أفرزت الانتخابات الأخيرة في زامبيا، التي أجمع المراقبون على اعتبارها نزيهة، نجاح إدغار لونغو في الفوز بالرئاسة، ليصبح سادس رئيس ديمقراطي في البلاد. تمكن لونغو من الفوز بفارق ضئيل لا يتجاوز الـ72 ألف صوت أمام منافسه الرئيسي، هاكايندي هيشيليما، في الانتخابات التي جرت يوم الأحد. على هامش تلك الانتخابات، تعيش جالية مصرية صغيرة في العاصمة لوساكا، هاجرت إليها بعد أن أصبحت زامبيا في عصرها الديمقراطي بلداً جاذباً للاستثمارات. وقد عبّرت هذه الجالية عن سعادتها بالأجواء الديمقراطية التي تعيشها البلاد، والتي ذكرتهم بالانتخابات المصرية الديمقراطية اليتيمة بعد ثورة يناير، والتي تم الالتفاف عليها ووأدها سريعاً عبر الانقلاب العسكري.
ويتطرّق خليل إلى الواقع المصري، فيقول: "فرحة لم أرها في مصر إلا في انتخابات 2012، قبل أن يأتي الانقلاب ويقوم بطمس كل فرحة بعده". ويستطرد قائلاً إن "الزامبيين هتفوا جماعياً بقولهم: اخترناه اليوم بأنفسنا اخترناه. وذلك في الشارع الذي يبلغ عرضه 30 متراً في السوق القديم بلوساكا. إنه هتاف جميل لكنه مؤلم. شعرت للحظة كمصري أنهم يقصدوني أنا لا غيري. قلت في نفسي: عادي، في مصر الراجل بتاعنا وفر علينا حتى معاناة الاختيار. عادي".
ويردف: "طلبت من أحدهم أن يصوّر المشهد، فسألني عن السبب؟ فقلت له: علشان نقول للناس في مصر يعني إيه فرحة الديمقراطية. لقد سبقنا الأفارقة بديمقراطيتهم منذ عام 1990، وتداول خمسة رؤساء من ثلاثة أحزاب مختلفة السلطة، والرئيس الحالي هو السادس. من حقهم أن يفرحوا ويضعوا وجوه الرؤساء الخمسة على أوراق عملتهم"، مع العلم بأن صورة الرؤساء الخمسة على العملة المحلية صدرت على فئة 50 كواتشا، عندما احتفلت زامبيا باليوبيل الذهبي للاستقلال سنة 2014.
أما أسامة النحال، الذي يزاول أعمالاً حرة، فقد حاول على صفحته على فيسبوك أن ينقل ما يجري لأصدقائه، وقد علق قائلاً: "أعيش أجواء ديمقراطية حقيقية"، متحدثاً عن فرح الناس بفوز مرشحهم، في انتخابات نزيهة وديمقراطية.
بدوره، يشير معتز الشيموني، أيضاً، إلى حضوره الأجواء الديمقراطية، ويقول في حديثٍ مع "العربي الجديد"، عن الرئيس الجديد: "لقد نجح بنسبة 50.14 في المائة، بينما نال منافسه 47.70. ولو لم يتخطَ لونغو نسبة الـ50 في المائة، كنا سنشهد إعادة. بارك الله في هذا البلد العادل وجنّبه شرّ الانقلابات العسكرية".
وتعليقاً على ردود فعل الشارع الزامبي، يصف الشيموني المشهد قائلاً: "خرجت الناس في الشوارع بعفوية تامة وفرحة غامرة، فرحة غير مصطنعة. حفاة، يعدون من كل مكان يتجهون إلى قلب المدينة. في منتصف الشوارع يقابلون السيارات، ويهتفون باسم رئيس تم اختياره في انتخابات لم يستطيع أحد توقّع الفائز فيها". ويضيف إنها "الديمقراطية يا سادة. لم نرَ أي أثر للشرطة أو للجيش في الشوارع، من يوم الخميس الماضي، حتى لحظة إعلان النتيجة في تمام الساعة الثانية ظهراً، يوم الإثنين"، مع العلم بأن نشطاء مصريين يعيشون في زامبيا، أطلقوا هاشتاغ بوسم: "جتنا نيلة في حظنا الهباب"، في سياق مقارنتهم تلك الحالة بالواقع السياسي المصري تحت الحكم العسكري.
ولا يزال كاوندا حياً، ويسمونه في زامبيا "الرئيس الأول"، وتلاه في الحكم فريدريك شيلوبا (1991 ـ 2002)، الذي بدأ حياته "سائق حافلة" قبل أن ينخرط في العمل النقابي ويهزم كاوندا، وقد توفي في 2011. وهو الذي حاول تعديل الدستور ليحظى بولاية ثالثة لكنه فشل. ثم تلاه في الحكم نائبه ليفي مواناوازا (2002 ـ 2008)، الذي توفي بسكتة دماغية، ثم تلاه روبياه باندا (2008 ـ 2011)، بعد انتخابات مبكرة. ثم خلفه مايكل ساتا (2011 ـ 2014)، الذي توفي قبل انتهاء ولايته، فأكلمها غي سكوت لثلاثة أشهر (أكتوبر/تشرين الأول 2014 ـ يناير/كانون الثاني 2015)، قبل أن تؤول للونغو، الذي عاد وفاز بالانتخابات الأخيرة ليبدأ دورة جديدة. وقد كتب أحد الناشطين المصريين بزامبيا عن لونغو، قائلاً إنه "كان وزيراً للدفاع قبل أن يكون رئيساً للجمهورية، لكنه كان وزير دفاع مدني مش عسكري زي الدول اللي لا مؤاخذة".