يسعى المقرضون والمساهمون في شركة الطيران الهندية الخاصة "جت إيروايز" إلى طرح مقترحات وإجراء مباحثات مكثفة حولها من أجل إنقاذ الشركة المدينة بمليار دولار من الإفلاس.
وقال رئيس بنك الدولة الهندي للصحافيين اليوم الأربعاء إن إعلان إفلاس جت إيروايز "الخيار الأخير" للمقرضين وإنهم يبذلون كل ما في وسعهم من أجل استمرار الشركة في ممارسة نشاطها.
وذكر راجنيش كومار للصحافيين بعد الاجتماع مع مسؤولي الحكومة وفقاً لوكالة "رويترز" أننا "نعتقد أن من مصلحة الجميع أن تستمر جت إيروايز في الطيران"، مضيفاً أن إعلان إفلاس الشركة سيعني توقف الشركة عن تشغيل طائراتها.
وقال كومار إن المحادثات مع شركة الاتحاد للطيران ومقرها أبوظبي وهي أكبر مساهم في جت إيروايز لتدبير اتفاق إنقاذ مستمرة، متابعاً أن هناك إمكانية لضم مستثمر جديد، مضيفاً أن أي قرار جرى اتخاذه لإنقاذ جت يستند إلى أساس تجاري وليس بتوجيه من الحكومة الهندية.
ضغوط حكومية
ونقلت "رويترز" عن مصدرين أمس الثلاثاء تأكيدها أن الحكومة طلبت من بنوك تديرها الدولة إنقاذ الشركة الخاصة دون دفعها للإفلاس مع سعي رئيس الوزراء ناريندرا مودي لتفادي فقد آلاف الوظائف قبل أسابيع من انتخابات عامة.
وقال المصدران إن وزارة المالية طلبت على مدى العام الأخير تحديثات منتظمة من البنوك، وعلى رأسها بنك الدولة الهندي، عن الوضع المالي لجت إيروايز، وأضافا أنه في الأشهر الأخيرة تقدم البنوك تحديثات أسبوعية عن خطة الإنقاذ وتطلب أيضاً مشورة الحكومة.
وقال مسؤول بأحد البنوك المقرضة لجت إيروايز "يطلب مسؤولون كبار بوزارة المالية تحديثات عن الأمر". وناشدت نيودلهي البنوك التي تديرها الدولة تحويل الدين إلى حقوق ملكية وحيازة حصة في جيت إيروايز في خطوة نادرة تستخدم فيها الهند أموال دافعي الضرائب لإنقاذ شركة قطاع خاص متعثرة من الإفلاس، لكن المصدرين بالإضافة إلى مصدر ثالث قالوا إن هذا سيكون "لفترة انتقالية" ويمكن للبنوك بيع الحصص فور إقالة جت إيروايز من عثرتها.
وقال مصدر حكومي منفصل إن الحكومة حثت أيضاً صندوق الاستثمار والبنية التحتية الوطني الذي تملك 49 بالمئة فيه -وأُسس للاستثمار في مشاريع بنية تحتية متوقفة وجديدة -على شراء حصة في جت إيروايز.
أزمة تتفاقم
وتفاقمت أزمة خطوط "جت إيروايز" أمس الثلاثاء حيت توقف تشغيل بعض الطائرات والحجوزات المسبقة والإلغاءات والاستردادات.
ودفع وقف تشغيل الطائرات إلى إلغاء مئات الرحلات، بعضها في اللحظة الأخيرة، لتترك المسافرين عالقين، وأبدى الكثير من هؤلاء المسافرين استياءهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقالت المديرية العامة للطيران المدني بالهند في بيان إن جت إيروايز تشغل الآن 41 طائرة فقط، بما يعادل ثلث أسطولها الأصلي، مضيفة أن الناقلة ربما تضطر لخفض عدد الطائرات التي تشغلها في الأسابيع القادمة.
وقالت المديرية العامة للطيران المدني إن من المرجح أن تُسير جت بأسطولها الحالي نحو 985 رحلة فقط أسبوعياً، أو 140 رحلة يومياً، انخفاضاً من حوالي 650 رحلة يومياً في المتوسط في مارس/ آذار 2018.
وأضافت أن الطيارين وأفراد أطقم الطائرات والأطقم الأرضية الذين أبدوا تعرضهم للضغط والإرهاق يجب إعطاؤهم راحة من العمل، وأن على الناقلة أن تُجري أعمال الصيانة الدورية لطائراتها حتى تلك المتوقفة عن العمل حالياً.
وقالت نقابة الطيارين بالشركة أمس إن الطيارين قرروا التوقف عن الطيران اعتباراً من الأول من إبريل/ نيسان المقبل، إذا لم يكن لدى جت خطة إنقاذ جاهزة بحلول 31 مارس/ آذار الجاري ولم تقدم خارطة طريق مناسبة لدفع رواتبهم المتأخرة. وقال أحد الطيارين لقناة إي.تي ناو الإخبارية "الأمر لا يتعلق بالمرتبات الآن، وإنما يتعلق ببقائنا".
