بدأ في موسكو، أمس، لقاء شخصيات سورية لا تمثل شكلياً حتى القوى السياسية التابعة لها، غير أنّها تمثل، كما يقول لسان حال أعضائها، حاضنة اجتماعية ضاقت ذرعاً بالحرب، ومستعدة لفعل "أي شيء" وتبني أي خيار يخرج البلاد من دائرة العنف، وسط تساؤلات حول آلية اختيار موسكو لأسماء المشاركين في هذا اللقاء التشاوري.
يأتي ذلك في وقت يسود فيه امتعاض من ضعف تمثيل النظام السوري في لقاء موسكو، لا يخفيه بصورة خاصة أعضاء "هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي". غير أنّ الأخيرين، لا ينتظرون أكثر من تسليم وفد النظام ورقة يرجون الاتفاق عليها مع باقي المشاركين من دون الخوض في نقاش مع ممثليه.
غير أنّ مفهوم فعل "أي شيء"، يختلف عليه الشركاء في لقاء موسكو، بين التحالف مع النظام بوصفه ممثلاً للدولة في حربها ضدّ (الإرهاب) أو التنسيق معه للخروج من الأزمة، باعتبار ما يدور في البلاد أزمة تقتضي تضافر جهود الجميع، بعد موافقة النظام على تعديل بعض سلوكاته التي عمقت الأزمة، وبين من يرى النظام جزءاً أصيلاً من الأزمة، لكنه يجد في التعاون معه أمراً حتمياً لإنقاذ البلاد، خصوصاً في ظل التعقيدات الإقليمية والدولية.
ومن يطالب النظام السوري بتعديل سلوكه، يكرّر المطالب نفسها التي طرحتها القوى السياسية الديمقراطية الوطنية على النظام منذ رحيل الأسد الأب، حافظ، عام 2000 حتى اندلاع الثورة في مارس/آذار 2011. تدور هذه المطالب حول إطلاق سراح المعتقلين، وإطلاق الحريات، وخلق حاضنة لعمل سياسي وطني، بالدرجة الأولى. فيما لا يزال الاختلاف قائماً حول فكرة أن تكون هناك حكومة (واسعة) الصلاحيات أم (كاملة) الصلاحيات، لإدارة مرحلة انتقالية، وعما إذا كانت الحرب اليوم مع "داعشية" الثورة فقط، أم معها ومع "داعشية النظام"، وإن كان من يشبّه الجرائم التي ترتكبها أجهزة النظام الأمنية بحق المدنيين السوريين بجرائم الجماعات المسلحة يفعل ذلك في كواليس موسكو.
وفي حين يتحدث البعض بوضوح عن أن النظام عبارة عن جهاز أمني يفتقر إلى بنية سياسية، وليس لديه حتى مؤسسة حكم سياسية كي يمكن الخوض معه في حوار سياسي حول مخارج الأزمة، ذلك أن أي مقترح سياسي ستنظر فيه قيادات الأجهزة الأمنية بالدرجة الأولى، إلا أن هناك ممن يحضر في موسكو، من يراهن على أداء سياسي للأجهزة الأمنية نفسها، ويرى أنها هي نفسها واقعة في مأزق، وتدرك الحاجة السياسة إلى الجانب الأمني، على الرغم من ابتلاعها المجتمع والدولة. فماذا يمكن القول في مثل هذا الرهان؟
وبين هذا وذاك، يرى حاضرون إلى موسكو، أن مجرد وصول لقاء القاهرة التشاوري الذي مهد للقاء موسكو، إلى طرح فكرة إعادة هيكلة الجيش يعني القبول به كمؤسسة حافظة لفكرة الدولة وحامية لكيانها، وعدم تجريمه بما يجري في سورية، ويعني نقلة نوعية لانتاج صيغة من إعادة تعاون المنشقين السابقين من الجيش معه. ويرون أنّه حتى لو بقي هذا الطرح شكلياً، فإنه جدير بأن يستقطب المؤيدين لحلّ وطني ويعزل الماضين في طريق العنف الذي من الواضح أنّه يقود إلى القضاء على الدولة السورية التي لا يصح بعدها الحديث عن الحرية والديمقراطية.
الأفكار السابقة جميعها جرى التداول فيها طوال ساعات ليل الخامس والعشرين إلى السادس والعشرين، أي قبيل ساعات من جلسة اللقاء الصباحية التي افتتحت في استراحة تابعة لوزارة الخارجية الروسية، وأدارها مدير معهد الاستشراق فيتالي ناعومكين واثنان من مساعديه.
وفي ظل غياب كلي لممثلي ائتلاف قوى الثورة والمعارضة، وحتى الشخصيات الصديقة له، التقى في الجلسة الأولى مجموعة من السوريين الذين اختارت موسكو أسماءهم، بالتنسيق مع قدري جميل، نائب رئيس مجلس الوزراء السوري السابق ورئيس جبهة "التغيير والتحرير" حالياً المقيم في موسكو، بحسب ما تسرّب.
