بعد توقّفها عن ضخّ المياه لمدينة الحسكة وريفها منذ أكثر من 20 يوماً، عادت محطة علوك بمنطقة رأس العين في محافظة الحسكة، شمالي شرق سورية، لضخّ المياه للمنطقة، اليوم السبت، في مؤشّر على انفراج جزئي في أزمة المياه التي يعانيها أهالي المنطقة، والتي تسبّبت لهم بالكثير من المشاكل.
عنود عيسى، ربة منزل تقيم مع عائلتها في مدينة الحسكة، تتحدث عن استئناف ضخّ المياه. وتقول لـ"العربي الجديد": "تعبنا من ملاحقة صهاريج المياه في ظلّ الغلاء. ومع تواصل الأزمة خلال الفترة الماضية، تشاركنا مع جيران في المنطقة، حفر بئر لتوفير المياه لنا، كون الحلول كافة، باتت صعبة للغاية. نريد أن نغسل الملابس ونستخدم مياه الاستحمام، وهي لم تكن متوفرة لدينا. لم يكن أمامنا سوى حلّ حفر البئر، رغم تكلفته المرتفعة نسبياً والتي تصل إلى نحو 500 ألف ليرة سورية (247 دولارا) والمعدات المطلوبة لضخّ المياه".
وتضيف عيسى: "تأخذ المياه وقتاً حتى تصل إلينا من محطة الضخّ في منطقة علوك، ونحن نأمل أن حلّ هذه المشكلة، وتبقى المحطة قيد العمل على الدوام، فالمشكلة متكرّرة منذ نهاية العام الماضي. ما ذنبنا نحن بالخلافات والصراعات الدائرة بين الإدارة الذاتية والجيش الوطني؟ نحن نريد المياه فقط، ولا شيء غير ذلك، فليتركوها لنا".
وتؤكّد عيسى أنّ مياه الآبار التي يتمّ حفرها كما مياه الصهاريج، هي مياه غير صالحة للشرب، وبالكاد تستخدم في الغسيل، كما أنه في حال تشغيل محطة الضخّ، لا تتوفّر المياه لأكثر من ساعتين في اليوم، وهذا الوقت بالكاد يكفي لملء خزان مياه بسعة ألف لتر، يؤمّن احتياج العائلة اليومي من المياه. أما مياه الشرب، فالأهالي في الحسكة مجبرون على شرائها بكافة الأحوال، كون المياه غير صالحة للشرب.
بدوره، علّق مدرّس الرياضيات، عباس أنور، على معاناة الأهالي في مدينة الحسكة من مشكلة المياه، قائلاً لـ"العربي الجديد": "الحسكة تعاني منذ أكثر من 20 يوماً من انقطاع المياه، والوضع مأساوي جداً، بما أنّ المدينة تعاني أساساً من شحّ في المياه، إذ كانت تصل المياه لأحياء المدينة مرة واحدة في الأسبوع. وحالياً، منذ أكثر من 20 يوماً، لا مياه في المدينة. أمّا الصهاريج فبحاجة لوساطة ومال حتى تصل إلينا، وسعر الألف ليتر من المياه المنقولة بالصهاريج يتراوح بين 5 و10 آلاف ليرة سورية (2.47 - 4.95 دولارات) إذا تمكنا من الحصول عليها".
وتابع أنور: "مياه الآبار السطحية هنا، التي يعتمد الأهالي عليها للحصول على المياه، هي مياه ملوثة، كون أهالي المدينة قبل عشرين عاماً كانوا يعتمدون على الحفر الفنية للتخلّص من مياه الصرف الصحي والمجارير، وهذا قبل تخديم المدينة بشبكات الصرف الصحي وغيرها. وهذه المياه تستخدم في البيوت للجلي والاستحمام وغسل الملابس، ما يدفع الأهالي لاستخدامها في ظلّ عدم وجود خيارات أخرى في الوقت الحالي".
وكانت الرئيسة المشتركة للمديرية العامة لمياه الشرب في الحسكة، التابعة للإدارة الذاتية، سوزدار أحمد، صرّحت بأنّ مدينة الحسكة، تحتاج يومياً إلى نحو 80 ألف متر مكعب من المياه، بينما توفّر الصهاريج المتنقّلة نحو 10 آلاف متر مكعب منها، فقط يومياً. ما يعني أنّ المدينة تعاني من شحّ كبير في المياه.
وأكّد مصدر محلي من مدينة الحسكة، لـ"العربي الجديد"، أنّ الحديث عن تدخل الهلال الأحمر السوري لحلّ أزمة المياه، هو مجرد استغلال إعلامي لا أكثر، إذ هناك عدد قليل جداً من الصهاريج التابعة له، تتجول في المدينة، وهي تزوّد المحتاجين بمياه غير صالحة للشرب، على أنّها مياه نظيفة يمكنهم استخدامها.
كما أضاف المصدر، أنّ محطة المياه التي عملت الإدارة الذاتية على تجهيزها لحلّ أزمة المياه في المنطقة، لا تزال قيد التجريب وهي بحاجة لفترة من الوقت حتى يتم التأكد من عملها بشكل جيد وضخّها المياه للأهالي في مدينة الحسكة والقرى القريبة منها، التي تعاني من الأزمة.
وكانت دائرة المياه في منطقة تل تمر، أشارت إلى أنّ 16 بئراً من أصل 30، عادت لضخّ المياه في محطة علوك، بريف منطقة رأس العين، غربي محافظة الحسكة، الأمر الذي قد يوفّر المياه لسكّان المدينة والمناطق المحيطة بها، ولو بشكل جزئي حتى إيجاد حلّ للأزمة الناجمة عن خلافات الجيش الوطني والإدارة الذاتية، والتي يقوم حلها على المياه مقابل الكهرباء بين الطرفين.