المؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر، التي تتعرض لضغوط كبيرة، قد تودي إلى انهيار بعضها بسبب إجراءات تعطيل الأعمال لمكافحة انتشار الوباء.
ودعا أصحاب العمل، وفق تقرير أصدره مركز "تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان"، اليوم الاثنين، الحكومة لمساعدتهم في تخطي الأزمة، بأن تدفع مؤسسة الضمان الاجتماعي جزءاً من رواتب العاملين، ومنحهم تسهيلات للحصول على قروض، وتخفيض الضرائب، أو وقفها لمدة 6 أشهر، وتأجيل الدفعات البنكية للقروض لنحو عام.
وكشف التقرير عن أن إيرادات هذه المؤسسات تضررت جراء إغلاقها بسبب حظر التجول، منذ نحو 3 أسابيع، الذي أدى إلى انخفاض الطلب، وتوقف سلاسل الإنتاج المساندة لها، وانعدام أي مردود مالي، أو مخصصات، تغطي التزامات أصحابها، من أجور محال ومكاتب ومستودعات وعاملين، وتغطية فواتير الكهرباء والماء، والمواد الأولية، والإنتاجية، والتزاماتهم الأسرية.
وأشار إلى أن هذه المؤسسات تعاني أساسا من صعوبات اقتصادية جمة،، لكنها اليوم تعيش أسوأ أوضاعها، وتتطلع لأن تسهم الحكومة بإيجاد آليات لحمايتها من التعرض لخسائر كبيرة أو الانهيار.
"منذ بداية الأزمة لم يدخل جيبي دينار واحد، أغلقت محل الحلاقة الذي أعمل فيه، وهو مصدر رزقي الوحيد"، هذا ما قاله إياد، صاحب صالون حلاقة، كاشفا أن هناك عاملين في صالونه، يتقاضى كل منهما 250 ديناراً شهريا (352.5 دولارا)، لكنه دفع لهما نصف أجرتيهما عن مارس/ آذار الماضي، بسبب توقف العمل.
ويتساءل إياد عما سيجري له في الأيام المقبلة، وكيف سيتمكن من تسديد أجرة صالونه الذي تراكمت عليه، بالإضافة لتغطية أجور عامليه لاحقا، ولما يتوجب عليه من تلبية لاحتياجات أسرته.
صاحب عمل آخر، يعمل في مؤسسته 52 موظفا، مجمل رواتبهم الشهرية 60 ألف دينار، توقفت أعماله كافة، من تشغيل وصيانة لمشاريع منفذة وأخرى تحت التنفيذ، ما يرتب عليه غرامات تأخير، وهذا سيؤثر على أجور عامليه، لعدم تمكنه من دفعها لهم، في حال عدم حصوله على أموال ممن ينفذ لهم مشاريع.
قصتان من عشرات القصص، التي تفيد بأن أصحاب عمل في هذه القطاعات الصغيرة لن يتمكنوا حاليا من تسديد أجور عمالهم، ما سيضطرهم لتخفيضها، أو إنهاء خدماتهم، تحت ذريعة أنه في حال فصلوا عمالا، فبسبب الظروف الاستثنائية التي تمر به البلاد، ويرون أن ذلك ليس تعسفيا.
ووفق التقرير الحقوقي، فإن القطاعات التي تعمل فيها المرأة، أيضا، تعرضت لخسائر كبيرة، ومن المهن التي لحقها الضرر على نحو كبير، الصالونات النسائية ومراكز التجميل، جراء إغلاقها وتراجع الزبائن، وصاحبات العمل في المطابخ الإنتاجية تضررن أيضا من الأزمة، فعملهن يعتمد على الطلبات، وفي ظل التعطيل ألغيت هذه الطلبات، فانعدمت مداخيلهن.
كما تعرض أصحاب المطاعم الصغيرة لما تعرضت له صاحبات المطابخ الإنتاجية، ولحقت بهم خسائر كبيرة، جراء توقف أعمالهم، وفق صاحب مطعم في منطقة الأزرق (في محافظة الزرقاء شمال شرقي المملكة)، ويقول أنا "لا أستطيع دفع أجرة عمالي، فمطعمي مغلق، ولا يوجد لدي مردود مالي، فنحن نعتاش يوما بيوم من عملنا".
ويفصح التقرير أن العاملين في الحضانات الصغيرة، أصابهم الفيروس واسع الانتشار، بأزمة مالية قاسية، لتوقف عملها، وعدم دفع غالبية الأهالي أقساط أطفالهم في مارس/آذار. وقالت صاحبة حضانة إن دخلها محدود، فأقساط الحضانة، أساسا، تغطي فقط المتطلبات الأساسية لها، كالأجور والفواتير، "فكيف مع تعطلنا، الذي ساهم بتردي الوضع".
وفي هذا النطاق، تعطلت مكاتب السياحة، لكن الخطر يكمن في حال طال أمد أزمة كورونا، وما يتبعه من استمرار إغلاق الحدود ومحدودية السفر، وبالتالي، فإن البطالة باتت تهدد العاملين فيها، بالإضافة إلى أن بعضها سيغلق نهائيا إذا استمر انتشار الوباء في العالم، وقد أكد أصحاب هذه المكاتب أن حجوزات السفر ألغيت حتى بداية عام 2021.
وبرغم أن قرار حظر التجول يسعى لمنع تفشي الفيروس، فإنه، على الجانب الآخر، تسبب بتعطيل قطاع النقل الذي توقف بشكل تام عن العمل، وأغلق محلات مواد البناء، والكراجات وورش إصلاح السيارات، والخياطة، والإنشاءات، والحدادة، والنقل، والحلويّات، الألبسة، والأدوات المنزليّة، وقطع التوصيلات الكهربائيّة والصحيّة، وغيرها من القطاعات الصغيرة.
الخياط محمد (اسم مستعار)، مصريّ الجنسية وصاحب محل خياطة، تحدث عن سوء الوضع الذي تسببت به الأزمة، مشيراً إلى الالتزامات المترتبة عليه كأجرة المحل، وثمن مواد العمل، في ظل تعطل العمل بسبب الحجر، ما أدى لعجزه عن تلبية التزاماته. ويعاني قطاع الإنشاءات، الذي يعد من أكثر القطاعات تشغيلا للأيدي العاملة، من أضرار هائلة وقعت عليه وعلى المهن المساعدة فيه، من عمال بلاط ودهان، وتحميل وتنزيل وغيرها.
وفي الوقت نفسه، تعطلت محلات الحدادة، ويعيش عاملوها ظروفا صعبة، خاصة أن هذه المؤسسات تعمل وفق طلبيات الزبائن، والتي توقفت مع دخول الحظر حيز التنفيذ، ما عطل تلبية طلبياتها السابقة وأوقف أي طلبيات لاحقة.