أجبرت الحرب آلاف اليمنيين الشباب على مغادرة البلاد للعمل في أخرى، فيما يحاول آخرون كثيرون القيام بالمثل لمواجهة شظف العيش والحرب المستمرة في مناطق يمنية مختلفة. لكن كثيراً ما يواجه هؤلاء الشباب مصاعب ومعوقات سببتها الحرب، لتقلل من فرص السفر أو حتى الوصول إلى المنافذ البرية أو البحرية الحدودية.
ويختار شباب اليمن الهجرة إلى دول محددة، وتظل المملكة العربية السعودية الوجهة المفضّلة لأكثرهم، لا سيّما بعد التخفيف من القيود المفروضة على المغترب اليمني منذ بداية تدهور الأحوال الأمنيّة في البلاد. لكن المهاجر اليمني يجد صعوبة بالغة في الوصول إلى الحدود اليمنية السعودية أو العمانية، بعد توقف حركة الملاحة الجوية والبحرية على أثر تطبيق قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، الحصار الجوي والبحري على اليمن منذ نهاية مارس/ آذار الماضي.
وتبقى المواجهات المسلحة في أكثر من موقع يمني ومنع وصول الشباب نحو منافذ العبور الخارجية، العائق الأبرز أمام المهاجرين. هذا ما يؤكده حسن الباشا، الذي كان يتأهب "للسفر مرة أخرى إلى السعودية عن طريق التهريب من الحدود البرية، بعدما كان الحوثيون قد ألقوا القبض عليّ في منطقة نهم (80 كيلومتراً شمال العاصمة صنعاء)، وقد اتهموني بأنني أتوجّه إلى منفذ الوديعة الحدودي (500 كيلومتر شمال شرق صنعاء)، للانضمام إلى "المقاومة الشعبية" التي تتلقى تدريباً وتسليحاً في أحد المعسكرات السعودية في محافظة شرورة التابعة إدارياً لمنطقة نجران والتي تفصلها عن اليمن مدينة الوديعة، حيث المنفذ الحدودي مع محافظة حضرموت (شرق)".
يقول الباشا إن "الحوثيين أنزلوا من على متن حافلة مسافرين كل شاب لا يرافق أسرة ودون الأربعين من عمره، عند نقطة تفتيش في مديرية نهم. وقد اقتادونا إلى أحد معتقلاتهم قبل أن يفرجوا عن بعضنا، بعد أكثر من أسبوع عند الانتهاء من التحقيق معنا والتأكد من أننا نقصد السعودية للعمل وليس للانضمام إلى القوات المؤيدة للرئيس عبد ربه منصور هادي". ويشير إلى أنه يحاول مجدداً السفر على الرغم من أنه يخاف من إلقاء القبض عليه مجدداً، لأن أكثر عناصر نقاط التفتيش ما بين صنعاء ومأرب (شرق) يتغيّرون من حين إلى آخر.
ويدرك الباشا جيداً أن سفره إلى السعودية في هذه الظروف "مخاطرة، لا سيّما مع وجود مواجهات مسلحة بين القوات الموالية للرئيس هادي والحوثيين على امتداد الطريق الذي عليّ سلوكه. لكنني مجبر على مغادرة اليمن"، إذ هذه آخر الفرص المتاحة لتأمين مستقبله وبقية أفراد أسرته. يضيف: "كنت أعمل في مجال البناء، ومع بداية الحرب توقفت الأعمال تماماً وأصبحت أسرتي بلا مصدر دخل. لهذا أنا مستعد لفعل أي شيء كي نعيش".
من جهته، نجح إسماعيل الوادعي في تجاوز أكثر من 40 نقطة تفتيش تابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيون) والقوات الموالية للرئيس هادي في طريقه إلى منفذ الوديعة الحدودي، ويبقى هناك أكثر من أسبوع قبل أن يتمكن من دخول السعودية بعدما ضمنه أحد المغتربين اليمنيين أمام السلطات السعودية. والوادعي سعيد اليوم، فهو حظي بفرصة لم يحصل عليها عشرات آلاف اليمنيين الشباب. ويخبر: "اضطررت إلى التوجّه بداية إلى مدينة سيئون في محافظة حضرموت بحجة حضور حفل زفاف عائلي، معززة بدعوة من أصحاب المناسبة".
في هذا الإطار، يشير مصدر مسؤول في وزارة شؤون المغتربين، فضّل عدم الكشف عن هويته، إلى أن هجرة اليمنيين في هذه المرحلة "عشوائية وغير خاضعة للرقابة من قبل السلطات اليمنية بسبب الحرب"، موضحاً أن "آلاف الشباب يغادرون اليمن متوجهين إلى أماكن مختلفة حول العالم". يضيف لـ"العربي الجديد"، أن الحرب زادت من أعداد اليمنيين الشباب المحبطين من الأوضاع، وهو ما دفعهم إلى المخاطرة للخروج من البلاد. ويحذّر من أن "استمرار الهجرة من دون تنسيق مع الجهات الرسمية داخل اليمن، سوف يتسبب في مشكلات مستقبلية في الداخل وفي الدول المضيفة على حد سواء".
ولا يهاجر اليمنيون هذه الأيام بحثاً عن الرزق وحسب، فمئات الناشطين والسياسيين يضطرون إلى السفر هرباً وخوفاً من الأعمال العسكرية ومن عمليات الاختطاف ومداهمات منازل المعارضين. ويسلك هؤلاء بأكثرهم طرقات فرعية غير معروفة للوصول إلى محافظة مأرب الخاضعة لسيطرة القوات الموالية للرئيس هادي قبل الانتقال إلى منفذ الوديعة. ويُعدّ هذا المنفذ الحدودي أحد منافذ العبور البرية الأربعة التي تربط اليمن بالسعودية إلى جانب منفذ حرض ومنفذ البقع ومنفذ علبين. وهو ظل مفتوحاً بعد إغلاق المنافذ الأخرى بسبب الحرب الجارية.
اقرأ أيضاً: أشهر رهيبة في اليمن