ويوافق 18 مارس/ آذار ذكرى "جمعة الكرامة"، وهي ذكرى أول مظاهرة في مدينة حمص ضد النظام السوري، إذ قام النظام حينها بمواجهة المتظاهرين في مسجد خالد بن الوليد، أشهر مساجد المدينة، والذي تُكنَّى حمص نسبة له بـ"أم الوليد".
وفي هذا السياق، يقول الناشط محمد الحمصي، الذي شهد تلك المظاهرة، لـ"العربي الجديد": "الناس كانوا لا يعرفون بعضهم جيداً، ولا يأمنون لبعضهم، نتيجة الخوف من قوات الأمن، وكان الكل ينظر إلى الكل، فجأة علا الصوت في المسجد هتافاً بكلمة حرية، وعبارات يا درعا حنا معاكي للموت، الله سورية حرية وبس".
وأضاف محمد: "قامت قوات الأمن بتطويق المسجد مباشرة، وقامت بتفريق المصلين بالعصي الكهربائية، والضرب بالهراوات.. كانت لحظة لاتنسى. إنها أول مرة ينطق فيها الحماصنة بكلمة ضد النظام".
وفي حديثه مع "العربي الجديد"، عبّر الناشط محمد السباعي عن شعوره بضيق في الصدر، قائلاً: "أن تُهجَّر من منزلك وحيّك ومدينتك في ذكرى ثورتك هو أمر مؤلم، لكن لن نترك ثورتنا.. سنعمل خارج حمص حتى نعود إليها"، مضيفاً: "هجرونا بالنار والحصار، ولولا ذلك لما خرجنا من ديارنا، وما تركناها".
وكان السباعي، الذي ينتظر الخروج من حمص، قد شارك في مظاهرة "جمعة الكرامة"، وقال عن ذلك اليوم: "كان في الأيام الأولى من الثورة، وكان لدينا نوع من الحذر. كنا نضع اللثام ولا نظهر وجوهنا خوفاً من الاعتقال. لقد كان شعوراً جميلاً الخروج ضد الظالم والمطالبة بفك القيود، وهو أمر يستلزم الحماس والشجاعة".
وقال: "في هذا اليوم خرج عدد من الشباب، حوالى مئتي شاب، في مظاهرة مقابل مسجد خالد بن الوليد، وساحة الساعة الجديدة بحمص، وطالبوا بالحرية وفقط.. الحرية للشعب، وبإقالة المحافظ".
وذكر السباعي متحدثاً بلهجة مدينته المميزة من بين اللهجات السورية: "هون إجى الأمن وبدأ يفرق المظاهرة بالغاز المسيل للدموع، وأجت سيارت الأمن والمخابرات بأعداد كبيرة.. هون فتت على بيت وتخبيت عندهم حتى المسا، وبعدا الأجواء توترت بحمص ومعد تهدا أبداً.. في هذا اليوم وقف السوريين مع بعضهم وتعاونوا على رد الظلم وإنهاء الطغيان، ليكون هذا اليوم ذكرى التعاون والعمل على خطى شهداء ثورة الكرامة لنيل الحرية والكرامة".
وبدوره، أكد الناشط أسامة أبو زيد من حي الوعر أن "الضغط والإجرام الروسي كانا السبب في أن يكون أول موعد للتهجير في حي الوعر موافقاً لـ"جمعة الكرامة"، وجاء ذلك مصادفة، ولو كان الأمر بيد روسيا لهجّرتنا فور توقيع الاتفاق".
وكانت المعارضة قد وقعت على اتفاق مع النظام السوري، برعاية روسية، نص على تهجير مقاتلي المعارضة والمدنيين الرافضين لمصالحة النظام من الحي إلى ريف حمص وشمال سورية.
يذكر أن المظاهرات السورية في "جمعة الكرامة" ضد حكم رئيس النظام، بشار الأسد، عمّت مناطق في حمص ودرعا واللاذقية ودوما وداريا وبانياس، لتنطلق بعدها إلى باقي المناطق السورية.