وقد حضر من هيئة التنسيق كل من ماجد حبو، أمين سرّ الهيئة في الخارح، قادماً من استوكهولم. وسبقه إلى موسكو صالح مسلم، رئيس الحزب "الديمقراطي"، ونائبه خالد العيسى. كما حضر صفوان عكاشة وعبد القادر سنكري وأبجر مالول ومروان الأطرش. وحضر عن "جبهة التغيير والتحرير"، فاتح جاموس ومازن مغربية وقدري جميل ويوسف سلمان. فيما حضر عن هيئة "العمل الوطني" ميس الكريدي ومحمود مرعي، ومن مجلس قيادة العشائر، الشيخ رضوان الطحان والشيخ فيصل عبد الرحمن والشيخ محمود القرق والشيخ قصي لويسي، وعباس حبيب وحميدة حسن الغانم. وعن منبر "النداء الوطني"، حضر سمير العيطة. ومن المجتمع المدني بصفة معارضين حضر سليم خيربك، ومن الأحزاب الداخلية المرخصة (بوصفهم شخصيات مجتمع مدني) حضرت مجد نيازي وسهير سرميني ورندة قسيس، كما حضر الفنان جمال سليمان.
وعلمت "العربي الجديد" أن الجلسة الأولى المغلقة شهدت تناوب المشاركين على الحديث العاطفي عن تألمهم لما يجري في سورية وضرورة الإسراع في عمليات الإغاثة، ثم تخللتها نقاشات في طبيعة المرحلة الانتقالية وموقع النظام ودوره فيها، لتبقى من أكثر النقاط إشكالية، ويبدو أنها ستشغل نقاشات الجلسات التالية، إضافة إلى بيان جنيف وفهمه وإمكانية اعتباره أساساً للقاء موسكو. كما تم التوقف عند المصالحات التي تجري على الأرض وضرورة تطويرها وتعميمها.
يشار هنا إلى أن البرنامج تم تعديله نحو جلسات عمل للمعارضة يومي 26 و27 يعقبها اجتماع مع النظام يوم 28 من الشهر الجاري. وفي هذه الأثناء، وصل إلى موسكو ممثل سورية الدائم في الأمم المتحدة بشار الجعفري لرئاسة الوفد السوري في اللقاء مع المعارضة، وسيكون في عضويته كل من نائب وزير الخارجية، أحمد عرنوس، وسفير سورية لدى موسكو، رياض حداد.
يأتي ذلك في وقت يسود فيه امتعاض من ضعف تمثيل النظام السوري في لقاء موسكو، لا يخفيه بصورة خاصة أعضاء "هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي". غير أنّ الأخيرين، لا ينتظرون أكثر من تسليم وفد النظام ورقة يرجون الاتفاق عليها مع باقي المشاركين من دون الخوض في نقاش مع ممثليه.
غير أنّ مفهوم فعل "أي شيء"، يختلف عليه الشركاء في لقاء موسكو، بين التحالف مع النظام بوصفه ممثلاً للدولة في حربها ضدّ (الإرهاب) أو التنسيق معه للخروج من الأزمة، باعتبار ما يدور في البلاد أزمة تقتضي تضافر جهود الجميع، بعد موافقة النظام على تعديل بعض سلوكاته التي عمقت الأزمة، وبين من يرى النظام جزءاً أصيلاً من الأزمة، لكنه يجد في التعاون معه أمراً حتمياً لإنقاذ البلاد، خصوصاً في ظل التعقيدات الإقليمية والدولية.
ومن يطالب النظام السوري بتعديل سلوكه، يكرّر المطالب نفسها التي طرحتها القوى السياسية الديمقراطية الوطنية على النظام منذ رحيل الأسد الأب، حافظ، عام 2000 حتى اندلاع الثورة في مارس/آذار 2011. تدور هذه المطالب حول إطلاق سراح المعتقلين، وإطلاق الحريات، وخلق حاضنة لعمل سياسي وطني، بالدرجة الأولى. فيما لا يزال الاختلاف قائماً حول فكرة أن تكون هناك حكومة (واسعة) الصلاحيات أم (كاملة) الصلاحيات، لإدارة مرحلة انتقالية، وعما إذا كانت الحرب اليوم مع "داعشية" الثورة فقط، أم معها ومع "داعشية النظام"، وإن كان من يشبّه الجرائم التي ترتكبها أجهزة النظام الأمنية بحق المدنيين السوريين بجرائم الجماعات المسلحة يفعل ذلك في كواليس موسكو.
