تزايدت في مدينة عـدن، العاصمة المؤقتة لليمن، أعمال الاستيلاء العشوائي على أراضي المستثمرين في المنطقة الحرة والأراضي الحكومية والخاصة، ما دفع السلطات الحكومية إلى إطلاق تحذيرات وتنفيذ حملات أمنية لإيقاف الظاهرة.
وأكد مصدر حكومي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه تم الاستيلاء على أراض تعود لمستثمرين في المنطقة الحرة بعدن، تقدر مساحتها بحوالى 5.5 ملايين متر مربع، تم تخصيصها من قبل الهيئة العامة للاستثمار.
يأتي ذلك في الوقت الذي طالب فيه نائب الرئيس اليمني، رئيس الوزراء خالد بحاح، في مذكرة إلى محافظ عدن ورئيس المنطقة الحرة، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، بضرورة العمل على حماية أراضي الدولة والمواطنين وتوقيف حركة الاستيلاء العشوائي على أراضي الغير.
وحمل رئيس الحكومة اليمنية الجهات الحكومية المسؤولية عن أية تصرفات غير قانونية بأراضي الدولة في عدن ما بعد 25 مارس/آذار 2015، وهو تاريخ اجتياح جماعة الحوثيين المسلحة المدينة.
وتشهد مدينة عدن فوضى أمنية منذ تحريرها من الحوثيين منتصف يوليو/تموز الماضي، بالرغم من وجود الرئيس اليمني وحكومته في المدينة. وأدى التدهور الأمني وفوضى السلاح إلى تفاقم ظاهرة نهب الأراضي، ومن ضمنها أراض تابعة لمستثمرين في المنطقة الحرة بعدن.
وتم إنشاء المنطقة الحرة في عدن عام 1993، بعد ثلاث سنوات من إعلان الوحدة اليمنية في 22 مايو/أيار 1990، حيث تمت تسمية مدينة عدن كعاصمة اقتصادية وتجارية للجمهورية اليمنية، وتم تأهيلها لإقامة منطقة حرة بهدف إزالة كافة القيود الجمركية وغير الجمركية على التجارة في السلع والخدمات فيما بينها، لزيادة حجم التبادل التجاري ورفع معدلات النمو الاقتصادي.
ودشن محافظ عدن، العميد عيدروس الزبيدي، في تصريحات له أمس ما أسماها معركة فرض هيبة الدولة وتطبيق القانون ولو بالقوة، مهدداً بالعقاب لكل من يخالف النظام والأحكام القانونية.
وقال الزبيدي إن هناك الكثير من الشكاوى التي بعث بها المواطنون عن عمليات الاستيلاء على الأراضي والبناء العشوائي في مدينة عدن، مشدداً على ضرورة قيام السلطات المحلية بتحذير المواطنين وكل التجار والمستثمرين بأن الدولة غير ملزمة بدفع أية تعويضات لهم بشأن ذلك .
اقرأ أيضاً: موازنتان في اليمن: واحدة للحرب وأخرى للإعمار
واعتبر ياسين التميمي، الخبير الاقتصادي، أن ما يحدث في عدن يسيء لصورتها باعتبارها العاصمة المؤقتة لليمن ومقر الرئاسة والحكومة.
وقال في تصريح لـ "العربي الجديد" إن "مقاتلين محسوبين على الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح هم من بدأوا مسلسل الاستيلاء على الأراضي الخاصة في عدن، لكنها ازدادت في الفترة الأخيرة".
وأوضح أن عمليات الاستيلاء العشوائي أثارت استياء المستثمرين والتجار، مشيراً إلى أنها تقود إلى مدينة تعمها الفوضى وستؤدي إلى تشوية صورة المدينة الاقتصادية وعدم تمكنها من إعادة الاستثمارات.
وقامت مجموعة مسلحة نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، بالاستيلاء على رصيف تجاري ملحق بميناء عدن مملوك لمجموعة شركات هائل سعيد انعم وشركاه، إحدى كبريات الشركات اليمنية العاملة في مجالات صناعية عدة، كما أقدمت مجموعات أخرى على الاستيلاء على أراض حكومية منها مساحات تابعة لشركة النفط في عدن.
وأثار ناشطون ميدانيون قضية قيام أحد النافذين بالاستيلاء على قطعة أرض كبيرة في إحدى مناطق عدن، وهي جزء من محمية الطيور البحرية.
وقال تيسير اليافعي، الناشط الميداني، لـ "العربي الجديد"، إن عمليات الاستيلاء على الأراضي تجاوزت حدود المعقول، وتجاوزت أراضي المنطقة الحرة الى أجزاء من الطرقات العامة والحدائق وأراض تابعة لمؤسسات حكومية.
وتسعى الحكومة اليمنية إلى إعادة تأهيل المناطق المحررة اقتصاديا، حيث تسببت الحرب في تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في مختلف أنحاء البلاد.
ويعاني اليمن، وهو منتج صغير للنفط، ضائقة مالية بسبب الصراع المسلح وتوقف إنتاج وتصدير الوقود والإيرادات الجمركية، وتفاقم استنزاف الحوثيين لما تبقى من موارد البلاد وتسخيرها للمجهود الحربي، الأمر الذي أدى إلى انخفاض وتراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد.
وتُظهر بيانات صادرة عن المصرف المركزي، أن الإيرادات النفطية انخفضت بقيمة 1.4 مليار دولار لتصل إلى 4 مليارات دولار في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أكتوبر/تشرين الأول 2014، مقابل 5.4 مليارات دولار في عام 2013.
وأجبرت هذه الظروف العديد من المدن المحررة في مناطق عدة من البلاد، على تطبيق الفيدرالية المالية، من خلال استغلال إيرادات هذه المدن في دفع رواتب موظفيها. ورغم هذه الإجراءات إلا أن عددا كبيرا من الموظفين تتأخر مستحقاتهم بشكل متكرر، على خلفية تأزم الأوضاع المالية المستمرة.
اقرأ أيضاً: اليمنيون يلجأون إلى مؤسسات التمويل للادخار