إفادتا كل من السفير الأميركي السابق في كييف، وليام تايلور، ونائب مساعد وزير الخارجية، جورج كنت، أمام لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي، كشفتا عن معلومات جديدة، وإن كانت قليلة. لكن الأهم أنهما سلطتا الأضواء على جوانب هامة من القضية، من خلال روايتيهما وردودهما على الأسئلة والاستفسارات التي طرحها أعضاء لجنة الاستخبارات الديمقراطيون منهم والجمهوريون، أثناء الجلسة التي استمرت طيلة نهار، أمس الأربعاء، تقريباً والتي سجّل خصوم الرئيس بنهايتها نقطة لصالحهم في عملية دستورية سياسية معقدة ما زالت في أول الطريق.
بحدود جولة أمس الأربعاء كان خصوم ترامب الطرف الرابح. تحقق لهم ذلك باعتماد خطة قدموا أنفسهم من خلالها على أنهم حماة الدستور والجمهورية، في حين بدا الطرف الجمهوري وكأن همه حماية الرئيس. ركّزوا على جوهر التهمة المتمثل بمسألة المقايضة وتوظيف ترامب لمنصبه وما استتبع ذلك من محاولات لطمس الوقائع في هذا الخصوص.
المعلومات التي قدمها الشاهدان أوضحت أن الرئيس ترامب عمل على ربط الإفراج عن المساعدة العسكرية لأوكرانيا بموافقة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، على طلب نبش فضائح تمس المرشح الديمقراطي، جو بايدن، الذي يعتبر المنافس الأبرز لترامب في معركة الرئاسة.
وقد سعى إلى ذلك من خلال رموز مقربة من البيت الأبيض مثل محامي الرئيس رودي جولياني، والسفير الأميركي لدى الاتحاد الأوروبي، غوردن سوندلاند، الذي تبين أنه حجب في إفادته السرية أمام اللجنة، سيرة مكالمة هاتفية مع ترامب حول موضوع المقايضة.
في المقابل، نأى الجمهوريون في اللجنة عن المجادلة في هذه الوقائع. وبدلا من ذلك، عملوا على حرف الحديث نحو الشكليات كما على محاولة تجويف الادعاء من أركانه الأساسية بالقول إن المقايضة لم تتحقق وإن المساعدة العسكرية وصلت في النهاية إلى أوكرانيا. بدت دفاعاتهم سياسية موجهة إلى قواعدهم لضمان تماسكها خلال المحاكمة، أكثر مما كانت مطالعات قانونية لدحض أوراق الخصم. رخاوتها في هذا الجانب زادت من الشكوك في مزاعم البيت الأبيض، وبالتالي من صدقية حيثيات خصومه.
ما حصل قد يكون بمثابة المؤشر الأولي على تهاوي دفاع الجمهوريين في هذه القضية. لكن هذا غير مضمون استمراره في الجلسات اللاحقة وبما يؤدي إلى ترجيح الكفة باتجاه حسم المحاكمة لصالح عزل الرئيس ترامب. فمثل هذا الاحتمال يبقى مستبعداً ما لم تكشف الجولات اللاحقة عن أدلة وازنة على تورط الرئيس ترامب في مخالفة يمكن إسقاط النص الدستوري عليها من غير لبس.
ولتحقيق هذا الغرض يراهن الديمقراطيون على تراكم النقاط في معركتهم، مع توالي استجواب الشهود الذين قد تكون بحوزتهم معلومات هامة وأكثر خطورة، مثل فيونا هيل، الخبيرة في الشؤون الروسية والتي استقالت من البيت الأبيض في الصيف الماضي والتي ستدلي بإفادتها غداً الجمعة.
كما يجري الحديث عن استدعاء المستشار السابق جون بولتون، الذي يعرف غير المعروف عن خفايا وكرانيا – غيت، للأدلاء بإفادته في هذه القضية وبما قد يضاعف الأذى للرئيس. خاصة أن بولتون له حضوره وتأثيره في صفوف المحافظين المتشددين الموالين لترامب.
الأربعاء دخل التاريخ باعتباره يوم بداية رابع عملية عزل رئاسي في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية. العرض رسم صورة مؤثرة، لكنه خلا من القنابل. لا شك أنه خضّ البيت الأبيض. لكنه لا يبشر بالضرورة بكسب دعوى ما زالت تحتاج إلى حبكة موجبة تهز الساحة وبما يؤدي في النهاية إلى حمل القاضي الأعلى (مجلس الشيوخ) على إصدار الحكم ضد ترامب. حكم لم يسبق أن صدر من قبل.