الملاذات الضريبية... أبرز الشخصيات العربية والغربية في "وثائق بارادايز"

لندن

إياد حميد

إياد حميد
07 نوفمبر 2017
BA7EAD8C-2B9B-48DB-AC2C-0F0EDCC4D8CE
+ الخط -
ظهرت إلى العلن أخيراً الملايين من الوثائق المسربة والتي تعرف بمجملها باسم "وثائق بارادايز" (أوراق الجنة). وتشمل هذه الوثائق 13.4 مليون ملف تكشف حجم التعاملات المالية في الملاذات الضريبية، وكشفت عن تورط ملوك ووزراء ورجال أعمال وسياسيين حول العالم.

ما هي هذه الوثائق؟ وكيف ظهرت إلى العلن؟

يشير اسم وثائق بارادايز إلى 13.4 مليون ملف منها 6.8 ملايين تعود لشركة قانونية تقدم خدمات مالية تعمل في عدة دول تحت اسم "أبلباي". كما تضم الملفات تفاصيل عن شركات تحتفظ بها الحكومات في سجلات سرية في دول مثل لبنان ومالطا والعديد من دول الكاريبي مثل الباهاما وبرمودا. تغطي هذه الوثائق السنوات الممتدة بين 1950 و2016.

وكانت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية، وهي التي كانت قد حصلت على وثائق بنما مسبقاً، قد وصلت إلى الوثائق عبر مصدر سري رفضت الإفصاح عنه. وتشارك الصحيفة هذه الوثائق مع المجلس الدولي للصحافيين، وهي مؤسسة مقرها الولايات المتحدة تنسق الجهد الدولي في متابعة القضية، حيث يعمل على فرز الوثائق نحو 381 صحافياً من 67 دولة.

وتكشف هذه الوثائق عن أن حجم رؤوس الأموال المخفية في حسابات خارج البلاد أكثر تعقيداً وضخامة مما توقعه البعض. وتعكس الوثائق عدة طرق يستخدمها الأفراد والشركات لتفادي الضرائب باستخدام بنى وهمية. هذه الإجراءات قد تكون قانونية إن تم تنفيذها بشكل صحيح، ولكن يبدو أن العديدين لا يلتزمون بهذه المعايير.

أبرز الأسماء التي طاولتها الكشوفات؟

وتكشف الوثائق عن حسابات وتعاملات مالية تطاول العديد من الشركات، مثل فيسبوك، والأفراد مثل الملكة إليزابيث الثانية، ملكة بريطانيا، ووزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، إضافة إلى عدد من الشخصيات العربية مثل رامي مخلوف، الواجهة المالية لإمبراطورية عائلة الأسد، والأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز، نائب وزير الدفاع السعودي السابق.

بشار الأسد ورامي مخلوف

يظهر اسم رامي مخلوف، الذي يعد الواجهة المالية لعائلة الأسد التي يتزعمها رئيس النظام السوري بشار الأسد، كحامل لأسهم أربع شركات لبنانية جرى تأسيسها بين عامي 2001 و2003، قبل أن تنسحب القوات السورية رسمياً من لبنان في 2005، بعد 29 عاماً من الاحتلال العسكري. تعد ثلاث من هذه الشركات استثمارية بينما الرابعة، "شركة الشرق الأوسط القانونية"، فتصف نفسها  بأنها شركة تختص بالتفاوض وتوقيع العقود خارج لبنان. تكشف السجلات عن أن مخلوف عضو مؤسس في ثلاث من هذه الشركات. ورفض الأخير التعليق على هذه التسريبات.

(https://www.documentcloud.org/documents/4164646-Middle-East-Law-Firm-SAL-Makhlouf.html) إحدى الوثائق.




الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز

تصف وثائق أبلباي أن الأمير خالد كان المستفيد من عدة شركات في التسعينيات وأوائل القرن الحالي. وسجل الأمير خالد نحو ثماني شركات بين عامي 1989 و2014 في برمودا، وبعضها كان لتثبيت ملكية بعض اليخوت والطائرات. وتذكر الوثائق امتلاك شركة أكتايون والتي مقرها الجزيرة الكاريبية يختاً ضخماً، بينما تمتلك شركة أخرى أصولاً قدرت بنحو 51 مليون دولار عام 1992، وحصلت على تمويلها من تشغيل اليخت "غولدن أوديسي". كما امتلكت هذه الشركة خدمة التاكسي المائية في مدينة البندقية "سيرينيلا".

