انتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي
واجهت قوات الاحتلال الإسرائيلي المشاركين في المظاهرات السلمية باستخدام القوة المسلحة المميتة، وبخاصة في قطاع غزة، الذي شهد مسيرات سلمية على المنطقة الحدودية الشرقية للقطاع بخروج عشرات الآلاف من المواطنين العزل من الشبان والنساء والأطفال والشيوخ، إذ شهد القطاع يوم 30 مارس/ آذار 2018م يوماً دموياً هو الأكثر عنفاً منذ عدوان عام 2014، إذ استشهد 13 مواطناً، بينهم طفل، في يوم واحد، وأصيب (1067) آخرون، بينهم (208) أطفال، و(40) امرأة بجراح، وصفت العديد منها بالخطرة.
والفعاليات مستمرة حتى الآن، فيما تواصل قوات الاحتلال انتهاك الحق في الحياة للمواطنين الذين يتوافدون بشكل يومي على المنطقة الحدودية للقطاع، وفي أحدث إحصائية لوزارة الصحة الفلسطينية ذكرت أن عدد الشهداء بلغ 131 شهيداً، و14811 مصاباً بجراح مختلفة، واختناق بالغاز السام، ومن بين الشهداء 15 طفلاً، وسيدة واحدة، ومن الإصابات 2525 طفلاً، و1158 سيدةً، ومن بين الإصابات 54 حالة بتر، سواء في الأطراف العلوية أو السفلية للجسم.
كذلك ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أنه تم الاستهداف المباشر للطواقم الطبية؛ ما أدى إلى استشهاد اثنين منهم (مسعف ومسعفة)، بالإضافة إلى إصابة 229 من العاملين في الطواقم الطبية، إضافةً إلى إلحاق الضرر بـ 39 سيارة إسعاف بشكل جزئي، كما تم الاستهداف المباشر للطواقم الصحافية، ما أدى الى استشهاد اثنين منها، وإصابة 170 آخرين بالرصاص الحي والاختناق بالغاز السام.
وقالت فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، إنها تتابع بقلق بالغ "العنف" وتدهور الأوضاع في قطاع غزة، في سياق المظاهرات الحاشدة مؤخراً، في إشارة منها إلى مسيرات العودة الكبرى التي انطلقت في 30 مارس/ آذار 2018م، وذكرت في بيان لها: "إن العنف ضد المدنيين في وضع، مثل السائد في غزة، قد يُشكل جرائم بموجب نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية".
من جانبه أوضح المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن ارتقاء هذا العدد الكبير من الشهداء في قطاع غزة، يدلل على استمرار قوات الاحتلال في اقتراف مزيد من جرائمها، واستخدام القوة المفرطة ضد المواطنين الفلسطينيين، واستهتارها بأرواحهم بقرار سياسي رسمي.
وأشار المركز إلى أن تلك القوات استبقت المسيرات، التي أعلن القائمون عليها بشكل مسبق أنها سلمية، بإرسال رسائل تهديد وتخويف للمنظمين ولأهالي القطاع، كما نشرت القناصة على طول الحدود مع قطاع غزة، وفق ما أعلنه الناطق باسمها على صفحته في "فيسبوك".
وأكدت تحقيقات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: "أن المسافة التي تمركز خلفها جنود الاحتلال تبعد حوالي 30-70 متراً من السياج الفاصل، وأن أكثر نقطة اقترب منها المتظاهرون في أغلب المناطق لا تتعدى 50 متراً غرب السياج الفاصل، وبهذا تكون المسافة ما بين الجنود والمتظاهرين لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تشكل أي خطر على حياة الجنود، وبخاصة أن المتظاهرين عزل"، كذلك أشارت تحقيقات المركز إلى أن جميع الشهداء كانت إصاباتهم في الرأس والعنق والصدر والبطن، كما تعمدت قوات الاحتلال إيقاع أكبر عدد من الإعاقات في صفوف المتظاهرين، إذ كانت الإصابات في الركبة.
ووفقاً لما صرحت به المصادر الطبية في مستشفيات القطاع من خلال تعاملها مع المصابين، فإن معظم من أصيبوا بالرصاص الحي كان لديهم تهتك كبير في الأنسجة، وفتحات كبيرة مكان الإصابة، مما يدلل على أن الرصاص المستخدم هو من الرصاص الحي المتفجر.
وختاماً، لا بد من مطالبة المجتمع الدولي بالعمل المشترك والجدي من أجل تمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقه في تقرير المصير، وتجسيد الدولة الفلسطينية، التي أقرت بوجودها الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة، وأن تستخدم في ذلك وسائل القانون الدولي المختلفة، بما فيها الوسائل العقابية، لإنهاء الاحتلال للدولة الفلسطينية.
بالإضافة إلى التحرك العاجل والفوري لإجبار سلطات الاحتلال الإسرائيلي على رفع الحصار الشامل المفروض على القطاع، والذي يمنع حرية التنقل والحركة للأشخاص والبضائع، وإنقاذ نحو مليونين من سكان القطاع الذين يعيشون حالة غير مسبوقة من الخنق الاقتصادي، والاجتماعي، والسياسي والثقافي؛ بسبب سياسة العقاب الجماعي ضد أهالي القطاع، واستخدام القوة المفرطة ضد المواطنين الذين يطالبون بحقوقهم المكفولة في القانون الدولي، ومنها حق العودة إلى أراضيهم التي هُجروا منها، وكسر الحصار الظالم على القطاع.