على الرغم من أنّ شهر مايو/ أيار يُعَدّ شهراً جميلاً بالنسبة إلى كثيرين حول العالم، إلا أنّه ليس كذلك على الإطلاق في اليابان، خصوصاً لمن يعانون من الاكتئاب. أبريل/ نيسان هو شهر العام الدراسي الجديد، والسنة المالية الجديدة، وفرص العمل الجديدة، وحتى تحديد المهام الجديدة ضمن الوظائف القديمة. وهو الموسم الجديد، والطقس الجديد، والملابس الجديدة، والنظرة الجديدة إلى الحياة. أما مايو، فينقشع فيه غبار التغيير بحسب موقع "جابان توداي"، وتبدأ معه الآلام الناتجة عن كلّ تلك التغييرات، وما فيها من تكيّف صعب.
ليدا (44 عاماً) يعمل في شركة تصنيع معدات طبية، نُقِل إلى قسم يترأسه شخص يصغره بثلاث سنوات. الأمر عموماً ليس سيئاً، لكنّ ليدا يعاني من حساسية تجاه فارق السن ويفترض تلقائياً أنّ رئيسه استبدادي بغيض. ترتفع مستويات التوتر لديه، ويتجنب رئيسه كلما أمكنه ذلك. في أحد أيام مايو، أغمي عليه خلال ساعات العمل، وبعد نقله إلى المستشفى تبيّن للأطباء أنّه يعاني من الاكتئاب. عاد إلى العمل بعد إجازة، لكنّ الأمور لم تسر على ما يرام، وما زال ينتظر تغييراً جيداً هذه المرة في أحد شهور أبريل.
تربية الأطفال واحدة من مباهج الحياة، لكنّ ذلك ينقلب إلى العكس تماماً عندما يملأ التوتر الأجواء. تاكاهاشي أب لطفلين يبلغ من العمر 37 عاماً. ابنه الأكبر دخل للتوّ إلى الصف الأول أساسي، أما الأصغر فيحمله يومياً إلى الحضانة النهارية. هو أحد متخصصي تكنولوجيا المعلومات ويعمل بدوام مرن، أما زوجته فدوامها صعب. يعيد الطفلين ظهراً إلى البيت ويبقى معهما طوال ساعتين إلى حين وصول زوجته.
يخرّب الطفل الأصغر كلّ شيء في المنزل، ويرمي الأغراض. فيحمله والده معظم الأوقات، خصوصاً عندما يبكي. هذا الأمر يشعر حياله الطفل الأكبر بالحرمان من نصيبه العادل من عطف الوالد. يزداد التوتر في المنزل إلى مستوى كبير، حتى إنّ تاكاهاشي يشعر بأنّه على وشك الانهيار، وعندما تحضر زوجته يبدأ شجاراً مكرراً معها. يقول: "لقد استُهلِكنا تماماً. لا يمكننا التحدث مع بعضنا بعضاً حتى.. كلّ كلمة تبدو كما لو أنّها ستشعل معركة".
مثل هذه الأزمات تصل إلى ذروتها في مايو، خصوصاً إذا ما علمنا أنّ 30 مليوناً من اليابانيين يعانون من الاكتئاب.