أعلنت شركة النفط اليمنية، اليوم الأربعاء، رفع دعم الوقود رسمياً، وبيعه بالتسعيرة الجديدة، ابتداء من اليوم، بعد أزمة خانقة في الوقود استمرت خمسة أشهر، وعممت شركة النفط على محطات الوقود مذكرة تعلن فيها التسعيرة الجديدة للوقود.
وبحسب المذكرة التي وصلت" العربي الجديد" نسخة منها، فإن تسعيرة صفيحة البنزين سعة 20 ليتراً، التي كانت تباع بنحو 2500 ريال (11.62 دولاراً)، ستباع بعد رفع الدعم بنحو 4 آلاف ريال (18,60 دولاراً) بزيادة تبلغ نسبتها 80 في المئة، في حين بلغت تسعيرة السولار 3900 ريال (18.13 دولاراً) بزيادة 2400 ريال، أي بمعدل زيادة يتجاوز 150 في المئة.
وجاء القرار الرسمي بعد اشهر من ضغوط المانحين الدوليين، وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي لرفع الدعم عن المشتقات النفطية، باعتباره "بوابة للفساد المالي".
ويرى خبراء اقتصاد أن قرار رفع الدعم سينهي الأزمة الخانقة في ندرة المشتقات النفطية ويوفر الكمية المطلوبة للسوق المحلية في البلاد، لكن آخرين يرون أنها ستؤجج الشارع ضد الحكومة وستزيد معاناة الفقراء في البلاد.
تأجيج الشارع
وفي اول ردة فعل شعبي على القرار، قام مواطنون في شوارع متفرقة بالعاصمة صنعاء، بإحراق اطارات السيارات والتنديد بما وصفوه "الجرعة السعرية"، في حين اطلق ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي، دعوات إلى التظاهر والبدء بإضراب شامل في كل قطاعات الدولة.
وعززت وزارة الداخلية اليمنية انتشارها الأمني في العاصمة وباقي المحافظات، تحسباً لأي اعمال عنف قد تحدث بسبب رفع الدعم عن الوقود.
وقال المواطن علي الحبيشي، 40عاماً، إن قرار رفع الدعم سينعكس على كل المواد الاستهلاكية الضرورية، وإن شريحة الفقراء هي من ستتأثر بشكل أكبر في ظل الوضع الاقتصادي الذي تعيشه.
ووفقاً للبنك الدولي، فإن كلفة دعم الوقود في اليمن تبلغ نحو 10 ملايين دولار يومياً، بما يعادل 8 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
ارتفاع تسعيرة المواصلات
وبعد ساعات من قرار رفع دعم الوقود، قام سائقو باصات النقل وأصحاب سيارات الأجرة (التاكسي) برفع اجرة المواصلات، حيث ارتفعت اجرة النقل للباصات من 50 ريالاً، الى 100 ريال، فيما رفع سائقو السيارات الأجرة بحوالى الضعف بسبب رفع دعم الوقود.
وقال السائق أحمد العراسي، لـ"العربي الجديد" إن قرار رفع سعر صفيحة البنزين جعلهم يرفعون تسعيرة المواصلات، مشيراً الى أن السائقين سيجتمعون بالنقابة وقد يرفعون التسعيرة الى 150 ريالاً.
واعتبر مواطنون قرار رفع الدعم بأنه كارثة عليهم، موضحين بأنه سيترتب عليه ارتفاع في أسعار كل السلع والخدمات الاساسية.
وقال علي المحيا، لـ"العربي الجديد" إن القرار يعد كارثياً وقد ينجم عنه ثورة جياع، لما سيلحقه بالطبقة الفقيرة من نتائج.
وينفق اليمن نحو ملياري دولار سنوياً على دعم الديزل، وهو ما يشجع على ضخ المياه بشكل مفرط بواسطة المحركات ويساهم في الاستنزاف السريع لموارد المياه في اليمن، بحسب تقارير رسمية.
اصلاحات تمنح الثقة للناس
وقال رئيس مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي مصطفى نصر، لـ"العربي الجديد" إن قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية سبق أن اتخذته الحكومة، ووعدت المانحين بذلك، لكنه أوضح أن القرار يفترض ان ترافقه إصلاحات جدية تمنح الناس الثقة، وأن أموال الدعم لن تتسرب الى جيوب الفاسدين.
ويعاني اليمن عجزاً كبيراً في موازنته العامة للعام الحالي، كما يعاني ارتفاع الديْن العام، وتراجعاً في احتياطي النقد الأجنبي لدى المصرف المركزي، وانخفاض الإيرادات العامة.
وأوضح نصر أن القرار سيكون له تبعات كبيرة على شريحة الفقراء، مشيراً الى أنه اذا لم تعالج الحكومة تبعات القرار على هذه الشريحة، وتحسن الإنفاق على التعليم والصحة والطرق، وتعالج مشكلة الطاقة، فستلحقها لعنة الناس، وستزداد فشلاً فوق فشلها الحاصل.
تفجير أنابيب النفط.. معاناة مستمرة
ويواجه اليمن صعوبات في بسط الأمن والاستقرار في البلاد، حيث يستمر مسلسل تفجير أنابيب النفط الذي يعتمد عليه اليمن في موازنته السنوية بنسبة تصل إلى 70 في المئة، وهو ما يخفض الإنتاج النفطي ويعمق أزمة المشتقات.
وتصاعدت عمليات تخريب النفط اليمني عقب نجاح ثورة الشباب في فبراير/شباط 2011 في إطاحة الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، وبلغت خسائر التخريب في السنوات الثلاث الماضية نحو 4.75 مليارات دولار، حسب الإحصاءات الرسمية.
واستورد اليمن مشتقات بترولية بنحو 975 مليون دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، لتعويض الفقد في الإنتاج المحلي.
واليمن منتج صغير للنفط، ويراوح إنتاجه بين 280 و300 ألف برميل يومياً، بعدما كان يزيد على 400 ألف برميل يومياً، قبل ثورة الشباب في فبراير/شباط 2011.