يشكل "سوق الميلاد" الذي ستشهده مدينة الناصرة خلال الأيام الخمسة القادمة، فرصة إضافية لتعزيز التكافل والتواصل المجتمعي داخل المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل، في ظل التضييقات والقيود التي تفرضها سلطات الاحتلال.
وتشهد الحركة التجارية بمدينة الناصرة أوضاعاً اقتصادية حرجة وسياحة شبه معدومة، نتيجة الأوضاع السياسية في البلاد وخاصة القدس المحتلة.
وتعرضت مدينة الناصرة في أوج العدوان على غزة، وردّاً عل التظاهرات الشعبية التي اجتاحتها تضامناً مع غزة، إلى حركة مقاطعة اقتصادية وسياحية شبه رسمية، وبتأييد من عدد من رجال السياسة الإسرائيليين، وعلى رأسهم وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان.
وبالرغم من الضربة التي تلقتها الناصرة، إلا أن سكان المدينة وتجارها، يعلقون الأمل على "سوق الميلاد" المزمع عقده في الأيام المقبلة. إذ يمثل السوق نقطة جذب للفلسطينيين من مختلف أنحاء الجليل والمثلث في أراضي 48، وحتى من النقب جنوباً. حيث يتيح فرصة للتواصل بين الفلسطينيين من مختلف أنحاء الوطن، ويعزز عملية التكافل والتكامل الاقتصادي، بدلاً من التوجه للمدن الإسرائيلية اليهودية لشراء مستلزمات العيد.
وأشار أحد سكان المدينة لـ"العربي الجديد" إلى أن دعوات المقاطعة من قِبل المؤسسة الإسرائيلية، سبق لها في أعياد الفطر والأضحى أن أبعدت الفلسطينيين في الداخل عن أسواق المدن اليهودية، وتمحورت الحركة التجارية خلالهما في المدن العربية مثل أم الفحم في المثلث، والناصرة في الجليل، والطيبة في المثلث الجنوبي.
وقال: لقد ولّدت تلك الدعوات العنصرية للمقاطعة ردّ فعل عكسي، انصرف فيه الفلسطينيون عن المدن الإسرائيلية المحيطة بهم، وتوجهوا إلى المدن العربية، وهو ما يتكرر اليوم لدى أبناء الطوائف المسيحية، ولكن ليس عندهم فقط، إذ تشهد المدينة كل عام إقبالاً فلسطينياً وزخماً يعوض "الأجواء السلبية" التي تحاول سلطات الاحتلال رسمها لإبعاد الإسرائيليين، وحتى الحجاج المسيحين الأجانب عن المدينة.
آمال "سوق الميلاد"
رئيس بلدية الناصرة علي سلام قال لـ"العربي الجديد": "الوضع بالناصرة صعب جداً، وأوضاع الناصرة تنعكس على جميع البلدات العربية، نحن على عتبة افتتاح سوق الميلاد بمناسبة الأعياد، وهو احتفال لكل أهالي الناصرة ومحبي المدينة".
وأشار سلام إلى أن "الناصرة تضررت اقتصادياً بعد العدوان على غزة، حيث تعتمد في 70 في المائة من دخلها على السياحة، وهدف مشروع سوق الميلاد هو رفع وتحسين الوضع الاقتصادي للمدينة".
وأوضح أن "مشروع سوق الميلاد تقوم به هذه السنة البلدية وحدها، بميزانية بلغت حتى الآن قرابة المليوني شيكل وحصلنا على غالبيتها رعايات. ونتوقع حضور 80 ألف زائر كل يوم".
وقال حنا شباط، صاحب عدة متاجر للتحف والهدايا في شارع بولس: "أنا صاحب متجر تحف وهدايا منذ 60 عام، أغلقت 4 حوانيت في السوق القديم وخرجت من هناك قبل 12 سنة، والسبب عدم وصول الناس للتسوق. والسوق القديم بالناصرة أصبح ميتاً".
وأضاف "في الآونة الأخيرة لا يوجد كثير من الزبائن وتضررنا من المقاطعة الاقتصادية من اليهود بعد عدوان غزة. فعادة يأتي الإسرائيليون أيام الجمعة والسبت، وبدأ الوضع يتغير قليلاً، ربما سيكون أفضل مع مهرجان الميلاد".
وفي المقابل، قالت تهاني ماير، صاحبة متجر ملابس سيدات وإكسسوارات: "منذ أربعة أشهر الوضع سيء جداً، الزبائن يفضلون الشراء من جنين والضفة. واليهود لا يأتون بالمرة، نلمس المقاطعة جيداً. دخلي الشهري يكفي لتغطية المصاريف، لا يوجد في الشارع حركة نشطة للعيد، أيضاً في عيد الأضحى الزبائن جاؤوا فقط في ليلة العيد. بجانبي حانوت أحذية أقفل، والمطعم والمحمص عدد الزبائن بهما قليل، الجميع يعاني من نفس الحالة".
وقال كميل خوري، صاحب متجر هدايا بجانب كنيسة البشارة: "الحركة السياحية ضعيفة ربما في الأسبوع الأخير بدأت تنفرج، ما يحدث بالقدس يؤثر كثيراً على الناصرة. فمن يزور القدس يزور الناصرة من السياح".
وأضاف "في السنة الماضية ربحنا كثيراً خلال مهرجان سوق الكريسمس، نتأمل خيراً أيضاً خلال الأيام القريبة. السياحة متعلقة بالسياسة، السياح لا يأتون إذا كان وضع القدس متأزماً سياسياً".