حياةٌ متعددة الحقائق، وموتٌ احتضنته أربعة قبور، بعد أن أصدر القضاء التشيلي قراراً بإعادة دفن بقايا الشاعر بابلو نيرودا، الحاصل على جائزة نوبل في الآداب، بعد أن استخرجت في العام 2013؛ للاشتباه بأنه مات مقتولاً بأوامر من ديكتاتور بلاده أغوستو بينوشي، وسيعاد دفنها غداً في منطقة ايسلا نيغرا آخر مكان عاش فيه الشاعر.
ورغم أن شهادة وفاة نيرودا المؤرخة، في 23 أيلول/ سبتمبر 1973، تشير إلى أن سبب وفاته يعود إلى إصابته بسرطان البروستات، إلا أن مانويل أرايا السائق الخاص للشاعر، أكد أنه توفي بسبب حقنة أخذها عشية سفره إلى المكسيك ليقود المعارضة ضد بينوشي؛ بصفته عضوا بارزاً في الحزب الشيوعي التشيلي حينها؛ خصوصاً بعد اختفاء الملف الطبي لصاحب كتاب "التساؤلات".
التجارب التي أجريت على عينات من الأنسجة في مختبرات في تشيلي والولايات المتحدة وإسبانيا لم تظهر أي دليل على التسمّم، لكن بعض الفحوصات على الحمض النووي الوراثي لم تكتمل بعد، لذلك لن يغلق التحقيق في القضية رسمياً، ولا يزال مفتوحاً إلى اليوم.
وكان نيرودا قد دُفن في البداية في العاصمة التشيلية سانتياغو، إلا أن جثمانه نقل بعد ذلك إلى قبر آخر. وفي عام 1992 تم نقل رفاته، إلى جزيرة ايسلا نيغرا، التي تبعد 110 كيلومترات إلى الشرق من العاصمة، ليعاد دفنه في حديقة منزله الساحلي، الذي تم تحويله إلى متحف، مع زوجته الأخيرة ماتيلد أوروتيا، ومن المقرر أن تكون الحديقة مثواه الأخير مرة أخرى، وفقاً لوسائل إعلام تشيلية.
مشكلات عديدة أعاقت ظهور حقيقة رحيله؛ من أهمّها عدم وجود سجلات طبية أو أي أدلة مقنعة يمكن الوصول من خلالها إلى ما حدث مع نيرودا في ساعاته الأخيرة، ويبدو أن مجموعة من الألغاز واجهت الأطباء في فريق التحقيق وحتى عائلته التي انقسمت في آرائها حول شبهة التسمّم، مثلما تواجه المشتغلين على سيرته العديد من التناقضات والمواقف الغامضة في حياة صاحب "أعترف بأنني قد عشت".