في وقت انخفض فيه تعداد قواته إلى أقل من الربع مقارنة بما كانت عليه في عام 2011، يفعل النظام السوري كل شيء أمامه لمداراة هذا الخصاص، بما في ذلك تنفيذ حملات اعتقالات عشوائية على نطاق واسع لتجنيد شباب سورية للقتال في صفوفه، بحجة أن المعتقلين مطلوبون للخدمة العسكرية.
ويجري ذلك وسط محاولات من النظام لتلميع صورته، وصلت لحد "تأنيب" عناصره وتصوير ما يجري من تعسف وتمادٍ في الاعتقالات على أنه تصرفات معزولة، ومن فعل عناصر لا تلتزم بالتوجيهات الصادرة أصلا من النظام.
وفي هذا الصدد، انتشر مؤخرا تعميم نسب إلى وزير الدفاع في النظام السوري فهد الفريج، خاص بالاعتقالات العشوائية التي تقوم بها حواجز النظام ومليشياته الموالية والطائفية، إضافة إلى الدوريات الجوالة، شدد على "عدم إلقاء القبض على أي شخص ليس لديه أي دعوة احتياطية".
وأقر التعميم، بحسب ما نشرته وسائل إعلام موالية للنظام، أنه تزايد "في الآونة الأخيرة إلقاء القبض على مواطنين يتبين فيما بعد أنهم غير مدعوين لأي دعوة احتياطية، ما يؤثر سلباً على سمعة الجيش والقوات المسلحة، فعلى الجهات المختصة المنتشرة في كافة المناطق عدم إلقاء القبض على أي شخص ليس لديه أي دعوة احتياطية".
وأضاف التعميم "تأمل القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة من الجميع التقيد بمضمون التعميم تحت طائلة المساءلة القانونية وستعرض مرتكبها لأشد العقوبة"، لافتا إلى أن "كل مخالفة تستوجب المساءلة القانونية".
وتشهد غالبية المناطق التي يسيطر عليها النظام عمليات اعتقال واسعة عبر الحواجز الأمنية والدوريات الجوالة والمداهمة للمناطق السكنية، حيث يتم اعتقال عشرات السوريين من سن 18 عاما إلى 42 عاما، وفي بعض الحالات أكبر من ذلك، بدعوى أنهم مطلوبون للخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية.
وقال مصدر مطلع، طلب عدم الكشف عن هويته، في حديث مع "العربي الجديد"، "هناك نقص كبير في القوات النظامية، في حين عشرات آلاف الشباب المتواجدين في مناطق النظام تمتنع عن الالتحاق بالخدمة العسكرية أو أنهم فروا منها ولم يعودوا لوحداتهم العسكرية".
وأضاف "اليوم هناك مساحات واسعة تدور بها معارك ساخنة الأمر الذي يتطلب وجود أعداد كبيرة من الجنود، وهناك أوامر بالعمل على جمع هذه الأعداد بأي شكل كان"، موضحا أن "هناك جهات أمنية أو مجموعات مسلحة يطلب منها قادتها أو المسؤولون عنها جلب أعداد محددة يوميا أو أسبوعيا الأمر الذي يدفع بالعناصر إلى اعتقال أي شخص للوصول إلى العدد المطلوب".
وبين أن "كثيرا ممن يعتقل يكون غير مطلوب للخدمة العسكرية، حيث إن الشباب السوري المطلوب، يأخذ الكثير من الاحتياطات فهم لا يتنقلون إلا بشكل نادر ومنهم من لم يغادر بيته أو الشارع الذي يقيم به منذ سنوات، ومنهم من نزح لمناطق بعيدة ليس للنظام فاعلية فيها، ما قد يحول دون اعتقاله".
وتابع "أما من يعتقل وهو غير مطلوب فسيقضي عدة أيام يتم نقله خلالها من الجهة التي اعتقلته إلى الشرطة العسكرية إلى مراكز التجمع، حيث يجب أن يقدم ذووهم ما يثبت أنهم غير مطلوبين للخدمة كأن يكون مؤجل دراسيا أو أي نوع أخر من التأجيل في الشرطة العسكرية أو مكان التجمع وإلا فإنهم قد يقضون أسابيع أو أشهر ليصدر قرار تسريحهم، حيث قد يفقدون حياتهم خلال ذلك".
وكان العديد من متابعي تلك الوسائل على مواقع التواصل الاجتماعي تهكموا على التعميم، معتبرين أنه غير مؤثر، حيث الاعتقالات متواصلة، مطالبين بإلحاق أبناء المسؤولين بالقتال على الجبهات، والتوقف عن تهريبهم إلى خارج البلاد. واعتبر ناشطون أن هذا التعميم لا يتعدى كونه محاولة إعلامية للقول إن هذه الاعتقالات ما هي إلى أخطاء فردية، ككل المجازر والدمار الذي لحق في سورية.
يشار إلى أن عشرات آلاف الشباب السوري يمتنعون عن الالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية ضمن قوات النظام، في وقت انخفض به تعداد الأخيرة إلى أقل من الربع مقارنة بما كانت عليه في عام 2011. ويعتمد النظام حاليا على المليشيات الموالية التي يتم إغراء عناصرها بالمال والسلطة وإطلاق يدهم في نهب المناطق التي يسيطرون عليها، ومليشيات طائفية أجنبية ومحلية يتم دفعها بحس طائفي مذهبي للقتال، وذلك في محاولة منه لتلبية احتياجات المعارك المفتوحة على مساحات واسعة من البلاد، وبدعم مباشر من إيران وروسيا.