النظام والمعارضة آخر من يعلم: معبر نصيب مصيره مجهول

02 يونيو 2018
تخوف من فرض حصار على مناطق المعارضة(محمد أبازيد/فرانس برس)
+ الخط -
بالتزامن مع ارتفاع وتيرة الحراك الدبلوماسي لبحث مستقبل منطقة خفض التصعيد في جنوب سورية، التي يتصدر المشهد فيها روسيا والاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب الولايات المتحدة والأردن، وفي الصف الخلفي تجلس إيران، يجري التكتم حول نتائج الاتفاقات، وإن كانت بعض التسريبات الإعلامية قد أفادت بأن هناك اتفاقاً على خروج القوات الإيرانية والمليشيات الموالية لها من جنوب سورية، مقابل تسليم النظام المناطق الحدودية، في حين تنتشر الشرطة الروسية في مناطق المعارضة.

ولا تمتلك مختلف أطراف المعارضة معلومات دقيقة حول ما قد يحمل الاتفاق الروسي الإسرائيلي الأردني الأميركي الخاص بالجنوب السوري. وأوضح مصدر مسؤول في الهيئة العليا للمفاوضات، لـ"العربي الجديد"، أن "لا معلومات لدى الهيئة أكثر مما يتم تداوله في وسائل الإعلام"، رافضاً التعليق على الاتفاق ومصالح الدول القائمة عليه منه، بسبب عدم توفر المعلومات، مضيفاً "كيفما سيكون الاتفاق، ربما آخر ما يلتفت اليه المتفقون هو مصلحة الشعب السوري، ومن هنا لا بد من مقاربة شعبية سورية مختلفة عما يحدث".

ورأى أنه "من الطبيعي أن تكون تسوية ملف الجنوب جارية بسبب خصوصية محاذاتها الأراضي التي تحتلها إسرائيل، وكون أميركا داخلة في هذا الاتفاق، فالتصور المشترك هو إبعاد إيران وقواتها عن الحدود بعمق لا يقل عن 25 كيلومتراً، وعدم إخضاع المنطقة لتوتر قتالي"، معتبراً أن "جهل السوريين بما يحصل، إن كان النظام أو المعارضة، بسبب أنهم خارج اللعبة وخارج كل هذه الترتيبات الميدانية الحاسمة بين الدول اللاعبة في الملف السوري".
وأشار المصدر إلى أن "التسوية النهائية لم تُنجز بعد، والكل يحاول التشويش والتصعيد الإعلامي، وفي النهاية تبقى المصالح هي أساس كل العلاقات، فإسرائيل ليست لديها مشكلة إن كانت قوات النظام ستتسلم ضبط الحدود، وهي لديها تجربة طويلة كان النظام ملتزماً فيها بضبط الحدود، وإيران ليست لديها مشكلة في أن تنسحب من الجنوب إذا وصلت إلى اتفاق مع إسرائيل يضمن بقاءها وسط سورية والعاصمة دمشق، إضافة إلى توقف إسرائيل عن استهداف مواقعها داخل سورية"، مضيفاً: "يبدو أن الروس مقبولون لدى الإسرائيليين كطرف ضامن، خصوصاً أنهم القوة التي ستنتشر في الجنوب وتراقب التزام الأطراف بالاتفاق، وهذا واضح، إن صحت التسريبات".

ورأى المصدر المعارض أن "القضية السورية تعيش اليوم أصعب أوقاتها، إذ تعصف التسويات بها على حساب مصالح الشعب السوري، وهناك عمل على نقل جنيف إلى سوتشي لإقرار تسوية مشوهة، تقوم على دستور فانتخابات، تجرى على مرحلتين، الأولى منها تهدف لتهيئة البيئة، ما سيُسوّف العملية بين مدّ وجزر حتى انتهاء ولاية رئيس النظام بشار الأسد في عام 2021"، مشيراً إلى أن "هذا يتم بمباركة واشنطن، التي يبدو أنها، بسياستها البراغماتية، قادرة على تغيير مبادئها بسرعة قصوى، فمن نصرة الشعب السوري المطالب بالكرامة والحرية، وعدم شرعية النظام القائم، إلى أولوية قتال داعش، واليوم تسوية تضمن مصالحها ومصالح إسرائيل على حساب مصلحة السوريين".


في المقابل، يبدو أيضاً أن نظام الأسد غير مطّلع على تفاصيل الاتفاق، الذي يتصدّر إنجازه الروس بالنيابة عنه، فلا معلومات دقيقة أيضاً لديه، بحسب مصادر مقربة منه، أوضحت أن "قوات النظام تحشد في مناطق مثلث الموت وخربة غزالة، استعداداً لإتمام أي اتفاق يمكن أن يتم التوصل إليه، إن كان لملء الفراغ الذي قد يتسبب به انسحاب المليشيات الإيرانية، بما فيها حزب الله اللبناني، أو الانتشار على النقاط الحدودية، أو الوصول إلى معبر نصيب على الحدود السورية الأردنية، الذي يطالب النظام بتسليمه له وإعادة فتحه، لما يمثله من مورد اقتصادي مهم".

