في مارس/ آذار 2016 وضع سداد دياب هذا المبلغ للنيابة العامة نهاية لحملة بدأت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، حينما هجمت أجهزة الأمن على قصره في منطقة منيل شيحة واقتيد هو ونجله توفيق إلى مديرية الأمن بتهمة حيازة أسلحة ومخالفة اشتراطات البناء. وهذه المرة يتكرر اتهام دياب بوقائع يراها مصدر مقرب منه "تافهة ومصطنعة"، وهي بيع سلع غذائية مجهولة المصدر وغير صالحة للاستخدام الآدمي وزيوت سيارات غير مطابقة للمواصفات، وذلك في محلات "لابوار" و"أون ذا رن" ومحطات وقود "موبيل" واسعة الانتشار التي يملكها دياب.
اللافت أن الحملة الإعلامية ضد دياب لم تقتصر على نشر المخالفات الصحية والإنتاجية التي قالت مباحث التموين إنه تم كشفها، وهي لا تمثل شيئاً بالنسبة لحجم مبيعات محلات دياب، بل امتدت الحملة أيضاً لاتهام دياب بأنه "يتلاعب في قوت الغلابة"، على الرغم من أن محلاته لا تستهدف المواطن البسيط، بل هي فئوية وتستهدف الشريحة العليا من الطبقة الوسطى فأكثر، ما يعكس اتجاهاً فوقياً لإساءة صورته بغض النظر عن حقيقة المخالفات.
ويرى المصدر المقرّب أن السبب الرئيسي للحملة ضد دياب في الوقت الحالي يتمثل في إجباره على الموافقة على بيع صحيفة "المصري اليوم" إلى مؤسسة "إعلام المصريين" التي يرأسها ظاهرياً رجل الأعمال أحمد أبوهشيمة، وتديرها عملياً الدائرة المقربة من السيسي، بقيادة مدير مكتبه عباس كامل. وكشف المصدر عن أن دياب رفض خلال الأشهر الخمسة الأخيرة ثلاثة عروض لاستحواذ المؤسسة المالكة لصحيفة "اليوم السابع" وقنوات "أون تي في" وصحيفة "صوت الأمة" على معظم أسهم مؤسسة "المصري اليوم" وحق إدارتها أيضاً.
ويوضح المصدر أن دياب أكد لوسطاء عديدين استحالة تخليه عن "المصري اليوم"، واصفاً الصحيفة بأنها "مشروع عمره في مجال الإعلام، وأنه يعد نجله لإدارتها بشكل كامل من بعده، وليست لديه أية نية للتخلي عنها"، وأنه في المقابل أكد للوسطاء التزامه بالحدود المتفق عليها مع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التي باتت تراقب وسائل الإعلام المطبوعة بشكل رسمي منذ إعلان حالة الطوارئ في يونيو/ حزيران الماضي.
ويربط المصدر نفسه بين الحملة الإعلامية ضد دياب وبين الترويج الإعلامي المتصاعد لتعديل الدستور لمد فترة ولاية السيسي الأولى والسماح بإعادة انتخابه بدون حد أقصى، مشيراً إلى أن "صحيفتين فقط على مستوى مصر لا تزالان تنشران مقالات وموضوعات ضد تعديل الدستور هما المصري اليوم، والشروق التي يملكها الناشر إبراهيم المعلم ورجل الأعمال أحمد هيكل"، متوقعاً أن يتسع مجال الضغط ليشمل ممولي "الشروق" قريباً.
ويضيف المصدر أن قرابة دياب بالسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، عبر والدته سامية محمود دياب، سبق أن أنقذت مؤسسات دياب من بطش النظام، وأن ارتكان دياب إلى هذه العلاقة "يضايق بعض دوائر النظام"، لا سيما أنه لا يزال من أقل رجال الأعمال تبرعاً لصندوق "تحيا مصر" بمبلغ ستة ملايين جنيه فقط، وأنه رفض زيادة تبرعاته بحجة أنه ملتزم بسداد مستحقات الدولة وليس كرجال أعمال آخرين.
ويلفت المصدر إلى أن "دياب مصنف من قبل المقربين من السيسي كشخص متلون تجاه النظام وغير مأمون الجانب، وأنه سبق وفتح صحيفته لمقالات تهاجم السيسي شخصياً، وليس سياساته".
وسبق خلال الأزمة الماضية أن أمرت النيابة العامة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 بضبط وإحضار دياب على ذمة قضية "نيو جيزة" بعد التحفظ على أمواله ومنعه من السفر، على عكس المعتاد في القضايا المالية، فالأصل أن هذين التصرفين كافيين للاحتراز من إهداره مال الدولة أو تصرفه فيه أو هروبه من التحقيق، وخصوصاً أن دياب مثل بنفسه خمس مرّات أمام النيابة قبل الأمر بضبطه وإحضاره.