يكاد أي حديث عن تاريخ العراق وفنونه وتراثه، أن يتوقف مطولاً عند المقام العراقي، إذْ مثّل المقام انعكاساً للحياة الاجتماعية، وصورةً صادقة في نقل تأملاتها وانفعالاتها على مر الأزمنة.
قارئ المقام والباحث في الموسيقى العراقية، حسين الأعظمي، يقسم المقام إلى خمسة عناصر أساسية يعتمد عليها كل مقام على حدة في بنائه اللحني والموسيقي. ويذكر الأعظمي في كتابه "غناء المقام العراقي بأصوات النساء"، أن التحرير هو الاستهلال لغناء أحد المقامات، ويأتي هذا الاستهلال، غالبًا، بكلمات وألفاظ خارجة عن النص الشعري المغنى، مثل "أمان أمان"، أو "ويلاه ويلاه". أما القطع والأوصال، فهي التحولات السلمية أو الأجناس الموسيقية ضمن علاقات لحنية متماسكة، والعودة دائماً إلى سلم المقام المغنى. وهذه التحولات أو القطع، هي ذات أشكال ثابتة ومحددة في مساراتها اللحنية. ثم تأتي الجلسة، وهي النزول إلى الدرجات الموسيقية المنخفضة بأسلوب القرار، ولكن بمسار لحني مُحدّد ذي شكل معين. ومن ثم الميانة، ويأتي غناؤها بطبقة صوتية عالية بعد الجلسة مباشرة، وهي ذات شكل ومسار لحني معين، على أن هذه الجوابات، أو هذه الميانات، ليس من الضروري جداً أن تسبقها جلسة، فقد تأتي كصيحات غنائية عالية لها مقومات الميانة، دون الحاجة إلى أن تسبقها جلسة. وتختتم قراءة المقام بالتسليم، وهو نهاية المقام، ويأتي غالباً بألفاظ أو كلمات غنائية خارج النص الشعري، شأنه في ذلك شأن ما يحدث في التحرير.
يقول الباحث والموسيقي، محمد حسين كمر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ الظروف غير الطبيعية في العراق، نتيجة عدم وجود الرجل المناسب في المكان المناسب، وعدم الاهتمام بالمجالات الثقافية والفنية، وبشكل خاص بتراثنا المادي واللامادي، هي الأسباب الرئيسية التي ستضيع كل شيء جميل يمت للثقافة والفنون بصلة، وعلى رأس القائمة المقام العراقي. وهذا عكس ما يحصل بالدول المتحضرة التي تهتم بتنظيم مهرجانات تُعنَى بموسيقى وتراث الشعوب، والتي لها الدور المهم في نشر التراث الموسيقي في جميع المحافل الدولية.
كَمر، الذي أسس مؤسسة المقام العراقي بدعم وتشجيع من المؤسسات الثقافية الهولندية، يعمل على مشاريع لحفظ المقام العراقي، وذلك بدعم كبير من اليونسكو التي اعتبرت المقام العراقي جزءاً من التراث الإنساني، وكذلك من "الصندوق العربي للثقافة والفنون"، إذْ اعتبروا المقام العراقي جزءاً من التراث العربي، كما تقيم المؤسسة حفلات بمختلف دول العالم بمصاحبة سيدة المقام العراقي، فريدة محمد علي. ويضيف كَمر أن هناك مجموعة رائعة من قراء المقام، كالدكتور حسين الأعظمي وسعد الأعظمي وحامد السعدي، الذين يقومون بدعم المشروع من خلال خبراتهم الأكاديمية. مُوضِّحاً أنّ الحكومة العراقية، مُتمثّلة بوزارة الثقافة ودائرة الفنون الموسيقية، لم تقدِّم أيّ دعمٍ للمشروع، على الرغم من صرف ملايين الدولارات على مشاريع لا تُقدِّم ولا تُؤخِّر عام 2013 ضمن احتفالية بغداد عاصمة الثقافة العربية.