(https://www.documentcloud.org/documents/4146888-Acorn-Trust-and-Minstrel-Trust-Prince-Khaled.html)


مضر غسان شوكت

مضر شوكت، وهو العضو السابق في البرلمان العراقي في فترة الاحتلال الأميركي، وأحد مؤسسي جبهة الخلاص الوطني. ويمتلك شوكت جواز سفر كنديّاً ويستخدم عناوين بريطانية ولبنانية في تعاملاته، ويمتلك أيضاً أسهماً في شركات تتخصص في قطاعات الصناعات التقنية والاتصالات. وعمل شوكت بعد سقوط صدام حسين مع أحمد جلبي، نائب رئيس الوزراء العراقي السابق.

وكانت شركة أبلباي قد رفضت التعامل مع جلبي وابنه علي عام 2008، للقيام بصفقة قيمتها 140 مليون دولار مع شركة اتصالات كويتية، لتعود وتقبل بالأمر في العام ذاته.

وأسست أبلياي مجموعة باشن غروب لصالح عائلة شوكت وسجلتها في ثلاث شركات في جزر فيرجن البريطانية في الكاريبي. ولكن أبلباي انتبهت متأخرة لعلاقات شوكت بالجلبي وهو ما جعلها "تشك" في هذه التعاملات، ولكن الشركة تابعت توفير الخدمات لشوكت رغم ذلك.

وتكشف الوثائق امتلاك شوكت لعدد من الأسهم في رخصة سيارات بيجو في العراق، إضافة إلى شركتين طبيتين. إلا أن محامي شوكت نفى امتلاكه أي مصلحة أو سيطرة على هذه الشركات ونفى تعامله مع الجلبي.

https://www.documentcloud.org/documents/4156865-Passion-Group-Trust-Shawkat.html


الملكة نور الحسين

الملكة الأردنية المولودة في الولايات المتحدة، زوجة الملك الأردني الراحل حسين بن طلال، يشار إليها أحيانا باسم "السيدة أردن "أو" السيدة. براون "في قاعدة بيانات أبلياي.

بحسب الوثائق فإن الملكة تستفيد من اثنين من المؤسسات الائتمانية المسجلة في جزيرة جيرسي، وفقا لوثيقة مؤرخة في أكتوبر 2015، وتظهر الملفات المسربة إن إحدى هاتين الشركتين (the Valentine 1997 Trust)، قدرت قيمة التعاملات فيها بأكثر من 40 مليون دولار في عام 2015، يدفع دخلها إلى الملكة طوال حياتها.

وتمتلك المؤسسة أيضا ممتلكات في جنوب انجلترا المتاخمة لحديقة باكهورست، حيث تقيم الملكة، وتقع على عاتقها مسؤولية حفظ المباني "نظيفة ومرتبة" وكذلك "الديكور الداخلي".

ولتقليل الضرائب على الميراث على ممتلكات الملكة عند وفاتها، اعتبر الأمناء في عام 2013 اقتراض المال واستخدام حديقة باكهورست كضمان. ومن شأن هذا الترتيب أن يقلل من القيمة السوقية للممتلكات ويقلل من ضرائب الميراث، وفقا للملاحظات الداخلية. وليس من الواضح ما إذا كانت الفكرة قد نفذت.

ووفقاً للوثائق فإن الشركة الأخرى هي الشركة المستثمرة في جيرسي، التي تملك أصولا تبلغ قيمتها حوالي 18.7 مليون دولار في عام 2015.

وقال متحدث باسم الملكة نور لـ"إيسيج" إن "جميع الوصايا التي وجهها لها الملك الراحل الملك حسين وأولادها كانت تدار دائما وفقا لأعلى المعايير الأخلاقية والقانونية والتنظيمية". غير أنه لم يرد على أسئلة مفصلة حول أصول الملكة البحرية.

 

أولاد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم

إيركام وبولنت يلدريم هم أبناء بن علي يلديرم الكبار، رئيس وزراء تركيا منذ مايو 2016. عائلة يلدريم جعلت ثروتها في صناعة النقل البحري. يعمل إركام نشاطه التجاري الخاص.

الإخوة يلدريم هم المساهمين الوحيدين لشركتين مسجلتين في مالطا. وقد تم تأسيس شركة هوك باي مارين المحدودة في أبريل 2004. وتشير السجلات العامة إلى أن الشركة تمتلك أو تدير سفن الشحن. وقد تم تأسيس شركة بلاك إيجل مارين المحدودة في يناير 2007. وتظهر السجلات أن إيركام، الذي كان المساهم في الأغلبية، هو أيضا مدير كلا الشركتين، وقد أدرجت الشركات في سجل مالطة للشركات في أكتوبر 2017.

ولم يرد إركام وبولنت يلدريم على هذه التسريبات.

