صعد اليمنيون من المواجهة الاقتصادية مع الإمارات، بتدشين حملة واسعة تدعو لمقاطعة وسحب تنظيم معرض "إكسبو 2020" من الإمارات، الذي تعول عليه الدولة الخليجية بشكل كبير لإبعاد شبح الركود، الذي يخيم على السوق العقارية، لا سيما في دبي.
وتأتي حملة مقاطعة "إكسبو 2020" بعد أيام قليلة من اتساع حملات مقاطعة للبضائع الإماراتية، لتصبح تحت طائل رفض يمني وسعودي وخليجي مكثف، وتفاعل عربي واسع، ليس بسبب الممارسات الإماراتية في اليمن فحسب، وإنما بسبب رداءتها ومخاطرها الصحية. وتقام معارض إكسبو الدولية كل خمس سنوات وتستمر لفترة أقصاها 6 أشهر وتستقطب عادةً ملايين الزوار.
وكان المكتب الدولي للمعارض، قد أعلن خلال انعقاد جمعيته العامة في باريس في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، عن اختيار دبي لاستضافة المعرض في الفترة من 20 أكتوبر/تشرين الأول 2020 حتى 10 إبريل/نيسان 2021.
وأطلق نشطاء يمنيون حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو المكتب الدولي للمعارض لسحب التنظيم من الإمارات، في ظل ممارساتها لدعم الكيانات المتطرفة في اليمن، وتقويضها للحكومة الشرعية واستيلائها على الكثير من المواقع الاقتصادية من موانئ ومطارات وإنتاج وتصدير النفط والغاز في الدولة التي يعاني ثلثا سكانها من الفقر.
وتتزامن الحملة مع وقفات وتظاهرات احتجاجية للجاليات اليمنية أمام الشركات والمؤسسات التجارية الدولية في الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية والآسيوية لحثها على مقاطعة "إكسبو 2020".
وتعول الإمارات بشكل كبير على المعرض في إنعاش أسواقها، التي تعاني من تباطؤ، حيث تتوقع أن يجذب أكثر من 25 مليون زيارة خلال فترة انعقاده، ليأتي 70 في المائة من الزوار من خارج الدولة، ما يؤدي إلى إنعاش الطلب على الغرف الفندقية والسلع المختلفة والمعاملات المالية في الدولة التي تشهد تباطؤاً بفعل ركود حاد في السوق العقارية أثر بشكل بالغ على العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية والمالية.
وغرد مختار الرحبي السكرتير الصحافي السابق للرئيس اليمني قائلاً: "أسبوع وأيام موجعة للإمارات التي لم تتورع في إغراق الأسواق اليمنية والسعودية والخليجية والعربية بالسلع المغشوشة، وبعد أن تم فضحها في حملة ما تزال متواصلة لمقاطعة ما ترسله من سلع مغشوشة ومقلدة، ها هي حملة أخرى تنطلق لمقاطعة إكسبو 2020".
وأكد الناشط والصحافي أنيس منصور، أحد قادة الحملة، أن مقاطعة إكسبو 2020، هي حملة تم تدشينها عبر مغردين يمنيين كواجب إعلامي وإنساني لمواجهة عبث وخطط ومؤامرات وجرائم ضد الإنسانية.
وقال منصور لـ"العربي الجديد"، إن "الإمارات أغلقت المطارات أمام المواطنين اليمنيين، وفرضت الحصار على الموانئ البحرية وأوقفت إنتاج النفط وتصدير الغاز، ودمرت اقتصاد الوطن وبنيته التحتية في إطار أطماعها، وارتكبت مختلف الجرائم، من إنشاء سجون سرية ودعم للمليشيات الانفصالية والإرهابية".
وأضاف: "يجب على الجميع مقاطعة إكسبو 2020 لأن كل درهم يدفع في المعرض يأتي برصاصة في صدر طفل يمني".
وتفاعلت مع الحملة، وفق ناشطين يمنيين، منظمات دولية عاملة في مجال حقوق الإنسان والشفافية، ستسعى إلى تنظيم تكتل لمخاطبة اللجنة المنظمة لمعرض إكسبو بغرض سحب التنظيم من الإمارات وتنظيمه في بلد بديل يحترم حقوق الإنسان.
وبحسب منصور فإن "هذه الحملات ستلعب دوراً سياسياً واقتصادياً ضد الإمارات، لأن رأس المال جبان".
