ودعت النقابات، في بيان لرئيس مجلس النقباء نقيب المهندسين أحمد سماره الزعبي، الحكومة إلى "التعامل بإدارة حصيفة مع الحريات العامة، بعيدا عن عقلية التأزيم وصناعة الخوف والترهيب"، محذرة في الوقت نفسه من "شيوع اليأس بين المواطنين بالتزامن مع خيبة أمل شعبية إزاء الفريق الحكومي".
ويأتي البيان بعد حملة اعتقالات قامت بها الأجهزة الأمنية طاولت عددا من النشطاء والحراكيين في الأيام الاخيرة، ليرتفع عدد المعتقلين في قضايا الرأي في الأردن، وفق لجنة متابعة معتقلي الرأي والحرية والمظلومين في الأردن، إلى 18 مواطناً.
وقالت النقابات إنها "تقرأ في التعديل الحكومي الأخير، على ما شابه من عوار دستوري وقانوني، مقاربةً خشنةً للتعاطي مع الاحتجاجات الشعبية، تجلت في حملة اعتقالات لعدد من الناشطين السياسيين، وانعكاساً لعقلية أمنية عرفية وعودة إلى منهجية أثبتت فشلها في التعامل مع الفعل الشعبي والناشطين".
وتسببت الاحتجاجات التي قادتها النقابات المهنية الأردنية في رمضان الماضي، على قانون الضريبة، برحيل حكومة هاني الملقي، ومجيء حكومة رئيس الوزراء الحالي عمر الرزاز.
وأعربت النقابات عن "خيبة أملها لعدم الاستجابة الرسمية لآمال وطموحات ووجع المواطنين، والتي تلازمت (خيبة الأمل) مع تصاعد الأخطار المحدقة بالوطن والأمة، وفي مقدمتها "صفقة القرن" وانعكاساتها على الأردن والقضية الفلسطينية".
وأكدت النقابات في بيانها أن "التحديات، خارجيةً وداخلية، لا يمكن مواجهتها إلا عبر خارطة طريق للإصلاح السياسي والاقتصادي، يرسمها مؤتمر وطني أردني يشارك به الجميع، يعيد تحديد اتجاهات السياسات العامة وأهدافها، وينظم الأولويات الوطنية، وعلى رأسها الحياة الكريمة للمواطن وأمن مستقبله".
ودعت إلى "مشروع وطني جامع، قوامه إعادة الاعتبار لدولة الأمان الاجتماعي، وإعادة السيطرة على الموارد العامة، ومواجهة صفقة القرن، وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية والمواطنة الفاعلة، وينجز التشاركية السياسية ويحارب الفساد، ويضرب على أيدي الفاسدين، ويطيح بنهج التبعية، ويعلي من الالتزام بمصالح الوطن والأمة، ويعمق الإحساس بالانتماء والهوية الوطنية والتكامل العربي".
وقالت النقابات في بيانها إنها "تقدمت الصفوف قبل عام تقريباً، دفاعاً عن كرامة الشعب الأردني وحقه في العدالة والحرية والعيش الكريم، وتصدت إلى جانب قوى المجتمع المدني الأخرى للشكل القديم من الحرس البيروقراطي وسياساته وحكوماته، وهي اليوم معنية بمواجهة الشكل الجديد ورجالاته وأدواته وبرامجه، خاصة والشكل الجديد ليس مجرد خيارات اقتصادية لا تلقي بالاً للأبعاد الاجتماعية، بل أخطار سياسية تطاول الدولة الأردنية ووجودها برمته".
ومازالت الاعتقالات التي تنفذها الأجهزة الأمنية تثير ردود فعل غاضبة في بعض مناطق المملكة، فقد أطلقت قوات الدرك الغاز المسيل للدموع بكثافة، الليلة الماضية، باتجاه محتجين من قبيلة بني حسن في منطقة الهاشمية بمحافظة الزرقاء، احتجاجا على اعتقال المحامي نعيم أبو ردنية المشاقبة.
وقام المحتجون بإغلاق الشارع الرئيس المؤدي إلى مصفاة البترول وإشعال الإطارت في الشارع العام، مطالبين بالإفراج عن المحامي المعتقل فورا، ومحاسبة الجهات التي تقف خلف الاعتقال.
كما نفذ ناشطون من حراك قبيلة عباد المطالب بالإصلاح اعتصاما على الدوار الثامن في غرب العاصمة عمان، للمطالبة بالإفراج عن جميع معتقلي الرأي، وعلى رأسهم الناشط أحمد النعيمات الذي جرى اعتقاله منتصف مساء الجمعة.
وحمّل المشاركون رئيس الوزراء ووزير الداخلية سلامة حماد مسؤولية الاعتقالات التي جرت خلال الساعات الماضية، مطالبين بالقبض على الفاسدين بدلا من ملاحقة المطالبين بالإصلاح ومحاربة الفساد.
يذكر أن معدل الفقر المطلق في الأردن يقترب من 16 في المائة، فيما ارتفعت نسبة البطالة عن 18 في المائة في بلد يبلغ معدل الأجور الشهرية فيه نحو 600 دولار، والحد الأدنى للأجور 300 دولار.