الملحمة الكبرى

22 أكتوبر 2016
معركة حلب مصلحة للمعارضة (إبراهيم أبو ليث/الأناضول)
+ الخط -

تبدو أحاديث رموز المعارضة السورية المسلحة عن خطط من أجل فك الحصار عن القسم الشرقي المحاصر من مدينة حلب، مغامرة ربما تكون في محلها، نظراً لضيق الخيارات ما بين الاستسلام المهين، والقتال حتى النهاية.

ولا يدخل مصطلح مغامرة هنا في باب التشكيك بالقدرة على مواجهة النظام، المدعوم روسياً، إذ إن هذه الفصائل، في الشهباء خصوصاً، فعلت ما لم يتخيل عقل أن تفعله، في مواجهة ثلاثة جيوش، هي روسيا والنظام السوري وإيران، فضلا عن مليشيات "حزب الله" وعشرات التنظيمات العراقية والأفغانية... إلا أن الحديث عن التحضير لملحمة كبرى ستقلب الموازين في حلب، قبل حدوث المعركة، يحصل اليوم في الوقت الذي يتم فيه الحديث عن استقدام الروس لأكبر قوة عسكرية لهم منذ انتهاء الحرب الباردة إلى السواحل السورية، من أجل حسم الأمور في حلب، وفي الوقت الذي تتحدث فيه تركيا، الداعم الرئيسي للمعارضة وخط إمدادها الوحيد من الشمال، عن تسوية مع روسيا بشأن حلب.

يبدو الحديث من قبل قادة فصائل المعارضة عن معركة كبرى، وبهذا الحماس الذي ذهب ببعضهم إلى أنها قد تؤدي إلى استعادة كامل مدينة حلب من النظام، وكأنه ضوء أخضر نظري من الغرب للمعارضة بمحاولة كسر العنجهية الروسية التي تسعى لتحقيق أهداف عدة من خلال عمليتها العسكرية في حلب، والتي يأتي في آخرها تحقيق انتصار للنظام، فيما أولويات أهداف موسكو من معركة حلب هي الوقوف نداًّ لواشنطن، وتوجيه رسالة للاتحاد الأوروبي بأن روسيا لا تزال قوة عظمى في العالم توازي القوة الأميركية، بالإضافة إلى هدف تجريب بعض أنواع الأسلحة المتطورة بشكل عملي، مستغلة انشغال الولايات المتحدة بشأنها الداخلي الانتخابي.

بالاستناد إلى كل تلك المعطيات، يبدو من الصعب التكهن بنتيجة ما ستسفر عنه المواجهة العسكرية بين النظام والمعارضة، إلا إذا كان هناك قرار أميركي بتجهيز المعارضة بما يضمن تحقيق نصر على النظام وضمان كسر هيبة الروس في المنطقة، وهو أمر فيما لو حصل فعلياً فإن من شأنه أن يرفع معنويات المعارضة في حلب وفي كل الجبهات الأخرى، كما يساهم بتوحيد بعض الفصائل التي لا تزال تتصارع في ما بينها، والأهم أنه يساعد المعارضة المسلحة في طرح نفسها كطرف مقبول أميركياً وغربياً في الحل السياسي الذي سيتم العمل عليه في المستقبل، خاصة بعد انتهاء دور قوات "وحدات حماية الشعب" الكردية بالنسبة إلى معظم الأطراف الداعمة لها.
فالمعركة في حلب، وإن كانت معركة أميركية روسية بامتياز، إلا أنها مصلحة للمعارضة في حال توافرت لها أسباب النجاح.