اقرأ أيضاً: الفوعة... نموذج لصناعة العداء الطائفي على طريقة النظام السوري
كما أن إيقاف القتال في محيط الزبداني ومضايا وبقين وسرغايا في ريف دمشق الغربي وخروج مقاتلي المعارضة في الزبداني نحو مناطق الشمال السوري، يعني تفرّغ قرابة أربعة آلاف مقاتل من حزب الله اللبناني والنظام السوري للانتقال نحو جبهات قتال أحرزت فيها قوات المعارضة تقدماً هاماً في الفترة الأخيرة، على غرار جبهة أتوستراد حمص ـ دمشق الذي بات، من جسر حرستا حتى مفرق مخيم الوافدين، تحت سيطرة جيش الإسلام، أكبر فصائل المعارضة في ريف دمشق. كذلك تبرز، أيضاً، جبهة داريا التي أحرز فيها مقاتلو المعارضة تقدماً هاماً منذ منتصف شهر أغسطس/آب الماضي، على الرغم من تعرضهم لحصار قوات النظام منذ نحو ثلاث سنوات.
وقد بدأت قوات النظام السوري بالفعل بتجهيز نفسها لعمليات عسكرية في مناطق لا تشملها مفاوضات الهدنة التي تجري بتكتم شديد.
وفي السياق، علمت "العربي الجديد" من مصادر خاصة، مقرّبة من قيادة قوات المعارضة في حلب، أن أربعين دبابة حديثة وصلت، خلال الأيام الماضية، إلى منطقة المعامل التابعة لوزارة الدفاع قرب مدينة السفيرة في ريف حلب الشرقي، في ما يبدو أنه دعم لقوات النظام التي تنوي، بحسب قوات المعارضة، مهاجمة مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب الشمالي مجدداً في فترة العيد لفك الحصار الذي تفرضه المعارضة على بلدتي نبل والزهراء المواليتين للنظام في ريف حلب الشمالي.
في موازاة ذلك، تستمر تعزيزات النظام بالوصول إلى جبهات القتال في محيط حي جوبر الدمشقي الذي تسيطر عليه المعارضة، فضلاً عن تعزيزات أخرى تصل باستمرار إلى قوات النظام التي تحاول استرداد التلال التي يسيطر عليها جيش الإسلام والتي تشرف على أوتوستراد دمشق حمص.
ويبدو أن مكاسب النظام من بنود الهدنة المطروحة للمفاوضات حالياً لا تقتصر على تفرغ قوات النظام للقتال على جبهات معينة، بحيث تتمكن من قضم مناطق تسيطر عليها المعارضة في ظل تجميد القتال في مناطق ريف إدلب الشمالي وريف دمشق الغربي، بل يعمل النظام على محاولة توجيه ضربة شعبية لفصائل المعارضة في مناطق ريف إدلب الجنوبي والشرقي وجبل الزاوية.
وتنص بنود الهدنة، التي يجري التفاوض عليها، على إيقاف قصف النظام لمعظم مناطق أرياف إدلب الشمالية ومدينة إدلب من دون شمول ذلك مناطق ريف إدلب الجنوبي والشرقي وجبل الزاوية. وهو الأمر الذي أثار حالة واسعة من الامتعاض في أوساط سكان وناشطي المناطق غير المشمولة بوقف القصف وخصوصاً مع الاحتمالات المرتفعة لتفرغ طيران النظام لتوجيه ضربات قوية تتسبب في مجازر في هذه المناطق، في الوقت الذي ستنعم فيه المناطق المشمولة بالهدنة بالهدوء.
ويسعى المفاوضون الإيرانيون إلى تأليب السكان على فصائل المعارضة، على المدى الطويل، من خلال إدراج بند إيقاف القصف بشكل مجتزئ على مناطق بعينها في مناطق الشمال السوري التي تسيطر عليها المعارضة. وقد بدأ هذا النهج في الظهور مع تزايد وتيرة قصف النظام لأحياء مدينة حلب، في الأيام الأخيرة، وتسبب ذلك بمجازر كبيرة بين السكان.
وبالتزامن مع المفاوضات، يستمر النظام السوري وحزب الله اللبناني في الضغط عسكرياً على مدينة الزبداني، التي باتت فصائل المعارضة فيها في وضع ميداني متردٍ، ولا سيما عقب قضم قوات النظام وحزب الله معظم الأحياء الجانبية في المدينة بهدف زيادة الضغط على مفاوضي المعارضة ليوافقوا على الشروط التي طرحها الإيرانيون على طاولة المفاوضات، والتي تتضمن مكاسب كبيرة للنظام السوري على المدى الطويل.
وقد عمد النظام السوري إلى تحقيق هذا الهدف من خلال استخدام تكتيك التقدم على خطوات في الزبداني، إذ استعان بقوات حزب الله لتقضم أحياء مدينة الزبداني الجانبية على مراحل بحيث يكون بين كل مرحلة وأخرى هدنة يومين أو أربعة تشكل فرصة لقوات النظام وحزب الله لاستعادة أنفاسها وتنظيم صفوفها قبل إطلاق هجوم جديد للاستيلاء على المزيد من أحياء مدينة الزبداني.
في المقابل، اكتفت قوات المعارضة، طوال الأشهر الماضية، بتصعيد هجماتها على دفاعات قوات النظام في محيط بلدتي الفوعة وكفريا بهدف الضغط على قوات النظام والإيرانيين لتخفيف الضغط في الزبداني.
ولم تنجح قوات المعارضة في اقتحام البلدتين على الرغم من دفعها فاتورة بشرية عالية في محاولات الاقتحام، وتمكنت فقط من التقدم على خط الدفاع الأول لقوات النظام والذي يفصل بلدة الفوعة التي تسيطر عليها المليشيات المحلية الموالية للنظام عن بلدة بنش التي تسيطر عليها قوات المعارضة.
اقرأ أيضاً: مخاوف من شقّ صفوف الفصائل السورية في مفاوضات الزبداني