يحاول البرلمان العراقي التمديد لنفسه، لمدة ثلاثة أشهر، على الأرجح، إلى أن تصادق المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية) على نتائج الانتخابات البرلمانية التي أُجريت في 12 مايو/أيار الماضي، وفق العد والفرز اليدوي، وسط انقسام بين الكتل السياسية.
وبحسب التعديل الرابع لقانون انتخابات البرلمان العراقي، الذي ناقشه البرلمان الحالي في قراءة أولى، الجمعة، فإّن عمل مجلس النواب، الذي سينتهي دستورياً، نهاية يونيو/حزيران الجاري، سيستمر إلى حين المصادقة على نتائج الانتخابات.
ولم يحدد مجلس القضاء الأعلى، المدة التقريبية، لانتهاء عدِّ وفرز نتائج الانتخابات، التي كانت أُجريت وفق الفرز الإلكتروني، وتم الطعن بها، غير أنّ مصدراً من مفوضية الانتخابات، قال اليوم الأحد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العد والفرز اليدوي لنتائج الانتخابات البرلمانية، قد يستغرق فترة لا تقل عن شهر كامل، بسبب الآلية التقليدية المتبعة، فضلاً عن الضغوط التي ستمارس على بعض موظفي المفوضية".
وأوضح المصدر، أنّ "إكمال عملية العد والفرز لا يعني إعلان النتائج، لأنّ النتائج ستمر بأكثر من مرحلة، وكل محافظة عراقية لها توقيت، هذا إذا لم تحدث خروقات بسبب خوف بعض المزورين في الانتخابات، لا سيما الأحزاب التي تلاعبت بالنتائج وحصلت على مقاعد كثيرة، من أن تتعرّض إلى مساءلة إذا ما تراجع عدد مقاعدها".
ويشهد مقترح قانون تمديد عمر البرلمان العراقي الحالي، انقساماً سياسياً بشأنه، إذ لا توافق كل الأحزاب، عليه، بينما تدفع أحزاب أخرى باتجاه إقراره، تزامناً مع مشاورات تشكيل الكتلة الكبرى، من أجل تأليف الحكومة.
وفي هذا السياق، قال أحمد الحسناوي عضو "حزب الدعوة" (جناح نوري المالكي)، لـ"العربي الجديد"، إنّ "موافقة المحكمة الاتحادية على تمديد عمر البرلمان، ستحمي البلاد من الفراغ الدستوري".
واعتبر أنّ مقترح القانون "لن يؤدي إلى توقف التفاوض والحوار بين الأحزاب التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة، وقرارات البرلمان لا تؤثر على الاجتماعات الليلية للأحزاب بشأن مناقشة البرامج الانتخابية والوزارات والحصص".
في المقابل، بيّن حسين النجار عضو تحالف "سائرون" (مقتدى الصدر ومدنيون)، لـ"العربي الجديد"، أنّ مقترح قانون تمديد عمر البرلمان الحالي، "يمثّل تراجعاً حقيقياً".
وقال إنّ "من المستغرب أن يعود البرلمان للعمل بنشاط لافت، عقب تلكؤ طال أمده خلال الأشهر الماضية. الخاسرون بالانتخابات ما زالوا يحاولون البقاء في السلطة".
وشدّد على أنّه "من الضروري معالجة الأزمة البرلمانية الحالية، من خلال تشكيل لجنة تعديل الدستور لتمنع مرة أخرى هكذا ممارسات، قد تكون عواقبها وخيمة على منجزات الشعب العراقي في تحقيق نتائج جيدة بالانتخابات".
ورأى النجار أنّ توجّه البرلمان للتمديد غير سليم، ويجب الخضوع لإرادة الشعب العراقي، وعلى البرلمانيين والأحزاب الخاسرة، القبول بنتائج الانتخابات وإدراك حجمها".
أما رحيم الدراجي القيادي في تحالف "الفتح" (الحشد الشعبي)، فقد أكد أنّ مقترح تمديد عمل البرلمان، "سيمرّر نهاية الأسبوع الحالي".
وقال إنّ "المصلحة العامة تقتضي استمرار عمل البرلمان، مثلما تستمر السلطة التنفيذية"، مضيفاً أنّ "غالبية أعضاء مجلس النواب مع تمديد عمل المجلس، لحين المصادقة على نتائج الانتخابات".
بدوره، رأى عبد الكريم عبطان النائب عن "ائتلاف الوطنية" (إياد علاوي)، أنّ "تمديد عمل مجلس النواب مؤقت، لحين الانتهاء من العد والفرز اليدوي، والمصادقة على نتائج الانتخابات، وسيُبعد البلاد عن أزمة الفراغ الدستوري".
وفي المواقف أيضاً، وصفت "حركة التغيير" الكردية، القريبة من بغداد" والمعارضة لحكومة إقليم كردستان، توجّه البرلمان لتمديد عمره، بـ"السابقة الخطيرة".
وقالت القيادية في الحركة سروة عبد الواحد، في بيان، إنّه "ليس من حق مجلس النواب تمديد عمله، والتمديد سابقة خطيرة. كنا ننتقد برلمان إقليم كردستان لأنّه يمدد عمله، فكيف لنا بقبول تمديد عمل البرلمان الاتحادي"؟
رأي قانوني
وبينما يدور جدل سياسي حول إمكانية التمديد للبرلمان العراقي، بانتظار المصادقة على نتائج الانتخابات البرلمانية، يرى قانونيون أنّ قرار التمديد نفسه يُعتبر مخالفاً للدستور.
وبهذا الإطار، قال الأستاذ بالقانون علي التميمي، لـ"العربي الجديد"، إنّ المحكمة الاتحادية العليا ستطعن بقانون تمديد عمر البرلمان، مبيناً أن "تمديد عمر البرلمان يعد مخالفة دستورية صريحة، ولعدد من أحكام الدستور".
وأضاف أنّ "الدستور العراقي كان صريحاً بتحديد عمر البرلمان، وهو أربع سنوات يبدأ من الجلسة الأولى وينتهي عند آخر جلسة في السنة الرابعة"، مشيراً إلى أنّ "المحكمة الاتحادية ستطعن بهذا التعديل في حال إقراره، خلال الجلسات القادمة، لأنه يخالف أحكام الدستور العراقي".
كما وصف الخبير الدستوري العراقي طارق حرب، مشروع تمديد عمر البرلمان العراقي، بأنّه "انقلاب".
وأوضح حرب، في تصريح، أنّ "تمديد عمر البرلمان لأكثر من أربع سنوات مقررة بالدستور، هو انقلاب برلماني مماثل للانقلاب العسكري والانقلاب الحزبي".