قفز سعر صرف الدولار في السوق الموازية بالسودان إلى مستويات قياسية جديدة، ليلامس 180 جنيهاً، الأمر الذي أرجعته الحكومة إلى "عمليات تخريب منظم وممنهج" للاقتصاد، بينما أكد محللون مصرفيون أن الحكومة نفسها تساهم في ارتفاع العملة الأميركية بشراء مكثف لها من السوق السوداء.
وقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في برنامج إذاعي بث، يوم الجمعة، وفق وكالة الأنباء السودانية "سونا"، إن ارتفاع سعر الدولار أمام العملة الوطنية خلال الأيام الماضية وكذلك ارتفاع أسعار الذهب "ليس له ما يبرره اقتصادياً، فلا يعقل أن يشتري البعض سعر الذهب بأكثر من 10% من سعره العالمي".
لكن المحلل المصرفي محمد أبوشورة قال لـ"العربي الجديد": "هناك جهات تشتري الدولار بكميات كبيرة، خاصة الحكومة، التي تتزود بحاجتها من العملة الأميركية من السوق، حيث تملك الجنيه السوداني بكميات كبيرة وتقوم بتحويله من بنك السودان للسوق الموازي لجمع أكبر قدر من النقد الأجنبي، مما يرفع أسعار العملات الأجنبية".
وأضاف أن هناك مشتريات مرتفعة أيضاً من جهات أخرى كشركات الاتصالات، فضلاً عن المضاربات المستمرة في السوق، لجني عائدات سريعة ولجوء بعض المواطنين لشراء الدولار للحفاظ على قمية مدخراتهم.
وتابع: "البلاد تعاني من شح كبير في موارد النقد الأجنبي، ولا توجد صادرات، واحتياجاتنا من العملات متزايدة لتوفير السلع الضرورية كالقمح والدواء والوقود"، داعياً البنك المركزي إلى إيقاف الطباعة المستمرة للجنيه والتي يركز عليها في الوقت الراهن والالتفات إلى دوره ومسؤوليته الأخلاقية والقانونية عن حفظ قيمة الجنيه.
من جانبه، حمل عثمان التوم، المحلل المصرفي والمدير العام الأسبق لمجموعة بنك النيلين، وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي مسؤولية ارتفاع سعر الدولار، موضحاً أن سياستها المعلنة في الموازنة المعدلة تسببت في ما يجري من ارتفاع كبير في سعر العملة الأميركية في السوق الموازية، خاصة ما يتعلق برفع الدعم عن الوقود وزيادة قيمة الدولار الجمركي (سعر الدولار المحدد للاستيراد).
وأضاف التوم لـ"العربي الجديد" أن المخاوف من السياسات التي أعلنتها وزارة المالية جعلت كثيراً من المواطنين يلجأون إلى تحويل عملتهم الوطنية إلى دولار، فضلاً عن توجّه شركات الاستيراد لشراء الدولار وتحويله إلى الخارج لشراء السلع والبضائع وشحنها وإدخالها إلى البلاد قبل البدء في رفع الدولار الجمركي.
لكن رئيس الوزراء نفى في البرنامج الإذاعي الأخير أن تكون لدى الحكومة نية لرفع الدعم بشكل مطلق عن كافة السلع، موضحاً أنه سيتم رفع الدعم تدريجاً عن سعلتي الجازولين والبنزين، فيما ستبقي دعمها لست سلع أخرى.