هل يمكن للدول المنتجة للنفط تخطي مسألة الارتباط بين أسعار البترول واستقرار اقتصاداتها؟ سؤال يؤرق الكثير من المعنيين باتخاد القرارات الاقتصادية الكبرى.
عبد الخالق التهامي: كلمة السر تنويع الاقتصاد
قال الخبير والمتخصص في الحكامة الاقتصادية المغربي عبد الخالق التهامي، إن كلمة السر ومفتاح الخروج من الأنماط الاقتصادية الريعية المرتبطة بعائدات النفط إلى الأنماط الانتاجية، هي "تنويع الاقتصاد". وأكد في تصريحه لـ"العربي الجديد" ضرورة الشروع في ذلك بسرعة لمواجهة أزمة استمرار انخفاض أسعار الذهب الأسود في الأسواق العالمية. واعتبر الخبير الاقتصادي المغربي أن معظم الدول العربية المصدرة للنفط، تعتمد في اقتصاداتها على عائدات بيع النفط، وتحدد أسعاره في الأسواق نسبة النمو داخل هذه الدول، ما يجعلها رهينة تقلبات الأسعار العالمية، والتي تكون غير مضمونة، نظراً للتقلبات الاقتصادية المرتبطة بمواقف الدول التي تتحكم في معدل الإنتاج اليومي. واستثنى الخبير التهامي عدداً من النماذج الاقتصادية الخليجية، مبرراً موقفه هذا، باعتمادها منذ مدة على تنويع الاقتصاد، خصوصاً في مجالات الخدمات السياحية، حيث إن المناخ الاقتصادي فيها ظل منتعشاً خلال الفترة التي شهدت التراجعات الحادة في أسعار النفط، رغم ارتباط مختلف القطاعات به. واعتبر المتحدث ذاته، أن عدداً من دول الخليج، بعد اليوم نموذجاً يجب أن يعتد به من طرف باقي الدول العربية المنتجة للبترول. وعن التدابير الاقتصادية المتاحة أمام الدول التي تعتمد على النفط، شدد التهامي، على أن لكل دول خصوصيات، يتحكم فيها الموقع الجغرافي، المناخ، وحجم حضور الكفاءات داخلها كذلك، بحيث يجب أن تتجه هذه الدول نحو نقاط القوة لديها لاستثمارها في تنويع الاقتصاد. وقدم أمثلة على ذلك، من قبيل ضرورة تفكير الحكومة الجزائرية في إطلاق مشاريع ضخمة في الطاقات المتجددة، والزراعة، ودعم القطاع السياحي الصحراوي. ووضع المشاريع الاستثمارية الفلاحية على رأس الأولويات التي يجب أن تنكب عليها دولة العراق، واعتبر أن الصناعة التحويلية في المملكة السعودية بوابة إرساء نظام اقتصادي منتج. وأضاف عبد الخالق التهمي في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الدول العربية المصدرة للنفط أمام خيار لا حياد عنه اليوم، وهو فتح المجال أمام القطاع الخاص لضخ استثمارات قوية تحرك عجلة الانتاج، وذلك لن يتحقق، حسب وجهة نظره، إلا بتحرير العديد من المجالات من سيطرة المؤسسات العمومية والشركات الوطنية. وأعطى الخبير مثالاً الجزائر، التي تعتمد نظام (51-40%) وهو قانون يفرض على الشركات الأجنبية مشاركة الشركات الوطنية برأسمالها بأكثر من النصف. وزاد أن مثل هذه القوانين لا تحفز استقطاب المستثمرين الأجانب. وألح التوهامي في حديثه لـ"العربي الجديد" على ضرورة إطلاق حزمة من القوانين والتشريعات التي تطمئن المستثمرين لتوظيف أموالهم. واستبعد الخبير التهامي في ختام تصريحه، أن تستطيع الدول العربية الشروع في إصلاحات اقتصادية من هذا القبيل، لأن ذلك يجب أن يكون بحسبه في فترة انتعاش أسعار النفط، والتي يتوقع أن تستمر تحت سقف 70 دولاراً للبرميل الواحد خلال الستة أشهر المقبلة.