وقالت مصادر لـ"رويترز" الأسبوع الماضي، إن بعض مؤجري الطائرات لشركة جت إيروايز الهندية بدأوا إلغاء صفقات التأجير بسبب عدم سداد مستحقات ويستعدون لنقل الطائرات المؤجرة إلى الخارج، في تصعيد للأزمة التي تواجهها الناقلة.
وأشارت ثلاثة مصادر إلى أن المؤجرين تقدموا بطلب للمديرية العامة للطيران المدني، المعنية بتنظيم سوق الطيران في الهند، لإلغاء تسجيل خمس طائرات على الأقل لجت التي تواجه أزمة سيولة.
جهود إنقاذ
وتخلفت شركة الطيران التي تأسست قبل 25 عاماً عن سداد قروض بعد أن تراكمت الديون عليها لتتجاوز مليار دولار، وتُستحق عليها أموال لبنوك وموردين وطيارين ومؤجرين، بدأ البعض منهم ينهي اتفاقات تأجير مع شركة الطيران.
وتجري الشركة، محادثات مع دائنيها وهم بنوك تديرها الدولة بقيادة بنك الدولة الهندي، ومع أكبر مساهميها الاتحاد للطيران بأبوظبي، من أجل إبرام صفقة إنقاذ، لكن المحادثات طالت وتسعى "جت" جاهدة لاستكمال خطة لذلك.
وقالت الشركة الهندية الشهر الماضي إن مجلس إدارتها وافق على خطة من دائنيها لتغطية فجوة تمويلية بقيمة 85 مليار روبية (1.19 مليار دولار)، ستجعل هؤلاء الدائنين أكبر المساهمين في أكبر ناقلة كاملة الخدمات في الهند.
وأضافت الشركة أن مجلس إدارتها وافق على اتفاق إنقاذ من شأنه أن يجعل أكبر مقرضيها، بقيادة بنك الدولة الهندي "ستيت بنك أوف انديا"، أكبر المساهمين في الشركة، ويتضمن الاتفاق، الذي يخضع لموافقة الهيئات التنظيمية، ضخ رأسمال وإعادة هيكلة الديون وبيع أو بيع وإعادة استئجار طائرات.
وقال مصدر لـ"رويترز" إن شركة الاتحاد للطيران، التي تملك حصة 24% في "جت إيروايز"، تظل حذرة بشأن ضخ مزيد من المال في شركة الطيران بما في ذلك تمويلا مؤقتا يقارب 7 مليارات روبية (99 مليون دولار)، حيث سعت الاتحاد من قبل للحصول على استثناء من مجلس الأوراق المالية والبورصة في الهند من قواعد التسعير التفضيلي والعرض المفتوح للمساهمين لزيادة حصتها في شركة الطيران التي تعاني من شح السيولة.
وتقدمت الاتحاد قبل ذلك في يناير/كانون الثاني، بعرض للاستثمار بسعر 150 روبية هندية فقط للسهم، وهو أقل بنسبة 53 في المئة من سعر الإغلاق لسهم الناقلة عند 281.35 في ذلك التوقيت.
بينما ذكرت محطة "سي.إن.بي.سي-تي في18" أن الاتحاد للطيران عرضت شراء أسهم في شركة جت إيروايز الهندية المثقلة بالديون بخصم 49 بالمئة ودفع 35 مليون دولار على الفور في حال استيفاء شروط معينة.
وقالت القناة وقتها إن الاتحاد تريد أن يتنحى ناريش جويال (69 عاماً) مؤسس ورئيس مجلس إدارة جت ايروايز عن مجلس الإدارة وأن يخفض حصته إلى 22 من 51 بالمئة، وهو ما تم بعد ذلك فعلياً.
كانت الاتحاد للطيران، التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها، قد قدمت إنقاذاً مالياً للناقلة الهندية في 2013، حيث دفعت 600 مليون دولار مقابل حصة نسبتها 24 بالمئة في "جت"، بجانب حقوق للإقلاع والهبوط في مطار هيثرو وحصة أغلبية في برنامج المسافر الدائم التابع لجت.
كانت "جت" قد أكدت في أغسطس/آب الماضي إنها ستستثمر في أنشطتها، وستخفض التكاليف بما يتجاوز 20 مليار روبية (285 مليون دولار) خلال عامين، كما تخطط لجمع أموال من خلال بيع حصة في برنامج المسافر الدائم التابع لها.
وقال المدير المالي للشركة أميت أجاروال، إن الشركة تتوقع توفير نحو 3.7 مليارات روبية هذا العام من تكاليف الصيانة، كما تتوقع خفضها بواقع 6.5 مليارات روبية بدءاً من الأول من يناير/كانون الثاني 2019.
(الدولار = 71.1580 روبية هندية)
(رويترز، العربي الجديد)