بدأ العدّ العكسي للمباراة النهائية من دوري الأبطال التي ستقام في برلين يوم السبت بين يوفنتوس الإيطالي وبرشلونة الإسباني، وبدأ معه خفقان قلوب المشجعين وحساب الوقت لموعد انطلاق المباراة، على الورق، ولدى أغلبية متابعي وعشاق كرة القدم وذوي الاختصاص. الترشيحات جميعها تصبّ لمصلحة برشلونة، حتى قائد يوفنتوس نفسه جانلويجي بوفون صرّح بأن الحظوظ في المباراة 70% لبرشلونة مقابل 30% فقط لفريقه.
على الورق هذا الكلام يبدو منطقياً وأقرب إلى الواقع. برشلونة عاد ليكون الفريق المرعب الذي كان أيام غوارديولا، لكن بنكهة مختلفة عن التي كانت مع بيب. صحيح أن لويس إنريكي "تخبّط" كثيراً بداية الموسم وأخذ وقتاً طويلاً قبل أن يتمكّن من إيجاد "الخلطة السحرية" التي تناسب الفريق والعناصر، لكنّه وجدها أخيراً وساعدته على ذلك، دون أدنى شك، خبرة بعض اللاعبين، تحديداً أولئك الذين يلعبون معاً منذ فترة طويلة، ما ولّد انسجاماً كبيراً بينهم، الأمر الذي يريح المدرّب كثيراً أغلب الأوقات.
أما من جهة يوفنتوس، فهو لم يصل إلى المباراة النهائية من دوري الأبطال بالصدفة، اليوفي فريق قوي، يمتلك دفاعاً قوياً جداً وخط وسط يعتبر من الأفضل في العالم. تمكّن ماسيميليانو أليغري هو الآخر من إيجاد "الخلطة السحرية" هذا الموسم ليوفنتوس في دوري الأبطال، ساعده على ذلك فريق محضّر بشكلٍ جيد وجاهز، وبعض العناصر التي امتلكت الخبرة، إضافة إلى ذلك أيضاً تناغم اللاعبين الذين يلعبون معاً منذ فترة طويلة.
من المتوقّع أن تكون المواجهة الأقوى في المباراة بين جهة اليوفي اليسرى، مع جهة برشلونة اليمنى. اليوفي الذي سيعتمد على الأرجح خطة 4 - 3 - 1 - 2، ومع غياب جورجيو كييليني بسبب الإصابة، سيعتمد أليغري على آندريا بارزاليي وباتريس إيفرا في تلك الجهة، أمامهما بول بوغبا الذي سيكون في ظهر كارلوس تيفيز.
في الجهة المقابلة عند البارشا الذي من المتوقّع أن يعتمد أسلوب 4 - 3 - 3، سيكون داني آلفيش في الخلف، أمامه إيفان راكيتيتش الذي بدوره سيكون خلف ليونيل ميسي ورفيقيه في خط الهجوم.
من جهته، سيعتمد برشلونة بشكلٍ كبير على قوّة خطّه الهجومي و"الديناميكية" التي يتحلّى بها. بينما سيحاول يوفنتوس السيطرة على الكرة قبل الوصول إلى خط الهجوم هذا. ولطالما أثبت اليوفي أنه بارع في السيطرة على الكرة بعد الحصول عليها، وأنه قادر على كسر وتيرة الفرق التي تعتمد أسلوب التيكي تاكا.
ليتمكّن أليغري من تطبيق هذه الطريقة والسيطرة على الكرة من الخلف، عليه الاعتماد على نقاط ضعف كل من آلفيش وراكيتيتش. فالأول وعلى الرغم من أنه أحد أفضل اللاعبين في مركزه في السنوات العشر الأخيرة، إلا أن تقدّمه بالعمر أفقده القليل من سرعته في استرداد الكرة عند خسارتها. أما الثاني، والذي يعتبر أحد أفضل وأهم عناصر برشلونة "المغمورين" هذا الموسم، فهو لاعب سريع جداً ويمتلك قدرة خارقة على الضغط على حامل الكرة، إلا أنه يمكن تخطّيه بسهولة في تمريرات خط الوسط باتجاه الأجنحة.
أما في الأمام، وعلى الرغم من أن ميسي ليس لديه نقاط ضعف "كلاعب"، إلا أنه يغيب أحياناً في بعض المباريات بسبب احتمال تعرضّه للإصابة في وتر أخيل - كما يقال، لكن مع "ثلاثي الرعب"، سيضطر أليغري للاعتماد على أبجدية الدفاع الإيطالي، أي أنه على اللاعبين ــ عند وصول الكرة إلى خط برشلونة الهجومي - اعتماد الكاتيناتشو "كما ورد في الكتاب" أي دون أي خطأ، ففي مثل هذه المباريات الأخطاء تكون قاتلة.
يوفنتوس يمتلك ديناميكية اللعب بأكثر من خطّة حسب ظروف المباريات، لديه الحلول التكتيكية، وليس مضطراً "لركن الباص" كما يقولون لإيقاف البارشا، كل ما عليه هو عدم السماح لبرشلونة بالسيطرة على الكرة. بول بوغبا مطالب بالعودة إلى مستواه قبل تعرّضه للإصابة التي أبعدته لفترة، وكلاوديو ماركيزيو مطالب بتقديم نفس المستوى الذي يقدّمه هذا الموسم، فهذا اللاعب هو أحد أهم مفاتيح لعب يوفنتوس، هو قادر على خلق اللعب وتمرير الكرات بكثرة وبدقّة (551 تمريرة في دوري الأبطال)، إضافة إلى أدواره الدفاعية.
على كل حال، اقترب موعد المباراة، وعند إطلاق صافرة البداية، كل هذه التحليلات والتوقعات ستصبح مجرّد كلام. حينها، الصوت الوحيد الذي سيسمع هو صوت أقدام اللاعبين على أرضية الميدان، وأمنيات بوفون وبيرلو بتكرير ذكريات المجد في برلين، وأمنيات برشلونة بتحقيق موسمٍ كامل والعودة للسيطرة على كرة القدم في العالم من جديد، وفوق هذا كله، صوت دقات قلوب المشجعين في المدرّجات وخلف الشاشات، بانتظار صافرة النهاية.
لمتابعة الكاتبة: https://twitter.com/ShifaaMrad
اقرأ أيضاً: يوفنتوس يهدد برشلونة بزيدان ورسائل تحذير باللغة الكتالونية