وفي حين يتحدث البعض بوضوح عن أن النظام عبارة عن جهاز أمني يفتقر إلى بنية سياسية، وليس لديه حتى مؤسسة حكم سياسية كي يمكن الخوض معه في حوار سياسي حول مخارج الأزمة، ذلك أن أي مقترح سياسي ستنظر فيه قيادات الأجهزة الأمنية بالدرجة الأولى، إلا أن هناك ممن يحضر في موسكو، من يراهن على أداء سياسي للأجهزة الأمنية نفسها، ويرى أنها هي نفسها واقعة في مأزق، وتدرك الحاجة السياسة إلى الجانب الأمني، على الرغم من ابتلاعها المجتمع والدولة. فماذا يمكن القول في مثل هذا الرهان؟
وبين هذا وذاك، يرى حاضرون إلى موسكو، أن مجرد وصول لقاء القاهرة التشاوري الذي مهد للقاء موسكو، إلى طرح فكرة إعادة هيكلة الجيش يعني القبول به كمؤسسة حافظة لفكرة الدولة وحامية لكيانها، وعدم تجريمه بما يجري في سورية، ويعني نقلة نوعية لانتاج صيغة من إعادة تعاون المنشقين السابقين من الجيش معه. ويرون أنّه حتى لو بقي هذا الطرح شكلياً، فإنه جدير بأن يستقطب المؤيدين لحلّ وطني ويعزل الماضين في طريق العنف الذي من الواضح أنّه يقود إلى القضاء على الدولة السورية التي لا يصح بعدها الحديث عن الحرية والديمقراطية.
الأفكار السابقة جميعها جرى التداول فيها طوال ساعات ليل الخامس والعشرين إلى السادس والعشرين، أي قبيل ساعات من جلسة اللقاء الصباحية التي افتتحت في استراحة تابعة لوزارة الخارجية الروسية، وأدارها مدير معهد الاستشراق فيتالي ناعومكين واثنان من مساعديه.
وفي ظل غياب كلي لممثلي ائتلاف قوى الثورة والمعارضة، وحتى الشخصيات الصديقة له، التقى في الجلسة الأولى مجموعة من السوريين الذين اختارت موسكو أسماءهم، بالتنسيق مع قدري جميل، نائب رئيس مجلس الوزراء السوري السابق ورئيس جبهة "التغيير والتحرير" حالياً المقيم في موسكو، بحسب ما تسرّب.
وقد حضر من هيئة التنسيق كل من ماجد حبو، أمين سرّ الهيئة في الخارح، قادماً من استوكهولم. وسبقه إلى موسكو صالح مسلم، رئيس الحزب "الديمقراطي"، ونائبه خالد العيسى. كما حضر صفوان عكاشة وعبد القادر سنكري وأبجر مالول ومروان الأطرش. وحضر عن "جبهة التغيير والتحرير"، فاتح جاموس ومازن مغربية وقدري جميل ويوسف سلمان. فيما حضر عن هيئة "العمل الوطني" ميس الكريدي ومحمود مرعي، ومن مجلس قيادة العشائر، الشيخ رضوان الطحان والشيخ فيصل عبد الرحمن والشيخ محمود القرق والشيخ قصي لويسي، وعباس حبيب وحميدة حسن الغانم. وعن منبر "النداء الوطني"، حضر سمير العيطة. ومن المجتمع المدني بصفة معارضين حضر سليم خيربك، ومن الأحزاب الداخلية المرخصة (بوصفهم شخصيات مجتمع مدني) حضرت مجد نيازي وسهير سرميني ورندة قسيس، كما حضر الفنان جمال سليمان.
وعلمت "العربي الجديد" أن الجلسة الأولى المغلقة شهدت تناوب المشاركين على الحديث العاطفي عن تألمهم لما يجري في سورية وضرورة الإسراع في عمليات الإغاثة، ثم تخللتها نقاشات في طبيعة المرحلة الانتقالية وموقع النظام ودوره فيها، لتبقى من أكثر النقاط إشكالية، ويبدو أنها ستشغل نقاشات الجلسات التالية، إضافة إلى بيان جنيف وفهمه وإمكانية اعتباره أساساً للقاء موسكو. كما تم التوقف عند المصالحات التي تجري على الأرض وضرورة تطويرها وتعميمها.
يشار هنا إلى أن البرنامج تم تعديله نحو جلسات عمل للمعارضة يومي 26 و27 يعقبها اجتماع مع النظام يوم 28 من الشهر الجاري. وفي هذه الأثناء، وصل إلى موسكو ممثل سورية الدائم في الأمم المتحدة بشار الجعفري لرئاسة الوفد السوري في اللقاء مع المعارضة، وسيكون في عضويته كل من نائب وزير الخارجية، أحمد عرنوس، وسفير سورية لدى موسكو، رياض حداد.