ويهدف أسبوع مقاومة الأبارتهايد الإسرائيلي إلى رفع مستوى الوعي حول مشروع الاستعمار الاستيطاني الصهيوني، وقوانين وممارسات إسرائيل العنصرية ضد الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات. كما يهدف إلى دعم تنامي حملات مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها.
وانطلقت الجولة من ساحة الحناطير في منطقة البلدة السفلى بحيفا، بمشاركة العشرات، وبإرشاد المؤرخ جوني منصور، ومخطط المدن عروة سويطات.
واعتُبر حي وادي الصليب، تاريخيًّا، أحد الأحياء الكبيرة المليئة بالحيوية والنشاط في المدينة الساحلية، حيث سكنت فيه عائلات فلسطينية وعربية قدمت إلى حيفا من قرى الجليل والمثلث وشرقي نهر الأردن وحوران (سورية) طلبًا للرزق والعمل، وذلك لقرب الحي من سكة الحديد والميناء والمحلات التجارية. ومع احتلال حيفا وتطهيرها عرقيًّا، كسائر المدن والقرى في فلسطين، طُرد سكّان الحيّ، وتم توطين مهاجرين يهود من شمال أفريقيا في بيوت الحيّ المٌهجّرة، منذ النكبة وحتى يومنا هذا.
وانطلقت الجولة من ساحة الحناطير إلى مسجد الجرينة؛ ثم إلى المسجد الصغير مرورًا بوادي الصليب. وتحدث المؤرخ جوني منصور عن تاريخ حيفا قبل النكبة، وعن الحركة التجارية التي عرفت في تلك الفترة، وعن مبنى السرايا، قائلًا: "كانت حيفا مبنية بطريقة القصبة في نابلس، ومليئة بأسواق أشهرها سوق القدس، فعمليًّا هذه الأسواق كانت تمتد من الشرق إلى الغرب مثل سوق الشوام، وأغلب تجّاره كانوا من الشام. السوق الثاني، بعد سوق القدس، كان سوق الأبيض، نسبة إلى عائلة فلسطينية تملك حواصل (تبيعها في السوق)، السوق الثالث المشهور كان سوق الأميم، وهو سوق يعتمد على تحضير المأكولات بواسطة الفحم والنار، كان فيه 11 محلًّا تجاريًّا وكان مشهورًا جدًّا.
وعن ساحة مسجد حيفا الكبير (الجرينة)، أضاف قائلًا: "ساحة سوق الجرينة هذه صنعت من حجر البازلت، وكانت تمتد لمساحة أوسع، وتعتبر ساحةً لتجارة الحبوب على مختلف أنواعها من قمح وشعير وسائر البقوليات".
تواصل بلدية حيفا تهويد أحيائها وطمس هويتها العربية وميراثها الثقافي والتاريخي الفلسطيني، فقد قامت مؤخرًا ببيع بيوت الحي لمستثمرين يسعون لتحويل وادي الصليب إلى حيّ للفنانين اليهود-الإسرائيليين، يطل على البحر تحت مسمى "فتح واجهة البحر".
وفي هذا السياق، تحدّث مخطِّط المدن عروة سويطات عن التخطيط الإسرائيلي المستقبلي في وادي الصليب، وتشويه الهوية الفلسطينية للمكان، وقال: "حي وادي الصليب كان القلب النابض لتاريخ مدينة حيفا قبل النكبة، ويقع اليوم تحت التهديد، ونرى أن بلدية حيفا تنفذ مخططات الهدف منها محو ذاكرة المعالم العربية الفلسطينية، وتحويل دمار النكبة إلى مشروعات اقتصادية، فأغلب المشاريع المخططة ستكون سياحية ومكاتب وسكنًا للأغنياء".
وفيما يخصّ سياسة التخطيط الإسرائيلية؛ يرى سويطات أنّها تهدف إلى تغييب الفلسطيني ومعه الطابع العربي الشرقي للمكان، واصفًا المعالم العمرانيّة الجديدة بأنها تلغي السياق التاريخي "الذي عمليًّا تم فيه تهجير الفلسطينيين وإخلاؤهم وإحلال ساكنين آخرين في قراهم وأحيائهم".
مضيفًا: "عمليًا التاريخ الفلسطيني الذي يتم تشويهه هنا يمثّل المستوى الثالث من الإقصاء. والمستوى الرابع من الإقصاء هو الإقصاء من الحيز والمكان. هناك أحياء عربية أخرى في المدينة لا يوجد فيها تخطيط كامل، مثل الحليصة ووادي النسناس".
من جانبها، قالت الناشطة في الحملة داخل أراضي الـ48، نجوان بيرقدار، إن "هذا النشاط هو الافتتاحي لأسبوع مناهضة الاستعمار والأبارتهايد، مع مرور الذكرى المئة لوعد بلفور هذه السنة، ومعه ذكرى 100 عام من مقاومة الشعب الفلسطيني للاستعمار-الاستيطاني. ولذلك، فإن أسبوع مقاومة الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي فرصة للتأمل في تاريخ المقاومة وتطورها، وأيضاً لدعم حملات المقاطعة التي باتت تعتبرها الحكومة الإسرائيلية "خطراً استراتيجياً" على النظام الإسرائيلي الاستعماري ككل، بسبب قوتها ونجعاتها.
وأضافت: "كل الدول تعبر عن تضامنها مع القضية الفلسطينية وعن دعمها لحملة المقاطعة. غدًا تبدأ الفعاليات بشكل رسمي، ولكننا افتتحناها اليوم بجولة في حي وادي الصليب. مهمّ أن نشير إلى أن الاحتلال والاستيطان لا ينتهي في مناطق 67؛ بل هو موجود أيضًا في مناطق 48، والمخططات لم تنته، فهذه دولة استعمار؛ ومخططاتها ليست لحل الدولتين. تجدر الإشارة إلى أن أول مؤتمر للمقاطعة كان بعد تمرير القانون الذي يمنع نشاطات تدعم المقاطعة bds".