يثير غياب البرلمان الجزائري عن مشهد الأزمة الوبائية، والتعليق الكامل لجلساته ولجانه القطاعية على خلفية تدابير الوقاية من انتشار كورونا، تعليقات سياسية وإعلامية، وسط مطالبات بالعودة إلى تفعيل نشاط البرلمان عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة.
وتتصاعد الدعوات السياسية في الجزائر للبرلمان بغرفتيه لاستغلال تقنيات التكنولوجيا والاجتماع "عن بُعد"، لعقد جلسات عامة أو اجتماعات اللجان النيابية، بما يتيح للنواب متابعة الأزمة الوبائية، والقيام بمسؤولياتهم الرقابية، والإسهام في المجهود العام للدولة، في مواجهة انتشار الوباء وتداعياته ومساءلة الحكومة عن أي إخفاقات في ذلك.
وطالبت الكتلة البرلمانية لـ"حركة مجتمع السلم" (إخوان الجزائر) مكتب البرلمان بغرفتيه، باستغلال تقنية "المحاضرة عن بعد"، لعقد "جلسات بحضور الوزراء في إطار القيام بالواجب والمساهمة أكثر في التصدى لجائحة كورونا".
ودعت الكتلة النيابية التي عقدت اجتماعها عبر التقنية نفسها، رئيس الحكومة إلى التكفل العاجل بالنقائص المُسجلة على مستوى الهياكل والمرافق الصحية من حيث التجهيزات والطواقم الطبية.
وقال رئيس كتلة "حركة مجتمع السلم" أحمد صادوق، لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، إنّ واقع الأزمة يفرض على النواب متابعة الوضع والمساهمة من موقع المسؤولية، مضيفاً: "أنا شخصياً تفاجأت من أنّ رئيس المجلس جمّد نشاطه دون استشارة النواب، ففي الوقت الذي يفترض فيه تجنيد كل مؤسسات الدولة، وعلى رأسها المؤسسة التشريعية، يجري التجميد وإدخال المجلس في ركود وجمود، ما جعل النواب في مرمى انتقادات كثير من الساخطين".
وكان البرلمان الجزائري قد قرر تعليق جميع جلساته العامة وأشغال اللجان القطاعية، منذ منتصف مارس/ آذار الماضي؛ بسبب فيروس كورونا، ولم يعقد أي نشاط نيابي منذ تلك الفترة، بما في ذلك لجنة الصحة التي من المفترض أن تتابع تطورات الأزمة، عدا لقاء وحيد مع وزير الصحة عبد الرحمن بن بوزيد.
ودفع هذا الغياب النيابي بعض الأطراف إلى مطالبة السلطة السياسية بوقف صبّ مرتبات ومنح النواب في فترة التوقف هذه، وتحويلها إلى حساب التضامن الوطني للصالح العام ومواجهة الأزمة الوبائية.
وقال المحلل السياسي إبراهيم ناصري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تعليق عمل البرلمان وغيابه بهذه الطريقة في ظل أزمة وافدة، يؤكدان استسلام المؤسسة النيابية للحكومة وتخليها عن مسؤولياتها"، مضيفاً أنّ "طبيعة النظام السياسي في الجزائر، التي لا تبقي أي دور للبرلمان، قد تكون وراء اقتناع مكتب البرلمان بعدم وجود أي دافع لاستمرار عمله"، مشيراً إلى أنّ ذلك "يكرس صورة هامشية عن المؤسسة التشريعية لدى المواطنين".