أثار أحدث انهيار، اليوم الثلاثاء، في أرضية ما يعرف بالمدرسة الكيلانية، في بلدة القدس القديمة، مخاوف المقدسيين من حدوث انهيارات أخرى في عقارات أخرى متاخمة، والتي نال منها التصدع والتشقق، بسبب الحفريات الإسرائيلية خلال العقود القليلة الماضية.
وتسبب انهيار أرضية المدرسة، الواقعة في الجانب الشمالي من طريق باب السلسلة، بحي السلسلة في بلدة القدس القديمة، أحد الأحياء المتاخمة للمسجد الأقصى والمفضي إليه، في هبوط الأرض بعمق مترين، بعد قيام ما تسمى سلطة الآثار الإسرائيلية بفتح البلاط السلطاني، ما أحدث تدفقًا لمياه الصرف الصحي إلى منطقة التربية وهبوط الأرضية.
ولا تبعد المدرسة الكيلانية كثيرًا عن مواقع حفر إسرائيلية أسفل العقارات والمباني في حارة السلسلة، وفي المناطق المتاخمة لها، وهو ما يضعف البنية التحتية لتلك العقارات، كما يقول خبير القدس والاستيطان جمال عمرو لـ"العربي الجديد".
وإضافة إلى الانهيار في أرضية المدرسة الكيلانية، وقع انهيار في أرضية منزل يعود لعائلة دعنا المقدسية في حي باب السلسلة الملاصق للمسجد الأقصى من ناحيته الغربية، ما أدى إلى حدوث أضرار في المنزل من دون أن يبلغ عن إصابات.
وأكد مواطنون في الحي، لـ"العربي الجديد"، أن حفريات إسرائيلية تجري في المنطقة أسفل المنزل، ما أدى إلى تضرر منزل عائلة دعنا وانهيار أرضيته، وكذلك التسبب في أضرار لمنازل عائلات أخرى مجاورة، نجم عنها حدوث تصدعات وتشققات في الجدران.
وكان أخطر انهيار شهدته البلدة القديمة بسبب الحفريات الإسرائيلية، ومنع أصحاب المنازل من ترميمها، قد حدث قبل أكثر من عام، وتسبب في تصدعات في نحو 17 منزلاً.
اقرأ أيضا:
الحفريات الإسرائيلية تهدد بانهيار الأقصى
الكيلانية تاريخياً
وتقع المدرسة مقابل طريق متعرجة ومتدرجة تنسب إلى أبي مدين، وتجاه تربة حسام الدين بركة خان (المكتبة الخالدية)، والتي تنسب إلى مؤسسها الحاج جمال الدين بهلوان من الأمير قراد شاه بن شمس الدين محمد الكيلاني اللهجي، المشهور بابن الصاحب كيلان، الذي أسسها في سنة (753هـ/ 1352م).
وأُنشئت المدرسة في عام 753هـ، ولا توجد على بوابتها أية نقوش، وأوصى ابن الصاحب كيلان بأنْ يُدفَن فيها، وتاريخ الوصية في العاشر من شعبان سنة 753هـ، فعُمّرت هذه التربة وبها ضريحه ونُقِل إليها كما أوصى. وتوجد أملاك زراعية في مدينة الرملة، أحدها يُسمّى بأرض العجمية تتبع هذه الوقفية.
وتتألف هذه المدرسة، التي تقطنها حاليًا سبع عائلات مقدسية، وفق ما تشير إليه المصادر التاريخية، من طبقتين ذات واجهة رئيسية أمامية من الطراز المملوكي الخالص.
ويتوصل إليها عبر مدخل مملوكي جميل، يقوم على كل جانب من جانبيه مقعد حجري يعرف بالمكسلة، ويمتد فوق فتحة المدخل الذي يغطيه مصراعان من الخشب المصفح بالبرونز، وعتبة حجرية مكونة من كتلة واحدة، ثم يليها ثلاثة مداميك حجرية يقوم فوقها مجموعة من ثلاثة صفوف من المشربيات التي تعرف بالشرفات، وتشكل الحنيات المقرنصات، قبل أن يتوجها طاقية المدخل، المؤلفة من خمسة أضلاع منبثقة من مركز واحد في أعلى منتصف الطاقية.
ويؤدي المدخل إلى دركية مستطيلة الشكل مغطاة بقبو متقاطع، توزع الدخول إلى صحن مكشوف، أو إلى قاعة الضريح التي تتخذ شكلاً مربعاً، ويعلوها قبة تستند على أربعة عقود مدببة.
فيما تم ملء الأركان التي تعلو المربع بمثلثات كروية لتحويل المربع إلى مثمن، وللانتقال من القاعدة المربعة إلى المستديرة لأجل إقامة القبة.
أما الطبقة الثانية، فيتوصل إليها من الصحن المكشوف، وهي عبارة عن عدد من الغرف المغطاة بقبو مروحي تتوسطه قبة ضحلة، والتي استخدمت للتدريس قبل أن تتغير وظيفتها إلى دار سكن تعرف بدار الدنف (الأنصاري).
واشتهرت المدرسة بتدريس القرآن الكريم، وقسّمت المدخولات على المدرسين وعلى الطلبة وعلى أعمال إضاءة المصابيح، ثم آل الوضع إلى عائلة الأنصاري.