أعلنت الحكومة الباكستانية، اليوم الإثنين، وبعد التشاور مع الأحزاب السياسية، عن تشكيل وفد مكون من ثلاثة قياديين في حزب "الرابطة الإسلامية" الحاكم، بهدف التفاوض مع زعيم حركة "الإنصاف"، عمران خان، ورجل الدين، طاهر القادري، اللذين يقودان احتجاجات في العاصمة للإطاحة بحكومة رئيس الوزراء، نواز شريف.
يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه معظم الأحزاب السياسية والدينية رفضها للعصيان المدني، الذي دعا إليه خان، والذي صعدت حركته أيضاً بالإعلان أن نوابها سيتخلون جماعياً عن مقاعدهم في البرلمان الوطني تعبيراً عن احتجاجهم على الحكومة. كما تنتهي مساء اليوم الإثنين مهلة الـ48 ساعة، التي منحها القادري لرئيس الوزراء لتقديم استقالته.
وانطلقت في العاصمة إسلام آباد جهود مكثفة لحلحلة الأزمة، إذ عقدت أحزاب سياسية اجتماعاً طارئاً ترأسه زعيم المعارضة، خورشيد شاه، في البرلمان الفدرالي، بمشاركة زعيم "الحركة القومية البشتونية"، محمود خان أشكزاي، وزعيم "الجماعة الإسلامية"، سراج الحق. وبعد نقاشات طويلة توصل الاجتماع إلى قيام القياديين شاه والحق بدور الوساطة بين الحكومة الباكستانية والمعارضة.
وقال أشكزاي، خلال مؤتمر صحافي عقب الاجتماع، إن "الأمر خطير جداً. هناك تهديد مباشر للنظام الديمقراطي، لكننا لن نفقد الأمل، ولا محالة سنصل إلى حل وسط". فيما طالب شاه الحكومة الباكستانية بعدم اللجوء إلى العنف في التعامل مع المحتجين والمعتصمين، وحذر من أن أي صدام بين الطرفين قد يؤدي إلى انقلاب عسكري في البلاد.
من جهتها، عينت الحكومة وفداً مكوناً من ثلاثة قياديين في حزب "الرابطة الإسلامية" الحاكم، وهم وزير الداخلية شودري نثار، والقيادي في الحزب أحسن إقبال، ومستشار رئيس الوزراء للشؤون الأمنية عرفان الصديقي، للتفاوض مع المحتجين.
وقالت القيادية في حركة "الإنصاف"، شيرين مزاريد، إن الوفد أجرى اتصالاً بالقياديين في الحركة وتباحث معهم بشأن الوضع الراهن، بينهم مخدوم جاويد هاشمي، ومزاري نفسها وشاه محمود قرشي.
من جهته، أوضح قيادي في حركة "منهاج القران"، فضل عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، أن القادري رفض أن يجتمع بالصديقي، كما ورفض أي نوع من التفاوض مع الحكومة قبل استقالة رئيس الوزراء.
في غضون ذلك، أبدت الأحزاب السياسية والحركات الدينية دهشتها من إعلان عمران خان انطلاق العصيان المدني ضد الحكومة.
وقال زعيم "الحزب القومي البشتوني"، أسفنديار ولي، إن إعلان خان أمر غير منطقي تماماً. بدوره، تساءل القيادي في حزب "الشعب الباكستاني"، ووزير الإعلام في حكومة السند، شرجيل ميمن، خلال حديث لـ"العربي الجديد"، عن معنى مطالبة خان رئيس الوزراء بتقديم استقالته، وإعلان العصيان المدني ضد حكومته، طالما أن خان يصر على التشبث بحكومته في إقليم خيبربختونخوا.
وكان خان قد أعلن العصيان المدني ضد حكومة نواز شريف، وطالب الشعب بعدم دفع الضرائب وفواتير الكهرباء والوقود للحكومة، حتى يقوم رئيس الوزاء بتقديم استقالته.
ومنح خان رئيس الوزراء مهلة 48 ساعة لفعل ذلك، محذراً من أنه إذا لم تُلبَّ مطالب المتظاهرين فإن سيأمر المحتجين بتجاوز كل الخطوط والدخول إلى المنطقة الخضراء (مقر أبرز المراكز الحكومية الباكستانية)، الأمر الذي ينذر بوقوع صدامات بين المحتجين وعناصر الأمن، مما قد يتيح الفرصة لتدخل الجيش الباكستاني ويفتح الباب لإمكانية انقلاب عسكري، الأمر الذي يخشى منه معظم الساسة الباكستانيين.
كما صعد خان عبر إعلان مسؤول في حركته أن النواب التابعين لها سيتخلون جماعياً عن مقاعدهم في البرلمان الوطني تعبيراً عن احتجاجهم على الحكومة.
وعلم "العربي الجديد" أن اجتماعاً للقياديين البارزين في حركة "الإنصاف" عُقد في منزل خان، في بني جاله بالعاصمة إسلام آباد، وناقش الاجتماع تقديم أعضاء البرلمان الفدرالي والبرلمانات الإقليمية المنتمين إلى حركة "الإنصاف" استقالاتهم.
وفي شأن المهلة المعطاة لشريف كي يقدم الاستقالة، قال قيادي في حركة "منهاج القران"، رحيق عباسي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إن زعيم الحركة سيقوم بإعلان مهم للغاية بعد انتهاء المهلة، وهذا الإعلان قد يكون التحرك نحو المنطقة الخضراء، بحسب بعض المراقبين.
إلى ذلك، حذر وزير الداخلية، شودري نثار، المحتجين من التحرك نحو المنطقة الخضراء والحي الدبلوماسي. وأكد نثار في مؤتمر صحافي أن "الحكومة لن تقبل تحرك المعتصمين نحو تلك المناطق مهما كان الثمن".
ويُنتظر أن يلقي القادري، الليلة، خطاباً بعد انتهاء المهملة التي منحها لرئيس الوزراء لتقديم استقالته، والذي قد يشكل بداية لصفحة جديدة للاحتجاجات الحالية.