من جديد طفت أزمة انقطاع التيار الكهربائي إلى السطح في قطاع غزة، بعد توقف محطة التوليد الوحيدة عن العمل بشكلٍ كلي نتيجة لمنع الاحتلال الإسرائيلي إدخال الوقود اللازم لتشغيلها بفعل إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري كلياً، فيما تتصاعد التحذيرات من أزمة مياه وتعرض النشاطات الاقتصادية لأضرار كبيرة.
ويعد قطاع المصانع والشركات أبرز القطاعات التي تأثرت بهذه الأزمة نتيجة لاعتماده بشكلٍ كامل على التيار الكهربائي، ما سيرفع النفقات المالية لهذه المؤسسات، في الوقت الذي تعاني فيه من أزمات حادة بفعل استمرار الحصار والأزمات التي تعصف بالقطاع.
ولجأت الشركات والمصانع خلال الأعوام الأخيرة إلى توفير بدائل إضافية للتيار الكهربائي، الذي تحصل عليه من شركة التوزيع، عبر توفير مولدات إضافية أو خلايا تعمل على الطاقة الشمسية، إلا أن هذه البدائل تعتبر تكميلية.
ويقول محمد ثابت، مدير العلاقات العامة والإعلام في شركة توزيع الكهرباء في غزة، إن المحطة توقفت بشكلٍ كامل نتيجة عدم توفر الوقود اللازم لتشغيلها ومنع الاحتلال إدخاله، فيما بقيت الخطوط الإسرائيلية المصدر الوحيد للطاقة.
ويضيف ثابت لـ "العربي الجديد" أن الخطوط الإسرائيلية لا توفر إلا 120 ميغا واط فقط، بينما يحتاج القطاع إلى 500 ميغا واط في أوقات الذروة، إذ كانت محطة الطاقة توفر ما نسبته 60 إلى 65 ميغا واط قبل توقفها عن العمل.
ويشير إلى أن إجمالي جدول التوزيع الجديد للتيار الكهربائي بعد توقف المحطة عن العمل كلياً لن يزيد عن 3 إلى 4 ساعات في أفضل الأحوال، فيما ستتجاوز عدد ساعات الانقطاع 16 ساعة بسبب العجز الكبير في كميات الطاقة المتوفرة.
ويوجد في القطاع الذي يعاني من حصار إسرائيلي مشدد منذ عام 2006 ثلاثة مصادر للطاقة، هي الخطوط الإسرائيلية التي ما تزال تعمل، بالإضافة إلى محطة الطاقة التي توقفت عن العمل إلى جانب الخطوط المصرية المتوقفة منذ عام 2018.
ويؤكد نبيل أبو معيلق، نائب رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين، أن أزمة الكهرباء التي تضرب غزة حالياً ستفاقم معاناة القطاع الخاص والشركات وستعزز من النفقات المالية من أجل توفير مصادر بديلة للطاقة لمواصلة العمل.
ويوضح أبو معيلق لـ "العربي الجديد" أن الوضع في المصانع والشركات سيزداد سوءاً نتيجة لهذه الأزمة وسينعكس ذلك بالسلب على زيادة معدلات البطالة نتيجة لتقليص العمل بها في ظل عجز كثير منها عن توفير البدائل.
وتعمل عشرات المصانع والشركات في القطاع بنسبة لا تتعدّى 15% من طاقتها الإنتاجية، نظراً إلى الأزمات التي تعاني منها، مثل منع إدخال المواد الخام وحظر تصدير المنتجات للخارج إلى جانب نقص السيولة النقدية وأزمة الكهرباء.
ووفقاً لنائب رئيس جمعية رجال الأعمال في غزة فإن أزمة انقطاع التيار الكهربائي ستهبط بحجم الطاقة الإنتاجية بشكلٍ أكبر وستزيد الأعباء المالية على القطاع الخاص الذي تواجه أغلب منشأته أزمات مالية طاحنة.
ويشير إلى أن مؤسسات القطاع الخاص تكبّدت خلال السنوات الماضية ملايين الدولارات لتوفير مصادر بديلة للطاقة، عن المصدر الرئيسي في حين أغلقت منشآت أخرى أبوابها وسرحت العاملين فيها لعجزها عن توفير البدائل.
وفور توقف محطة توليد الكهرباء عن العمل وزيادة ساعات انقطاع التيار يومياً حذرت العديد من القطاعات من تداعيات هذه الأزمة، خصوصاً البلديات التي تعتمد بدرجة أساسية في عملها على التيار الكهربائي لإيصال المياه إلى المنازل.
وبموازاة أزمة المياه فإن انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة سيؤدي إلى وقف عمل محطات ضخ مياه الصرف الصحي إلى محطة المعالجة، ما ينذر بكارثة صحية وبيئية، إذ قد تضطر البلديات إلى ضخ مياه الصرف الصحي باتجاه شاطئ البحر بشكل مباشر دون معالجة.
وخلال السنوات التي تلت العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014 لجأ الفلسطينيون في غزة للاعتماد على شراء اشتراكات من مولدات تنتشر في الشوارع والأحياء العامة لتوفيرها لمنازلهم أو منشآتهم ومحالهم وقت انقطاع التيار الكهرباء.
ورغم انتشار ظاهرة المولدات العامة، إلا أن شريحة واسعة من السكان لا تستطيع توفيرها بفعل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، إلى جانب ارتفاع تكلفة الكيلو واط الواحد منها مقارنة بسعر الكهربائي العادي، إذ تبلغ تكلفة الكيلو الواحد ما بين 3.5 إلى 4 شيكلات إسرائيلية. (الدولار= 3.40 شيكلات إسرائيلية).
وتصل نسبة البطالة في صفوف الشباب في القطاع إلى 68%، وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، في حين يعتمد أكثر من 80% من السكان على المساعدات الإغاثية المقدمة من الجهات الدولية والمانحة.