عاشت كل الملاعب الأوروبية التي احتضنت أمس مباريات في مسابقة دوري أبطال أوروبا، وفي نفس الدقيقة، لحظات خشوع، احتراما للنشيد الرسمي للمسابقة والذي يسبق كل المباريات، وبلغ أبعادا أخرى لدى بعض اللاعبين.
معزوفة موسيقية بسيطة، أنست الجماهير إبداعات بيتهوفن وموزارت وأشهر الملحنين في العالم، وتحولت إلى نشيد يحترمه اللاعب، وحتى بعض الجماهير التي تحضر المباريات داخل الملاعب أو حتى داخل بيوتها.
معزوفة أدهشت صاحبها
ويقول العازف الإنكليزي توني بريتن الذي قام بتلحين هذا النشيد الرسمي منذ 24 عاما: "أعترف بأن صمودها طيلة هذه السنوات، ومكانتها التي أصبحت تحتلها لدى اللاعبين والجماهير على حد السواء، أمر أدهشني".
وتابع بريتن في تصريحه لموقع "سو فوت" الفرنسي: "حتى أكون نزيها، عندما تم تكليفي بإنجاز هذه المهمة عام 1992، كان فقط عملا مثل بقية الأعمال التي أنجزها، ولم يستغرق معي اللحن أكثر من شهر واحد، لم أفكر في تلحين قطعة موسيقية تاريخية، فقط ركزت خلال إنجاز العمل على أن تكون المعزوفة في مستوى الآمال".
هذه القطعة الموسيقية لم تعد مجرد لحن، وإنما بلغت أبعادا أخرى، مثلما يؤكد ذلك الويلزي غاريث بيل، مهاجم ريال مدريد الإسباني الذي قال: "إنها أكبر من مجرد موسيقى، هذا اللحن رهيب وخارق للعادة، عندما تأهلنا أول مرة للعب مباراة في دوري أبطال أوروبا، كان كل اللاعبين متشوقين لسماع هذه المعزوفة، ومثل هذه التفاصيل الصغيرة هي التي تمنح المسابقة نكهة خاصة".
موسيقى تقتحم قلوب اللاعبين
ولم يكن غاريث بيل اللاعب الوحيد الذي يحس بقشعريرة في جسمه، عندما يسمع النشيد الرسمي للمسابقة، حيث يقول إيمانويل أديبايور: "عندما تغادر ممر اللاعبين المؤدي إلى داخل الملعب، وتسمع هذا النشيد، ينتابك شعور بأنك تستمع إلى أفضل لحن موسيقي في حياتك".
ومثل بعض الألحان، تحول نشيد مسابقة دوري أبطال أوروبا لدى بعض اللاعبين إلى معزوفة تحمل معها العديد من الذكريات، بل حتى أن البعض اتخذها رنة موسيقية لهاتفه الجوال، بينما اتخذها البعض الآخر منبهاً هاتفياً ليستفيق من نومه مثل الفرنسي مامادو ساكو.
وأثبتت بعض الإحصائيات التي أجرتها مؤسسة طومسون، أن نسبة 98% من الأوروبيين وحتى من غير المهتمين بشؤون كرة القدم يعرفون أن هذا النشيد يخص دوري أبطال أوروبا، بينما أثبتت إحصاءات أخرى أن النشيد الرسمي للمسابقة تجاوز اسمها وحتى شعارها، ليشكلا أبرز معرف للمسابقة.
وحتى يجلب اهتمام أكبر عدد من الجماهير الرياضية، اختار الاتحاد الأوروبي لكرة القد ترجمة كلمات النشيد الرسمي للمسابقة إلى ثلاث لغات، الألمانية، الفرنسية والإنكليزية، ولكن التركيز على الموسيقى طغا على كلمات القطعة الموسيقية التي تقول: "إنها أفضل الفرق، لقاء كبير، الأساتذة، الأفضل، الفرق الكبرى، الأبطال".
معزوفة هاندل للملكة كارولين
وحتى يكون الرأي للمختصين في الأمور الموسيقية، كشف ماكسيم جوس، أستاذ التاريخ الموسيقي في المعهد الموسيقي لمدينة ليل الفرنسية، أن النشيد الرسمي لدوري أبطال أوروبا مقتبس ومستوحى من القطعة الموسيقية "صادوق الكاهن" للملحن الشهير، جورج فريديريك هاندل، وهو أمر لم ينكره بالمرة توني بريتن، وهي ليست عملية احتيال.
وأضاف الباحث الموسيقي الفرنسي: "أول من سمع هذا اللحن لهاندل، كانت الملكة كارولين والملك جورج الثاني عام 1727، بمناسبة تنصيب هذا الأخير، والنشيد كان عبارة عن نوع من الموسيقى المقدسة، مرتبطة بالقداس الأنغليكاني، وغالبا ما تستخدم هذه الموسيقى في المواقف الملكية الكبرى وإعطاء شيء من الحماس".
هذه بعض ملامح النشيد الرسمي لواحدة من أكبر المسابقات الرياضية في أوروبا، وربما من أكبر المنافسات مشاهدة في العالم، وعندما يعزف الليلة قبل انطلاق مباريات الدفعة الثانية من منافسات دوري أبطال أوروبا في الجولة الأولى من دوري المجموعات، تكون قد شكلت فكرة ولو بسيطة عن هذا النشيد الذي فاقت شهرته كل التوقعات، بما في ذلك ملحنه الإنكليزي.