لم تعد عبارة "اليوم نغزوهم ولا يغزوننا"، التي أطلقها قبل أشهر قليلة القيادي البارز في حركة "حماس"، محمود الزهار، مجرد شعار، بل تحولت إلى واقع على الأرض جسّدته "كتائب الشهيد عز الدين القسام"، من خلال عمليات نوعية تسلّل خلالها مقاوموها إلى العمق الإسرائيلي.
ولا يزال جيش الاحتلال وألويته السبعة المنوط بها تنفيذ الاجتياح البري، عاجزين عن التقدم في المناطق الحدودية، إذ إنهم لا يزالون يتمترسون قبالة الحدود. وتبلغ المسافات التي تمكنوا من التوغل عبرها من 100 إلى 400 متر فقط، علماً أن التوغل في هذه المناطق سهل من الناحية الأمنية، لأنها أراضٍ فارغة وقليلة السكان والمنازل.
وفي إسرائيل، بات الصوت مرتفعاً لإيجاد مخرج من الوحل الذي وقع فيه الجيش بإيعاز من السياسيين. ويقول خبراء إسرائيليون إن العلمية البرية التي كان منوطاً بها وقف الصواريخ واكتشاف الأنفاق، لم تحقق شيئاً، لكن الجديد الذي باتوا يعلنونه ولا يخفونه، هو تمكّن "كتائب القسام" من التوغل في الأراضي المحتلة ما بين 2 إلى 3 كيلومترات.
وأعلنت "القسام"، مساء السبت، عن تسلّل مقاومين من "وحدة النخبة" عبر نفق خلف خطوط العدو في منطقة الريان في محيط صوفا، جنوب شرق خانيونس، جنوب قطاع غزة. وهو التسلل السابع منذ بدء معركة "العصف المأكول" التي أطلقتها ضد العدوان الإسرائيلي.
وقالت "القسام" إن مقاوميها باغتوا جنود الاحتلال واشتبكوا معهم من مسافة متر ونصف، ونقلت عن مقاوميها الذين عادوا بسلام إلى قواعدهم بغزة، أن الاشتباكات قتلت خمسة جنود بالرصاص (ثلاثة إصاباتهم في الرأس واثنان في مناطق مختلفة من الجسم).
وقبل ذلك، تمكنت إحدى وحدات القسام المختارة، وعديدها 12 مقاوماً، من التسلّل إلى موقع "أبو مطيبق" العسكري، من خلال عملية إنزال خلف خطوط العدو، وتوزعوا إلى أربعة كمائن، ومكثوا ست ساعات بانتظار قوات الاحتلال.
وذكرت "القسام" أن مقاوميها كان باستطاعتهم خلال هذه الفترة اقتحام أيٍّ من المستوطنات المحيطة بالمنطقة، ولكنهم آثروا الاصطدام مع قوات جيش الاحتلال "وتلقينه درساً عملياً من خلال المواجهة المباشرة، للانتقام من جنوده والدوس على رؤوسهم، ثأراً لدماء شهدائنا الأبرار الذين سفك المحتل دماءهم خلال عدوانه على القطاع وخصوصاً دماء الأطفال الأبرياء".
وبينّت "القسام" أنه، وفور وصول إحدى دوريات الاحتلال المكوّنة من أربعة جيباتٍ عسكريةٍ، قامت كمائن المقاومين الأربعة بمهاجمتها، وتمكنوا من إبادة (تدمير) ثلاثة جيباتٍ، وأجهزوا على كل مَن كان بداخلها من مسافة صفر، فيما فرّ الجيب الرابع من المنطقة مذعوراً بعد الاشتباك معه.
وغنمت "القسام" بنادق من جنود الاحتلال المقتولين، ووعدت بعرض صورها في وقت لاحق، وأعلنت أنها قتلت ستة من الجنود والضباط الإسرائيليين في العملية. واستشهد في العملية أحد مقاومي "القسام"، وعاد الأحد عشر الآخرون إلى قواعدهم.
في غضون ذلك، كشف مصدر موثوق في "القسام"، لـ"العربي الجديد"، أن عملية موقع "أبو مطيبق" العسكري كانت تستهدف أسر جنود إسرائيليين، وأن ذلك كان مستحيلاً في ظل حجم التعزيزات العسكرية الإسرائيلية التي وصلت إلى المكان.
وفي وقت لاحق، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية إن عناصر "القسام" اصطحبوا معهم أثناء التسلّل إلى داخل الأراضي المحتلة، "كلبشات بلاستيكية" (أصفاد) ومادة تخدير لخطف الجنود.
في السياق، تمكنت "سرايا القدس"، الذراع العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، من قصف مدينة تل أبيب بصاروخين من طراز "براق 70"، رغم التحليق المكثف للطيران الحربي والاستطلاعي في سماء المنطقة التي انطلقت منها الصواريخ.
ودوّت صافرات الإنذار أكثر من 38 مرة، مساء السبت، في الأراضي المحتلة والمدن الرئيسية في دولة الاحتلال، نتيجة استمرار تساقط الصواريخ على إسرائيل.
في هذه الأثناء، قال المتحدث العسكري باسم سرايا القدس، "أبو أحمد"، إن الاحتلال في ورطة معقدة وهو بحاجة إلى مَن يساعده للخروج من هذا المأزق الكبير الذي وضعته المقاومة فيه، وفق ما جاء في الموقع الالكتروني للسرايا على شبكة الانترنت.
وذكر أبو أحمد أن مقاتلي السرايا تمكنوا من الاستيلاء على رشاش الدبابة المستهدفة في بيت حانون. كما أن استخبارات السرايا تمكنت من اعتراض مكالمة لاسلكية بين وحدات الإسناد والقوات المتقدمة للجيش الإسرائيلي تؤكد وجود قتلى.