نفّذ مسلحون تابعون لتنظيم "القاعدة"، في الساعات الأولى من فجر السبت، هجوماً على مقر قيادة المنطقة العسكرية الأولى، ومبنى الأمن القومي والبنك المركزي والمجمع الحكومي ومبنى المطار في مدينة سيئون، عاصمة مديريات الوادي في محافظة حضرموت، شرقي اليمن.
وأكد مصدر في مكتب وزير الداخلية اليمني، لـ"العربي الجديد"، أن مسلحي "القاعدة" أحرقوا مبنى شرطة النجدة ومبنى شرطة السير (المرور)، وفجّروا جزءاً من مبنى الأمن القومي (الاستخبارات)، وأن اشتباكات دارت قرب المجمع الحكومي.
وقال المصدر إن الهجوم كان واسعاً ومنظماً في خطة واضحة لإسقاط سيئون بالكامل. وأفادت مصادر محلية بأن انقطاعاً تاماً للتيار الكهربائي طرأ في ساعة متأخرة من مساء الجمعة، أعقبته انفجارات واشتباكات سُمعت على بعد كيلومترات من المدينة، ولفتت إلى أن اشتباكات عنيفة بالرشاشات دارت بين المهاجمين وحراس مقر قيادة المنطقة العسكرية الأولى حالت دون سيطرة المسلحين على المقر.
ووجّه مستشفى سيئون نداء استغاثة عبر مكبرات الصوت، للتبرع بالدم لإسعاف جرحى الاعتداءات، في ظل أنباء غير مؤكدة عن وصول القتلى إلى قرابة الـ30، وسط حالة من الهلع أصابت المواطنين جراء الاشتباكات التي تدور تحت جنح الظلام.
ويأتي هجوم سيئون بعد أقل من أسبوع على هدوء جبهة أبين وشبوة، جنوبي البلاد، حيث نفّذ الجيش حملة عسكرية استهدفت معاقل لتنظيم "القاعدة" في المحافظتين، واستعاد منطقتي المحفد وعزان اللتين تعتبران من أهم معاقل التنظيم في اليمن.
وقف المواجهات في عمران
في غضون ذلك، نقل موقع وزارة الدفاع، في ساعة مبكرة من صباح السبت، عن رئيس اللجنة المكلفة بإحلال الأمن والاستقرار في محافظة عمران، شمالي البلاد، العميد قائد العنسي، أنه تم احتواء التوترات التي شهدتها المحافظة، مساء الجمعة، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار وإنهاء الاشتباكات الدائرة بالمحافظة.
وأوضح رئيس اللجنة أنه "استجابة لتوجيهات رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، عبد ربه منصور هادي، القاضية بالإيقاف الفوري لإطلاق النار، تمكنت اللجنة من التوصل إلى التزام الجميع بوقف إطلاق النار اعتباراً من الساعة الواحدة بعد منتصف هذه الليلة" (الجمعة ـ السبت).
وأشارت إلى أن محافظة عمران شهدت مواجهات متقطعة في العديد من القرى والمناطق بين الجيش والحوثيين بمختلف الأسلحة، وسط تضارب حول أعداد القتلى والجرحى.
وأضافت المصادر أن مسلحي الحوثي أقدموا صباح الجمعة على تفجير مدرسة لتعليم القرآن في منطقة الخدرة في عمران، في ثاني حادث من نوعه خلال 24 ساعة، إذ فجروا يوم الخميس "دار الحديث" في قرية سناح في مديرية آنس بمحافظة ذمار، جنوبي العاصمة صنعاء.
وأكدت المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن تعزيزات من الحوثيين وصلت من صعدة وحرف سفيان إلى المناطق والجبال القريبة من مدينة عمران. وأشارت إلى سيطرة مسلحي الحوثي على مناطق في قهال وبني يزيد وذيفان شرقي مدينة عمران، مركز المحافظة، إضافة إلى سيطرتهم على جبال مطلة على المدينة شمالاً في منطقة المضلعة.
وكان مسلحو جماعة أنصار الله قد سيطروا في أوقات سابقة على مناطق شرقي المدينة من جهة ثلا وحجة، ما يعني أنهم طوقوا عمران من ثلاث جهات ولم تبق سوى الجهة الجنوبية المؤدية إلى العاصمة صنعاء.
وفي السياق، قال مسؤول محلي في عمران، طلب عدم ذكر اسمه، إن اللواء العسكري المرابط في عمران أصبح بحاجة ماسة إلى تعزيزه بلواء آخر وإسناد جوي منعاً لسقوط المدينة في أيدي الحوثيين.
وأوضح، لـ"العربي الجديد"، أنه "إذا أراد الرئيس عبد ربه منصور هادي، حماية العاصمة صنعاء، فعليه حماية عمران من السقوط"، إذ لا يفصل عمران عن العاصمة صنعاء سوى 50 كيلومتراً.
وقتل العشرات في المواجهات المستمرة منذ فجر الثلاثاء الماضي بين الجيش والحوثيين الذين سيطروا، أوائل العام الحالي، على مناطق عديدة في عمران من ضمنها معاقل لبيت الأحمر (أبرز القبائل اليمنية). كما أقاموا اعتصامات مسلحة على مدخل المدينة الغربي منذ مارس/ آذار الماضي.
قتلى حوثيون في الجوف
في هذه الأثناء، قتل ثلاثة على الأقل من عناصر "أنصار الله" وأصيب آخرون في تفجير سيارة مفخخة عند حاجز تفتيش لمسلحي الجماعة في محافظة الجوف، شمالي اليمن.
وقالت مصادر مقرّبة من الحوثيين إن السيارة التي يقودها انتحاري كانت معدّة للانفجار في مركز تابع للجماعة في مديرية الغيل، لكنها انفجرت في النقطة الأمنية القريبة من المكان. ولم تعلن أية جهة حتى الآن مسؤوليتها عن العملية.
وقالت قناة "المسيرة"، التابعة للحوثيين، إن قتلى الحادث ثلاثة بينهم طفلان، إضافة إلى إصابة 4 آخرين.
وشهدت الجوف، الواقعة إلى الشرق من محافظتي صعدة وعمران، هجمات مماثلة في أوقات سابقة، حيث قتل نحو 23 من الحوثيين في هجوم استهدف موكباً في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، كما قتل نحو 13 منهم بحادث مشابه في 26 مايو/ أيار 2012.