تأتي زيارة نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى إسرائيل الثلاثاء المقبل، والتي أعلن عنها مجدداً أمس الأربعاء، في سياق استمرار المفاوضات الأميركية الإسرائيلية، حول حجم المعونات العسكرية التي ستقدمها واشنطن لتل أبيب خلال السنوات العشر القادمة.
وكانت صحف إسرائيلية قد أعلنت عن الزيارة، لأول مرة في 17 شباط / فبراير الماضي، بعد أن وصلت المفاوضات في حينه بين الطرفين لأزمة شديدة.
تلك الأزمة، جاءت بعد إعلان نتنياهو، أنه في حال أصرت الإدارة الأميركية الحالية تحت رئاسة باراك أوباما على رفض الطلب الإسرائيلي برفع المعونات من 3.7 مليارات دولار سنوياً إلى 5 مليارات دولار، لمواجهة التحديات التي يفرضها الاتفاق النووي مع إيران، فإن حكومة نتنياهو تفضل تجميد المفاوضات وانتظار حلول إدارة قادمة، بعد الانتخابات الأميركية.
وكانت صحيفة "هآرتس"، قد أشارت مطلع الشهر الماضي إلى أن تصريح نتنياهو هذا أثار قلقا في أوساط إدارة أوباما والحزب الديمقراطي، تخوفاً من أن يستخدم رئيس وزراء الاحتلال هذا الأمر كسلاح في الانتخابات الأميركية ضد الحزب الديمقراطي، ما قد يقوض فرص فوز الحزب في الانتخابات، ويؤدي لعودة الحزب الجمهوري للبيت الأبيض.
وتكتسب هذه القضية أهمية خاصة في ظل ما نشره موقع "ديفينز نيوز" الأميركي حول عرقلة إسرائيل لمساعي قطر بالحصول على 72 مقاتلة من طراز إف 15، مقابل إبدائها تحفظا محدودا بالنسبة لتزويد كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت بمقاتلات أميركية من طراز إف 15.
وكذلك، سعي الحكومة الإسرائيلية إلى محاولة ابتزاز إدارة أوباما برفع المعونات الأميركية لإسرائيل بـ10 مليارات دولار، حتى يتسنى لإسرائيل التزود بسربين إضافيين من مقاتلات إف 15، وذلك لضمان استمرار التفوق العسكري الإسرائيلي.
زيارة بايدن، وبحسب المعلومات الإسرائيلية، تأتي اليوم في ظل إعلانات متكررة من وزير الأمن الإسرائيلي عن اقتراب التوصل إلى تفاهم أميركي - إسرائيلي بشأن حجم المعونات التي ينتظر أن يعلن عنه خلال الزيارة المرتقبة لكل من رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه موشيه يعالون، إلى واشنطن الشهر الحالي.
ويعني هذا أن اللقاءات التي سيجريها بادين في إسرائيل، خلال يومي زيارته الرسمية، ستشمل على ما يبدو التمهيد لزيارة نتنياهو ولقاءاته مع الرئيس أوباما، وتحديد أجندة الزيارة وحدود ما يفترض أن يعلن عنه في اللقاء المشترك بين أوباما ونتنياهو.
وخلافا للانطباع الذي ساد بشأن التوتر في العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، على خلفية الاتفاق النووي الإسرائيلي، فإن هذه الخلافات، لم تمس ولم تؤثر، في التعاون الأمني والعسكري الإسرائيلي الأميركي ولا بالتأييد الأميركي للمواقف الإسرائيلية سواء خلال العدوان الإسرائيلي على غزة في صيف 2014، أو عبر إحباط جملة من المقترحات في مجلس الأمن الدولي لتحديد جدول للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، وهو ما عرف بالمبادرة الفرنسية.
ورغم الخلاف السياسي المعلن في الشأن الفلسطيني، فإن إعلان رئيس قسم الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي، روب مالي، حول تضاؤل فرص إحراز أي تقدم في المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل، يعتبر تسليماً أميركياً بموقف حكومة نتنياهو بشأن عدم جود شريك فلسطيني.
كما أن الإدارة الأميركية وعلى لسان وزير خارجيتها، جون كيري، سارعت الشهر الماضي مع إعلان الحكومة الفرنسية عن مبادرتها للدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام، إلى التقليل من فرص نجاح المبادرة وجدواها.
اقرأ أيضاً: "البنتاغون" تقلص ميزانيات مشاريع مشتركة مع إسرائيل
وفي هذا السياق، فإن زيارة بايدن تأتي عملياً في ظل تراجع التوتر السياسي بين إدارة أوباما وحكومة نتنياهو من جهة، وفي ظل تصاعد وتيرة التنسيق الروسي - الإسرائيلي في سورية، مما يعني أن الموضوع السوري سيكون أيضا حاضرا في لقاءات بايدن في إسرائيل.
ويرتبط ذلك بنشر الصحف الإسرائيلية، مطلع الأسبوع، أن رئيس أركان القوات الأميركية الجنرال جوزيف دينفورد سيصل الخميس إلى تل أبيب للمشاركة في المناورات الجوية الدفاعية المشتركة (جينيفر كوبرا) لسلاحي الجو الإسرائيلي والأميركي التي انطلقت الأحد.
كما سيلتقي الجنرال الأميركي بنتنياهو، ووزير الأمن، موشيه يعالون وبنظيره الإسرائيلي الجنرال جادي أيزنكوط.
وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الجمعة الماضي، إلى أن "دينفورد سيبحث مع يعالون بالإضافة إلى جملة من القضايا الإقليمية وقف إطلاق النار في سورية وتأثيره على الدول المجاورة".
وكان نتنياهو قد أعلن الأحد أن "إسرائيل ترحب بوقف إطلاق النار، لكنها ترى أنه يجب أن يشمل أيضا، وقف العمليات والنشاط الإيراني ضد إسرائيل"، وما سماه "عدم تجاوز الخطوط الحمراء" التي حددتها إسرائيل وفي مقدمتها منع نقل السلاح المتطور لـ"حزب الله"، ومنع فتح جبهة ثانية من أراضي الجولان ضد إسرائيل.
اقرأ أيضاً: التنافس على "دعم إسرائيل"... عامل يجمع مرشحي الرئاسة الأميركية