كامل وزنة:يصعب تغيير نمط الاقتصاد بسرعة
استبعد الخبير الاقتصادي اللبناني، الدكتور كامل وزنة، أن تستطيع الدول العربية المصدرة للنفط تغيير أنماطها الاقتصادية، من نمط مبني على الريع النفطي، إلى نمط يعتمد على تنويع مختلف القطاعات الاستثمارية. وربط الخبير وزنة موقفه هذا، في حديثه لـ"العربي الجديد"، بالسياسات التي بدأ تنتهجها العديد من الدول في الخليج العربي، والمبنية على استغلال الاحتياطات المالية المرصودة، دون أن تأخذ بالاعتبار، حسب وجهة نظره، أن هذا الخيار يساهم إلى حد كبير في تراجع ثقة المستثمرين في مناخ الأعمال داخل هذه الدول، ما يعني أن "القول بإمكانية الاعتماد على مجالات أخرى شيء مستحيل ومستبعد في هذه المرحلة بالذات". واعتبر وزنة أن الدول العربية المصدّرة للنفط لم تستفد تماماً من الطفرة التي عرفتها أسعار النفط الدولية طيلة الفترة الماضية، وإلى غاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2014. وأضاف أن العائدات فاقت 800 مليار دولار، دون أن تستثمر هذه الأموال الضخمة في مشاريع اقتصادية توفر مناخاً إنتاجياً متيناً. وذهب المتحدث ذاته حد القول: "ما ذكرته تقديرات المؤسسات المالية الدولية عن حجم خسائر الدول المصدرة للنفط، سوف يفوق حجم توقعاتها، ويمكن أن تتجاوز الخسائر 300 مليار دولار". وذكّر الوزنة هنا، بتصريح وزير النفط السعودي الذي قال بكل وضوح: "لو انخفض سعر برميل النفط إلى عشرين دولاراً، فان المملكة العربية السعودية لن تخفّض من إنتاجها". والمملكة العربية السعودية، التي كانت عائداتها أكثر من 274 مليار دولار في العام 2014، مستعدة أن تخسر نصف عائداتها من إنتاج النفط. وإذا استمر الانخفاض أكثر فقد تخسر السعودية ما يقارب 140 مليار دولار من ثمن مبيعاتها من إنتاج النفط. ولفت المتحدث ذاته الانتباه إلى أن "الشعوب تعوّدت أن تحصل على الدعم الحكومي، وبالأخص الطبقة المتوسطة، فإن أي إيقاف للدعم المباشر قد يهدّد أمن هذه الدول واستقرارها". ورأى وزنة أن هذا العامل وحده لن يدفع العديد من الدول إلى مراجعة سياساتها تجاه النمط الاقتصادي الذي تعتمده. وتوقع وزنة أن تطول أزمة تراجع أسعار النفط، وشدد على أنها قد تتجاوز السنة، لتمتد خلال السنوات المقبلة، واعتبر أن إمكانية توافق دول "أوبك" على خفض الانتاج يعتبر حلاً، لأنه لا يمكن أن تتغيّر السياسات والأنماط الاقتصادية بناءً على الشروط والظروف القائمة حالياً وبالسرعة المتوقعة لا في المستقبل القريب ولا حتى المتوسط
عبد الخالق التهامي: كلمة السر تنويع الاقتصاد
قال الخبير والمتخصص في الحكامة الاقتصادية المغربي عبد الخالق التهامي، إن كلمة السر ومفتاح الخروج من الأنماط الاقتصادية الريعية المرتبطة بعائدات النفط إلى الأنماط الانتاجية، هي "تنويع الاقتصاد". وأكد في تصريحه لـ"العربي الجديد" ضرورة الشروع في ذلك بسرعة لمواجهة أزمة استمرار انخفاض أسعار الذهب الأسود في الأسواق العالمية. واعتبر الخبير الاقتصادي المغربي أن معظم الدول العربية المصدرة للنفط، تعتمد في اقتصاداتها على عائدات بيع النفط، وتحدد أسعاره في الأسواق نسبة النمو داخل هذه الدول، ما يجعلها رهينة تقلبات الأسعار العالمية، والتي تكون غير مضمونة، نظراً للتقلبات الاقتصادية المرتبطة بمواقف الدول التي تتحكم في معدل الإنتاج اليومي. واستثنى الخبير التهامي عدداً من النماذج الاقتصادية الخليجية، مبرراً موقفه هذا، باعتمادها منذ مدة على تنويع الاقتصاد، خصوصاً في مجالات الخدمات السياحية، حيث إن المناخ الاقتصادي فيها ظل منتعشاً خلال الفترة التي شهدت التراجعات الحادة في أسعار النفط، رغم ارتباط مختلف القطاعات به. واعتبر المتحدث ذاته، أن عدداً من دول الخليج، بعد اليوم نموذجاً يجب أن يعتد به من طرف باقي الدول العربية المنتجة للبترول. وعن التدابير الاقتصادية المتاحة أمام الدول التي تعتمد على النفط، شدد التهامي، على أن لكل دول خصوصيات، يتحكم فيها الموقع الجغرافي، المناخ، وحجم حضور الكفاءات داخلها كذلك، بحيث يجب