بعد عامين من الحرب التي يشنها تحالف عربي ضد الانقلاب في اليمن، أصبح هناك انقلابان، أحدهما في صنعاء والآخر في عدن، ممثلاً بإعلان مجلس انتقالي انفصالي في جنوب اليمن، تدعمه ضمناً دولة الإمارات، على عكس دولة قطر المتمسكة بمواقفها الرسمية حول وحدة اليمن وقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي. أما باقي دول الخليج، فتبدو أيضاً ملتزمة بالموقف المعلن من قبل مجلس التعاون الخليجي قبل أيام حول "وحدة التراب اليمني"، مع أن الحماسة تتفاوت في التعبير عن رفض إعلان المجلس الانفصالي الجنوبي، إذ لم تجاهر برفضه، بوضوح، إلا سلطنة عُمان، بالإضافة إلى دولة قطر من خلال إصرارها على وحدة الجمهورية اليمنية. في هذه الأجواء، كانت لافتة الحملة الكبيرة التي شنّتها ولا تزال، منذ اليوم الأول لإعلان نوايا الشخصيات الجنوبية المحسوبة على دولة الإمارات، ضد دولة قطر، خصوصاً من قبل "رجل الإمارات الأول" في اليمن، الوزير المقال، الشيخ السلفي، هاني بن بريك.
وقد تكفلت الإمارات بوصفها عضواً في التحالف العربي الذي تقوده السعودية، بواجهة العمليات العسكرية وملفات إعادة الإعمار وبناء الأجهزة الأمنية والعسكرية وغيرها من الملفات في الجنوب اليمني. وعلى الرغم من ذلك، ومع أنه ليس سراً أن أبوظبي تحتكر السيطرة على معظم المرافق الأمنية والاقتصادية والاجتماعية في عدن تحديداً، ظلّت مواقع إلكترونية محسوبة على هذه الدولة تسأل، خلال الصيف الماضي، "أين الكهرباء يا قطر؟"، في إشارة إلى حالات الوفاة العديدة التي شهدتها "العاصمة اليمنية المؤقتة" بسبب انقطاع الكهرباء، في المدينة التي تكتوي بدرجات الحرارة.
وخرج الرجل الثاني بالانقلاب/جنوباً من مقر إقامته في العاصمة الإماراتية أبوظبي، هاني بن بريك، مغرّداً في صفحته على موقع "تويتر" قبل يومين: "نستنكر وندين بشدة تصرفات قطر وتدخلاتها في شأن الجنوب العربي الضارة بشعبنا، والتي وصلت حد الكذب الصريح والعون للمخربين في حين لم تقدم شيئاً للجنوب".
يُوصف بن بريك، بأنه أحد رموز التطرف السلفي في جنوب اليمن، تتبعه أعداد غير قليلة من المقاتلين السلفيين المتشددين، ممن جرى تجميعهم خلال الحرب ضد الانقلابيين، ثم أصبحوا ذراع أبوظبي في وقت لاحق، وكان من أشهر ما قاموا به أخيراً اغتيال ناشط جنوبي بتهمة الإلحاد، جرى قتله ذبحاً بطريقة داعشية، ولم ينبس بن بريك ببنت شفه لإدانة الحادثة. ويبدو بن بريك ذراع أبوظبي المتطرف في تصفية خصومها السياسيين، وفي الفترة الأخيرة، وأثناء وجوده في أبوظبي، هدد بن بريك من ينتقد سياسة الإمارات، بأنه سيصبح ممنوعاً من دخول "الجنوب". كما تعرّض مقر حزب "الإصلاح" للإحراق في عدن، من مجموعة مسلحة يُعتقد أنها من أفراد القوات المدعومة إماراتياً، ولم تصدر السلطات الأمنية أي بيان حول الحادثة.
ويتواجد القيادي المتطرف المثير للجدل، والذي يعد رجل الإمارات الأول بن بريك في أبوظبي، ويظهر في صور مشتركة مع محمد بن زايد، وإلى جانبه يظهر أحياناً الرجل الأول في واجهة انقلاب عدن، عيدروس الزبيدي، في العاصمة الإماراتية أبوظبي، منذ ما يقرب من أسبوعين. وفي مقابل الأحداث المهولة التي شهدها جنوب اليمن أخيراً، وجعلت التحالف العربي أمام انقلابين اثنين بدلاً من انقلاب واحد في صنعاء، سرعان ما تحولت الأنظار، بقدرة قادر، إلى مهاجمة قطر ودورها، لحرف الأنظار عن الانحرافات العميقة الحاصلة في جنوب اليمن، بأصابع إماراتية وجّهت شتى التهم ضد الدوحة.