل والحوار من أجل تجاوز الأزمة".
ونبّه المُتحدث ذاته من مغبّة "تحجّر" الآراء والمواقف من الطرفين، بحسب قوله، مُشدداً على أن ما يجب أن يُحرك طرفي النزاع هُو "المصلحة العُليا للوطن، والمواطن المغربي، وبالأخص ذلك التلميذ الذي لن يجد أستاذا يُدرّسه، أو في أحسن الحالات قد يدرس بقسم يغلب عليه الاكتظاظ".
بدوره، رحب منسق لجنة الإعلام الوطنية لتنسيقية الأساتذة المُتدربين، جواد بوقرعي، بالمُبادرة، مُعبّراً عن أمله في أن "تحترم استقلالية التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين وتدافع عن المدرسة العمومية باعتبارها قاطرة التنمية في البلاد"، بحسب قوله.
وأوضح بوقرعي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن مطالب الأساتذة المُتدربين واضحة للجميع وتتمثل في إسقاط ما وصفهما بـ"المرسومين المشؤومين"، وذلك "لما فيهما من إجهاز على مكتسبات الشعب المغربي في المدرسة والوظيفة العموميتين والتشجيع على خصخصة التعليم"، بحسب قوله.
اقرأ أيضاً: رئيس الحكومة المغربية ينفي علمه بتعنيف الأساتذة المتدربين