اليمن... اشتباكات حدودية تعيد إحياء حديث المنطقة السعودية العازلة

23 يوليو 2016
قلق من التصعيد على الحدود اليمنية(عبد الجبار بعجبير/فرانس برس)
+ الخط -
عاد التصعيد إلى المناطق الحدودية بين اليمن والسعودية بعد هدوء نسبي استمر أشهراً، إذ أعلنت جماعة أنصار الله (الحوثيين) استهداف مناطق سعودية بقذائف، بالتزامن مع عودة الضربات الجوية في محافظة صعدة، والتي اتهم الحوثيون فيها التحالف باستهداف "لجنة التهدئة". وترافق التصعيد الحدودي مع تصريحات تفيد بأن السعودية باتت تولي أهمية كبيرة وجدية لبناء منطقة عازلة على الحدود مع اليمن.

وفيما أكد الدفاع المدني في السعودية سقوط ثلاثة مصابين من المقيمين في منطقة نجران الحدودية، جراء قذيفة من اليمن، أول من أمس الخميس، أعلن الحوثيون خلال الأيام الثلاثة الماضية، بأوقات متفرقة، إطلاق ست قذائف صاروخية من نوع "أوراغان"، وما تطلق عليه الجماعة "زلزال 3"، المطور محلياً، باتجاه مواقع سعودية في منطقتي نجران وجازان، المتاخمتين لمحافظتي صعدة وحجة من الجانب اليمني، وتحديداً في الشمال الغربي من البلاد.

وكانت الغارات الجوية للتحالف قد استؤنفت أخيراً في محافظة صعدة، معقل الحوثيين الحدودي مع السعودية، بعد توقفها إلى حد كبير، منذ بدء المباحثات الحوثية-السعودية المباشرة، في مطلع مارس/ آذار الماضي، حينما أبرم الطرفان هدنة حدودية توقفت بعدها المواجهات على الحدود والغارات في صعدة، وجرت عمليات تبادل أسرى ولقاءات في مدينة ظهران الجنوب، غير أن الضربات الجوية عادت واستهدفت منطقة مران؛ المعقل الأول لقيادة الحوثيين، ومناطق أخرى في المحافظة.

وفي السياق، اتهم الحوثيون التحالف باستهداف أعضاء لجنة التهدئة والتنسيق المركزية، الممثلين عن الجماعة وحلفائها، بغارات جوية يوم أول من أمس. واعتبر الناطق الرسمي باسم الجماعة، محمد عبدالسلام، أن الاستهداف يشكل "عرقلة صريحة لعمل اللجنة ودورها". وأوضحت اللجنة التي كانت في الكويت، في رسالة موجهة إلى مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، أنه جرى استهداف أعضاء فيها بثلاث غارات جوية، في مديرية "مجز" في صعدة. وجاء القصف أثناء تحرك بعض أعضاء اللجنة إلى جانب محافظ صعدة، الموالي للحوثيين، محمد جابر عوض، بهدف تجهيز عرفة عمليات مساعدة للجنة التهدئة، بحيث تكون قريبة من مناطق الصراع لدعم وقف الأعمال العسكرية. ونتج عن القصف احتراق سيارة المحافظ وسقوط خمسة مصابين.

وكانت مصادر قريبة من الحوثيين قد سربت، منذ أيام، معلومات تفيد بأن جماعة أنصار الله ومن خلال التفاهمات المباشرة، اتفقت مع الجانب السعودي، على تأسيس غرفتي عمليات للجنة، إحداهما في ظهران الجنوب، السعودية، والأخرى في صعدة، معقل الحوثيين، وكلاهما منطقة حدودية. وجاء الاتهام للتحالف باستهداف اللجنة ليعزز الأنباء عن التفاهمات بالغرفتين، غير أن ملابسات استهداف اللجنة، حسب اتهامات الحوثيين، لا تزال غامضة.


وتزامن التصعيد بإطلاق قذائف في الجانب السعودية وضربات جوية في المقابل، مع مواجهات عنيفة شهدتها منطقة حرض الحدودية في محافظة حجة، حيث نفذت قوات الجيش اليمني الموالي للشرعية، أول من أمس الخميس، عملية حاولت من خلالها التقدم في مناطق جديدة بمدينة حرض، مسنودة بضربات جوية، قال الحوثيون إنها وصلت إلى أكثر من 30 غارة جوية. وسقط عدد كبير من القتلى من الطرفين، قُدروا بالعشرات من جانب الحوثيين، بالإضافة إلى نحو 16 من قوات الشرعية، وفقاً لما أفادت مصادر قربية من المقاومة لـ"العربي الجديد".

في غضون ذلك، يشكل التحذير المفاجئ الذي صدر عن سفارة الولايات المتحدة في الرياض، للرعايا الأميركيين من احتمال وقوع هجمات على الحدود اليمنية السعودية، إنذاراً بأن الوضع يتجه إلى التصعيد. وقد ذكرت شبكة "سي إن إن" أن تحذير السفارة أتى ليبلغ موظفي الحكومة الأميركية وعائلاتهم أنه غير مسموح لهم السفر إلى القطيف وجيزان ونجران أو الاقتراب من الحدود اليمنية لمسافة تقل عن 50 ميلاً، دون الحصول على إذن رسمي.

ويأتي التصعيد في المناطق الحدودية، وسط أنباء عن حسم السعودية لأهمية بناء "منطقة عازلة" على الحدود مع اليمن. ونقلت صحيفة "عكاظ" في عددها الصادر يوم الإثنين الماضي، عن محافظ محافظة الداير السعودية (جزء من جيران)، مالك محمد بن هادي الشمراني، أن "لجنة مختصة حسمت أهمية وجود منطقة عازلة على الحدود السعودية-اليمنية"، مشيراً إلى أن "التوصية بنقل القرى الحدودية ضرورة للمحافظة على أمن وسلامة الوطن من العابثين وضعاف النفوس"، وفق تعبيره. وأكد أن ذلك "يأتي امتداداً للقرى التي سبق أن أخليت من قبل في وقت سابق وفي محافظات أخرى"، مضيفاً أنه "لن يتم نقل أي مواطن من منزله إلا بعد حصوله على تعويضات كبيرة ومجزية".

يشار إلى أن جدل بناء سياج حدودي بين اليمن والسعودية كان قد بدأ منذ عام 2003، إذ يرتبط البلدان بأطول شريط حدودي بالنسبة للبلدين، إلا أن الجانب اليمني، آنذاك، اعترض على موضوع بناء السياج، ما أدى إلى إيقاف عملية إنشائه.