أما "حزب الله" اللبناني، فلم يعلّق على الأنباء على هذه التسريبات التي تتحدث عن انسحابه من نقاط تمركزه في الجنوب السوري، إلا أن الشيخ صادق النابلسي، المقرب من الحزب، نفى في حديث مع وسائل إعلام روسية يوم الخميس، تلك الأنباء، مؤكداً أن هناك دوراً روسياً مرتقباً في جنوب سورية. وأضاف: "هناك ربما مشاورات ووساطات من قبل الروس للانتشار في منطقة حدود الجولان"، لافتاً إلى أن الأمر معلن منذ مدة ليكون للشرطة الروسية وجود في المنطقة. في حين نقلت وسائل إعلام روسية عن مصادر عسكرية سورية، لم تسمها، أن حشوداً عسكرية ما زالت تتدفق على المنطقة الجنوبية من مختلف قطعات قوات النظام، مضيفة أن الحشد يأتي تحسباً لأي طارئ قد يتطلب تدخلاً عسكرياً.

في موازاة ذلك، قال مسؤولون معارضون إن هناك أنباء عن بدء تنفيذ الاتفاق الروسي الأميركي، الذي يشمل ريف دمشق الغربي والجنوب السوري وصولاً إلى قاعدة التنف الأميركية، إذ بدأت المرحلة الأولى منه الخميس بانسحاب قوات النظام وإيران من الفوج 121 في ريف دمشق بعتادها الثقيل والخفيف، نحو منطقة الكسوة، لتحل مكانها قوات روسية.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم "جيش الثورة" أبو بكر الحسن، وهو أكبر الفصائل المسلحة في الجنوب السوري، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "المتداول حول هذه الاجتماعات أن الهدف منها إيجاد طرق لإبعاد مليشيات إيران من المنطقة"، مضيفاً: "المنطقة الجنوبية لن تعود إلى سيطرة مليشيات الأسد بأي ثمن، وهذا قرار عشرات آلاف الثوار، قيادة ومقاتلين".
ولفت إلى أنه ليس لديهم معلومات حول اتفاق لتسليم النظام الحدود أو معبر نصيب، بل "على العكس المطلوب دولياً هو طرد إيران من سورية من دون شروط والحفاظ على منطقة خفض التصعيد إلى الحل النهائي"، معتبراً أن "الارتباط بين نظام الأسد ومليشيات إيران هو ارتباط عضوي، ومن المستحيل فصل هذا الارتباط عملياً، فلإيران العديد من المليشيات المحلية، شُكّلت منذ سنوات بقيادات الصف الأول من حزب الله وإيرانيين وبعض السوريين المتنفذين، أما بقية المليشيا تكون من أهل المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، فالانضمام لهذه المليشيات له مزايا مالية أكبر من الوجود في صفوف عصابات الأسد ولا يخضع المنتسبون لها لأي نوع من أنواع الملاحقة الأمنية أو الجنائية"، مشيراً إلى أن "منطقة مثلث الموت والريف الغربي لدمشق تنتشر فيها الكثير من هذه المليشيات، وما يجري هي حركة مستمرة لتغيير التموضع وكذلك تمويه هذه المليشيات عن طريق جعلها ترتدي لباس مليشيات الأسد".

وحذر ناشطون من الجنوب السوري، في أحاديث مع "العربي الجديد"، من أن يمرر النظام وداعموه اتفاقية تقضي على المعارضة في الجنوب السوري، إن كان من خلال إعطائه السيطرة على الحدود ما سيسمح له بفرض حصار خانق على مناطق المعارضة، وما قد يتبع ذلك من عمليات تهجير، أو السماح له بالسيطرة على محور خربة غزالة - معبر نصيب الحدودي ما سيقسم مناطق المعارضة في درعا إلى جزء غربي وشرقي، ويؤدي لحصار نحو 400 ألف عائلة في القسم الغربي.

يشار إلى أن أهم الفصائل الإيرانية المنتشرة جنوبي سورية، هي قوات من "فيلق القدس"، بالإضافة إلى "حزب الله" اللبناني، ولواء "فاطميون". بالإضافة إلى أن هناك مليشيات غير متمركزة في الجنوب إلا أنها تشارك في المعارك، كمليشيات "الزينبيون" و"فرقة المهدي"، إضافة إلى المليشيات السورية التي تقوم بتمويل وتدريب إيراني وقيادة تضمن عناصر عراقية ولبنانية وغيرها من الجنسيات، مثل لواء "سرايا التوحيد"، و"جيش التوحيد"، و"لواء الجبل"، ومليشيات "الأبدال" المنخرطة ضمن "الدفاع الوطني".