أما من بين الشخصيات الغربية فتبرز الأسماء التالية:

الملكة البريطانية إليزابيث الثانية

وتكشف الوثائق استثمار صندوق دوقية لانكاستر الذي يدير أموال الملكة بنحو 7.5 ملايين دولار في شركات خارج البلاد. وتكمن الانتقادات في استثمار الصندوق الأموال في شركة تعرف باستغلالها الفقراء من البريطانيين، حيث تبيعهم الأدوات المنزلية بفوائد تصل إلى نحو 99.9 في المائة. هذا ولا تحتاج الملكة إلى الكشف عن إيراداتها وليست ملزمة بدفع الضرائب للدولة البريطانية.

شخصيات في إدارة ترامب

وتضمنت التسريبات أيضاً عدداً من المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي كان قد وعد خلال حملته الانتخابية بإصلاح النظام الضريبي الأميركي.

ومن بين هذه الشخصيات غاري كون وهو كبير مستشاري ترامب الاقتصاديين، والذي يقف وراء الإصلاح الاقتصادي الذي يريده ترامب. وتكشف الوثائق امتلاكه العديد من الاستثمارات في برمودا بين عامي 2002 و2006.

كما تذكر الوثائق اسم وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، كمدير لشركة نفطية في الشرق الأوسط والتي يحيطها الكثير من الجدل. وكان تيلرسون قد ترأس شركة تعاملت مع عملاق النفط والغاز الأميركي إيكسون موبيل. وكان تيلرسون حينها رئيس فرع إيكسون موبيل في اليمن. وتمكنت إيكسون موبيل عبر معارف تيلرسون من استثمار آبار النفط في مأرب غربي اليمن في أواسط الثمانينيات.

ومع تأميم عمليات التنقيب عن الغاز في اليمن وانتهاء عقد إيكسون موبيل عام 2005، طالبت الشركة بحقوق التنقيب في اليمن، ورفعت دعوى ضده ولكن المحكمة الدولية حكمت لصالح اليمن.

كما شملت التسريبات أسماء أخرى مثل المرشح السابق عن الحزب الجمهوري، بن كارسون، والسفير الأميركي إلى روسيا، جون هنتسمان.

ما مدى قانونية هذه التعاملات؟

تعد الحسابات المالية الخارجية من هذا النوع منفذاً لرؤوس الأموال، وقد نمى هذا النوع من التعاملات المالية بشكل هائل منذ السبعينيات، حين كان البعض يلجأون لهذه التعاملات لحماية أموالهم من الأنظمة الفاسدة في الدول غير المستقرة، أو لتجنب التذبذب في أسعار صرف العملات.

إلا أن نقص الشفافية في هذه التعاملات، إضافة إلى المزايا الضريبية التي تمنحها حسابات الاستثمار في دول الملاذات الضريبية، أعطت الأغنياء خياراً قانونياً لحماية استثماراتهم من الضرائب.

وتكشف الوثائق كيف يمكن للعديد من أغنياء العالم حماية ممتلكاتهم في شركات لا تحمل أسماءهم، حيث يستطيعون شراء البضائع الفاخرة والمنازل بأسعار ضئيلة، أو الاستثمار في شركات تخضع لضرائب ضئيلة جداً.

أغلب هذه التعاملات قانوني، ولكن قانونيتها تعد المشكلة الرئيسية فيها. فالنقطة هنا كما ذكرها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما: "أغلب هذه الأمور قانوني". ولكن السؤال يكمن في مدى العدالة فيها.

وهو ما دفع جيريمي كوربن، رئيس حزب العمال البريطاني، للقول إن هذه التعاملات تعكس الفروقات بين عالمي الأغنياء والفقراء، حيث توجد "قوانين للأغنياء وقوانين للآخرين". 

ذات صلة

الصورة
عمال إنقاذ وسط الدمار الناجم عن غارة جوية على غزة، 7 نوفمبر 2024 (Getty)

سياسة

زعمت القناة 12 العبرية، أمس الاثنين، أن الإدارة الأميركية قدّمت للسلطة الفلسطينية مقترحاً بشأن الإدارة المستقبلية لقطاع غزة
الصورة
لونا الشبل (تويتر)

سياسة

نعت رئاسة النظام السوري المستشارة لونا الشبل التي توفيت اليوم الجمعة بعد أيام من تعرضها لحادث سير نقلت على أثره إلى العناية المركزة
الصورة
جنديان أميركيان يطلبان الاستنكاف ضميرياً بسبب حرب غزة (لقطة شاشة)

سياسة

يثير الدعم الأميركي المستمرّ للاحتلال الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة انتقادات واسعة داخل الإدارة الأميركية، بدأت تنسحب على جنود في الجيش الأميركي.
الصورة
مظاهرة ضد "هيئة تحرير الشام" في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

تظاهر مئات السوريين، اليوم الجمعة، وسط مدينة إدلب شمال غربي سورية، حاملين شعارات تطالب بتنحي قائد "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني، والإفراج عن المعتقلين