تقول سيدة المقام العراقي، فريدة محمد علي، إن عدد محترفي المقام العراقي، بدأ يتناقص في الفترة الأخيرة. وإذا ما استمر الحال على هذا المنوال، فإن ناقوس الخطر سيدقّ لاندثار هذا التراث.
وتؤكد فريدة لـ"العربي الجديد"، أنّ المتبقين من قراء المقام المحترفين هم الدكتور حسين الأعظمي، وسعد الأعظمي، وحامد السعدي، إضافة إلى مجموعة من الأصوات الشبابية التي استمرَّت في الحفاظ على هذا اللون، منهم صباح هاشم وطه غريب وقيس الأعظمي وستار ناجي. وتوضح السيدة فريدة أن "الحفلات التي نقيمها في مختلف بلدان العالم، وخاصة العربية، تشهدُ إقبالاً كبيراً لسماع التراث الموسيقي العراقي بمختلف تسمياته وأنماطه، وخاصة المقام، ونلاحظ تفاعلاً كبيراً للجمهور مع المقام".
العازف في الفرقة السيمفونية العراقية، الحسن سليم، يقول في حديث لـ"العربي الجديد"، إن من أهم المقامات العراقية الثقيلة والمعقدة "الإبراهيمي" و"المنصوري"، وهما ذوا أصول ومضامين تاريخية، ويغنى الأخير بالذات بالشعر الفصيح، وكذلك الحجاز والبيات. أما السيكاه والمحمودي والناري والنوى والأفشار والكرد، فتغنى بالشعر الزهيري.
ويلفت الحسن في حديثه إلى أن المقامات كانت تزيد على الثمانين مقاماً، وقد أهمل الكثير منها لأسباب متعددة، لأنها ناقصة من الناحية الفنية مثلاً، أو لكونها متشابهة. ويضيف الحسن أنّ هناك محاولات شابة كثيرة من داخل العراق وخارجه لتطوير ومزج التراث العراقي بالمدارس والأنماط الموسيقية العالمية كالجاز والميتال، إلا أنّ هذه المحاولات لم تقترب حتى من تحقيق النجاح، لصعوبة المقام العراقي من جانب، وعدم توفر الدعم للبحوث الاختصاصية لهذا التراث من جانب آخر.
ومثل كل مفاصل الحياة الثقافية في العراق، طاولت الفوضى المقام العراقي ليصبح قريباً من طي النسيان بعد أن ماتت طقوسه التي كان يحتفي بها العراقيون، مثل أمسيات المتحف البغدادي الأسبوعية التي كان يحييها أبرز قراء المقام العراقي، وكذلك سهرات الجالغي البغدادي التي كانت تقام في "خان مرجان" الأثري في شارع الرشيد، ناهيك عن معهد الدراسات النغمية المعني بدراسة المقام العراقي، والذي أصبح على وشك مغادرة دائرة الاهتمام، نتيجة الإهمال الرسمي لهذا الفن العراقي الأصيل.
يقول الباحث والموسيقي، محمد حسين كمر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ الظروف غير الطبيعية في العراق، نتيجة عدم وجود الرجل المناسب في المكان المناسب، وعدم الاهتمام بالمجالات الثقافية والفنية، وبشكل خاص بتراثنا المادي واللامادي، هي الأسباب الرئيسية التي ستضيع كل شيء جميل يمت للثقافة والفنون بصلة، وعلى رأس القائمة المقام العراقي. وهذا عكس ما يحصل بالدول المتحضرة التي تهتم بتنظيم مهرجانات تُعنَى بموسيقى وتراث الشعوب، والتي لها الدور المهم في نشر التراث الموسيقي في جميع المحافل الدولية.