أن تتجه هذه الدول نحو نقاط القوة لديها لاستثمارها في تنويع الاقتصاد. وقدم أمثلة على ذلك، من قبيل ضرورة تفكير الحكومة الجزائرية في إطلاق مشاريع ضخمة في الطاقات المتجددة، والزراعة، ودعم القطاع السياحي الصحراوي. ووضع المشاريع الاستثمارية الفلاحية على رأس الأولويات التي يجب أن تنكب عليها دولة العراق، واعتبر أن الصناعة التحويلية في المملكة السعودية بوابة إرساء نظام اقتصادي منتج. وأضاف عبد الخالق التهمي في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الدول العربية المصدرة للنفط أمام خيار لا حياد عنه اليوم، وهو فتح المجال أمام القطاع الخاص لضخ استثمارات قوية تحرك عجلة الانتاج، وذلك لن يتحقق، حسب وجهة نظره، إلا بتحرير العديد من المجالات من سيطرة المؤسسات العمومية والشركات الوطنية. وأعطى الخبير مثالاً الجزائر، التي تعتمد نظام (51-40%) وهو قانون يفرض على الشركات الأجنبية مشاركة الشركات الوطنية برأسمالها بأكثر من النصف. وزاد أن مثل هذه القوانين لا تحفز استقطاب المستثمرين الأجانب. وألح التوهامي في حديثه لـ"العربي الجديد" على ضرورة إطلاق حزمة من القوانين والتشريعات التي تطمئن المستثمرين لتوظيف أموالهم. واستبعد الخبير التهامي في ختام تصريحه، أن تستطيع الدول العربية الشروع في إصلاحات اقتصادية من هذا القبيل، لأن ذلك يجب أن يكون بحسبه في فترة انتعاش أسعار النفط، والتي يتوقع أن تستمر تحت سقف 70 دولاراً للبرميل الواحد خلال الستة أشهر المقبلة.
كامل وزنة:يصعب تغيير نمط الاقتصاد بسرعة
استبعد الخبير الاقتصادي اللبناني، الدكتور كامل وزنة، أن تستطيع الدول العربية المصدرة للنفط تغيير أنماطها الاقتصادية، من نمط مبني على الريع النفطي، إلى نمط يعتمد على تنويع مختلف القطاعات الاستثمارية. وربط الخبير وزنة موقفه هذا، في حديثه لـ"العربي الجديد"، بالسياسات التي بدأ تنتهجها العديد من الدول في الخليج العربي، والمبنية على استغلال الاحتياطات المالية المرصودة، دون أن تأخذ بالاعتبار، حسب وجهة نظره، أن هذا الخيار يساهم إلى حد كبير في تراجع ثقة المستثمرين في مناخ الأعمال داخل هذه الدول، ما يعني أن "القول بإمكانية الاعتماد على مجالات أخرى شيء مستحيل ومستبعد في هذه المرحلة بالذات". واعتبر وزنة أن الدول العربية المصدّرة للنفط لم تستفد تماماً من الطفرة التي عرفتها أسعار النفط الدولية طيلة الفترة الماضية، وإلى غاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2014. وأضاف أن العائدات فاقت 800 مليار دولار، دون أن تستثمر هذه الأموال الضخمة في مشاريع اقتصادية توفر مناخاً إنتاجياً متيناً. وذهب المتحدث ذاته حد القول: "ما ذكرته تقديرات المؤسسات المالية الدولية عن حجم خسائر الدول المصدرة للنفط، سوف يفوق حجم توقعاتها، ويمكن أن تتجاوز الخسائر 300 مليار دولار". وذكّر الوزنة هنا، بتصريح وزير النفط السعودي الذي قال بكل وضوح: "لو انخفض سعر برميل النفط إلى عشرين دولاراً، فان المملكة العربية السعودية لن تخفّض من إنتاجها". والمملكة العربية السعودية، التي كانت عائداتها أكثر من 274 مليار دولار في العام 2014، مستعدة أن تخسر نصف عائداتها من إنتاج النفط. وإذا استمر الانخفاض أكثر فقد تخسر السعودية ما يقارب 140 مليار دولار من ثمن مبيعاتها من إنتاج النفط. ولفت المتحدث ذاته الانتباه إلى أن "الشعوب تعوّدت أن تحصل على الدعم الحكومي، وبالأخص الطبقة المتوسطة، فإن أي إيقاف للدعم المباشر قد يهدّد أمن هذه الدول واستقرارها". ورأى وزنة أن هذا العامل وحده لن يدفع العديد من الدول إلى مراجعة سياساتها تجاه النمط الاقتصادي الذي تعتمده. وتوقع وزنة أن تطول أزمة تراجع أسعار النفط، وشدد على أنها قد تتجاوز السنة، لتمتد خلال السنوات المقبلة، واعتبر أن إمكانية توافق دول "أوبك" على خفض الانتاج يعتبر حلاً، لأنه لا يمكن أن تتغيّر السياسات والأنماط الاقتصادية بناءً على الشروط والظروف القائمة حالياً وبالسرعة المتوقعة لا في المستقبل القريب ولا حتى المتوسط