في السياق، قال الخبير القانوني أبوبكر سيف، إن "الإمارات تتدخل في أغلب الدول العربية، وتعمل جاهدة على تدمير النسيج الاجتماعي وإجهاض الديمقراطية، وهذه أسباب كافية لينظر إليها المجتمع الدولي كدولة خطرة والتعامل معها على هذا الأساس، وبالتالي لا يحق لها، استضافة أي فعاليات أو ملتقيات أو معارض اقتصادية دولية، وبات لزاما على الجهات الدولية المختصة سحب تنظيم إكسبو 2020 منها".
وكان رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك فضل منصور، قد أكد مؤخرا، أهمية الحملات الإلكترونية التي فتحت الباب بشكل واسع لتشكيل رأي عام شعبي لمقاطعة المنتجات الإماراتية ومختلف الفعاليات الاقتصادية والتجارية التي تنظمها الدولة الخليجية.
وتصاعدت هاشتاغات مقاطعة المنتجات الإماراتية على مواقع التواصل الاجتماعي ليس في اليمن فحسب وإنما في السعودية والكويت وسلطنة عمان ودول عربية عدة، إذ أكد مئات المغردين السعوديين معاناة الأسواق في المملكة من بضائع مغشوشة وفاسدة واردة من الإمارات.
وتتمتع كل من السعودية والإمارات بعلاقات تجارية قوية، إذ قال وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان المنصوري، في تصريحات صحافية، مؤخرا، إن حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين خلال السنوات الخمس الماضية وصل إلى 417.6 مليار درهم (113.6 مليار دولار).
وأضاف الوزير الإماراتي، أن حجم التبادل التجاري بلغ 107.4 مليارات درهم (29.2 مليار دولار) العام الماضي، بنمو 35 في المائة عن العام 2017 البالغ 79.2 مليار درهم (21.5 مليار دولار).
واتخذت الكويت إجراءات احترازية للكشف عن مدى صحة مخاطر المنتجات الإماراتية، حسب مصادر تحدثت لـ"العربي الجديد" الأسبوع الماضي.
وتأتي حملة مقاطعة معرض "إكسبو 2020" في وقت يعاني فيه قطاع العقارات في دبي من ركود حاد، ما أضر بالقطاع المصرفي في السنوات الأخيرة.
ووفق تقرير نشرته وكالة أسوشييتد برس مؤخراً، فإن مخاطر تهدد نجاح المعرض الدولي، في ظل التوتر السياسي والعسكري في منطقة الخليج العربي، فضلا عن تعثر سوق العقارات في دبي بالتوازي مع المشاكل التي يواجهها الاقتصاد العالمي.
كانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني العالمية، قد قالت في تقرير لها في سبتمبر/أيلول الماضي، إن بنوك الإمارات تواجه خطراً متزايداً في ظل تدهور جودة الأصول، بسبب ضعف قطاع العقارات الناجم عن تهاوي الأسعار.
وأفادت الوكالة بأن أسعار العقارات هوت بنسبة 20 في المائة عن مستويات عام 2014، مشيرة إلى أنه من غير المرجح انتعاش أسعار الإيجارات على المدى القريب، مع استمرار زيادة العرض حتى بعد معرض إكسبو 2020 في دبي، لافتة إلى أن الأزمة الحالية تضيف أعباء متزايدة على البنوك.
وأضافت أن "البنوك لم تتعاف تماماً من الأزمة العقارية التي ضربت دبي في 2010، وقروض البنوك التي تمت إعادة هيكلتها مرتفعة بالفعل، إذ بلغ متوسطها بين 15 و20 بالمائة من إجمالي القروض، ومن المرجح أن تزداد".
وأشارت وكالة التصنيف الائتماني، إلى ارتفاع وتيرة إعادة هيكلة القروض في القطاع العقاري والمقاولات والقطاعات الأخرى ذات الصلة، ما يدل على ضعف جودة الأصول، متوقعة إعادة هيكلة نسبة كبيرة من القروض البالغة 23 مليار دولار المقدمة إلى الكيانات المرتبطة بحكومة دبي المالكة، والتي تستحق حتى نهاية عام 2021.
وسبق أن توقعت وكالة بلومبيرغ الأميركية، في تقرير لها منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، أن ترتفع القروض المتعثرة في الإمارات هذا العام، ما يدفع البنوك إلى عمليات اندماج للحفاظ على وجودها.