كَمر، الذي أسس مؤسسة المقام العراقي بدعم وتشجيع من المؤسسات الثقافية الهولندية، يعمل على مشاريع لحفظ المقام العراقي، وذلك بدعم كبير من اليونسكو التي اعتبرت المقام العراقي جزءاً من التراث الإنساني، وكذلك من "الصندوق العربي للثقافة والفنون"، إذْ اعتبروا المقام العراقي جزءاً من التراث العربي، كما تقيم المؤسسة حفلات بمختلف دول العالم بمصاحبة سيدة المقام العراقي، فريدة محمد علي. ويضيف كَمر أن هناك مجموعة رائعة من قراء المقام، كالدكتور حسين الأعظمي وسعد الأعظمي وحامد السعدي، الذين يقومون بدعم المشروع من خلال خبراتهم الأكاديمية. مُوضِّحاً أنّ الحكومة العراقية، مُتمثّلة بوزارة الثقافة ودائرة الفنون الموسيقية، لم تقدِّم أيّ دعمٍ للمشروع، على الرغم من صرف ملايين الدولارات على مشاريع لا تُقدِّم ولا تُؤخِّر عام 2013 ضمن احتفالية بغداد عاصمة الثقافة العربية.
تقول سيدة المقام العراقي، فريدة محمد علي، إن عدد محترفي المقام العراقي، بدأ يتناقص في الفترة الأخيرة. وإذا ما استمر الحال على هذا المنوال، فإن ناقوس الخطر سيدقّ لاندثار هذا التراث.
وتؤكد فريدة لـ"العربي الجديد"، أنّ المتبقين من قراء المقام المحترفين هم الدكتور حسين الأعظمي، وسعد الأعظمي، وحامد السعدي، إضافة إلى مجموعة من الأصوات الشبابية التي استمرَّت في الحفاظ على هذا اللون، منهم صباح هاشم وطه غريب وقيس الأعظمي وستار ناجي. وتوضح السيدة فريدة أن "الحفلات التي نقيمها في مختلف بلدان العالم، وخاصة العربية، تشهدُ إقبالاً كبيراً لسماع التراث الموسيقي العراقي بمختلف تسمياته وأنماطه، وخاصة المقام، ونلاحظ تفاعلاً كبيراً للجمهور مع المقام".
العازف في الفرقة السيمفونية العراقية، الحسن سليم، يقول في حديث لـ"العربي الجديد"، إن من أهم المقامات العراقية الثقيلة والمعقدة "الإبراهيمي" و"المنصوري"، وهما ذوا أصول ومضامين تاريخية، ويغنى الأخير بالذات بالشعر الفصيح، وكذلك الحجاز والبيات. أما السيكاه والمحمودي والناري والنوى والأفشار والكرد، فتغنى بالشعر الزهيري.
ويلفت الحسن في حديثه إلى أن المقامات كانت تزيد على الثمانين مقاماً، وقد أهمل الكثير منها لأسباب متعددة، لأنها ناقصة من الناحية الفنية مثلاً، أو لكونها متشابهة. ويضيف الحسن أنّ هناك محاولات شابة كثيرة من داخل العراق وخارجه لتطوير ومزج التراث العراقي بالمدارس والأنماط الموسيقية العالمية كالجاز والميتال، إلا أنّ هذه المحاولات لم تقترب حتى من تحقيق النجاح، لصعوبة المقام العراقي من جانب، وعدم توفر الدعم للبحوث الاختصاصية لهذا التراث من جانب آخر.
ومثل كل مفاصل الحياة الثقافية في العراق، طاولت الفوضى المقام العراقي ليصبح قريباً من طي النسيان بعد أن ماتت طقوسه التي كان يحتفي بها العراقيون، مثل أمسيات المتحف البغدادي الأسبوعية التي كان يحييها أبرز قراء المقام العراقي، وكذلك سهرات الجالغي البغدادي التي كانت تقام في "خان مرجان" الأثري في شارع الرشيد، ناهيك عن معهد الدراسات النغمية المعني بدراسة المقام العراقي، والذي أصبح على وشك مغادرة دائرة الاهتمام، نتيجة الإهمال الرسمي لهذا الفن العراقي الأصيل.