وبالفعل، لم يتأخر الأمر، إذ أجرى بايدن اتصالاً هاتفياً مساء أمس، السبت، مع أردوغان، مؤكداً أنه يرغب في توضيح بعض التصريحات التي أدلى بها، خلال كلمة له أمام الطلاب في جامعة هارفرد. وقال بايدن إنه "يعتذر عن هذه التصريحات التي يُفهم منها تلميحه باتهام تركيا بدعم الإرهاب في سورية".
وأصدر البيت الأبيض بياناً بخصوص ذلك، قال فيه إن "نائب الرئيس اعتذر بسبب تصريحاته التي أوحت بأن تركيا، أو حلفاءها أو شركاءها في المنطقة، قد زوّدت عمداً أو سهّلت نموّ تنظيم (داعش)، أو غيره من المتطرفين في سورية".
وأوضح البيان أن "الولايات المتحدة تثمّن كثيراً الالتزامات والتضحيات التي قدمها حلفاؤنا وشركاؤنا من جميع أنحاء العالم لمكافحة آفة (داعش)، بما في ذلك تركيا".
وكان أردوغان قد أكد بأن بايدن مدين باعتذار له إن ثبت قوله بأن "تركيا هي إحدى الدول التي دعمت (داعش) بالسلاح والمال"، أثناء إحدى المحاضرات في جامعة هارفرد الأميركية. وأشار إلى أنه "أمر مفروغ منه أن تركيا لم تدعم قط أي منظمات إرهابية". كما استنكر رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، تصريحات بايدن بعد خروجه من صلاة العيد، قائلاً إنه "من المستحيل أن نقبل انتقادات كهذه".
وتابع: "إن الإدارة الأميركية وبايدن، يعلمان جيداً أن تركيا، من تلقاء نفسها، استضافت ملايين اللاجئين لمدة أربع سنوات، ولو أن الإدارة الأميركية استجابت للتحذيرات المتتالية التي قدمتها أنقرة، لما كان (داعش) قضية اليوم".
واتهم بايدن، في المحاضرة التي ألقاها مساء الخميس الماضي، حلفاء الولايات المتحدة الأساسيين في الشرق الأوسط بأنهم وراء الصعود السريع لـ"داعش"، قائلاً إن "أكبر مشاكلنا في الملف السوري هم حلفاؤنا في المنطقة. إن الأتراك أصدقاؤنا المقرّبون، وأنا شخصياً لديّ علاقة ممتازة مع أردوغان، وقضيت معه الكثير من الوقت، لكن السعوديين والاماراتيين وغيرهم ماذا كانوا يفعلون؟". وأضاف بايدن أن "الأتراك والسعوديين والقطريين اعترفوا بأخطائهم وتوقفوا عن دعم الجهاديين".
وجاءت تصريحات بايدن في إطار ردّ الاتهامات التي طالت الإدارة الأميركية في ما يخصّ تأخرها بالتدخل في الأزمة السورية. وأكد أن "الإدارة الأميركية لم تتأخر بالتحرّك"، مشيراً إلى أن "حلفاء واشنطن كانوا مصرّين على إسقاط النظام السوري بأي طريقة، ودفعوا الملايين من الدولارات وأرسلوا مئات الاطنان من الأسلحة لأي مجموعة تريد قتال الرئيس السوري بشار الأسد، متقبّلين التعاون مع عناصر لها ارتباطات واضحة بـ(جبهة النصرة) و(القاعدة) والجهاديين المتطرفين القادمين من مختلف أنحاء العالم".
قبل أن يلفت إلى أن "أردوغان أقرّ بخطأ سياسته في إحدى اللقاءات التي جمعتهم أخيراً".
ويعتبر اعتذار الإدارة الأميركية لحلفائها، وتخصيص تركيا بالاعتذار، دليلاً آخر على المكانة الجديدة التي تتمتع بها تركيا الآن على مستوى الحلفاء، إذ لم تعد مجرد تابع بل أصبحت تقف على قدم المساواة مع حلفاء الإدارة الاميركية التقليديين في أوروبا الغربية، وإن كانت تبدو الآن متوفقة عليهم بموقعها الاستراتيجي في قلب الخطط الأميركية كلاعب رئيس في الشرق الاوسط وبالقرب من عدو الولايات المتحدة الاول متمثلاً بالتنظيمات الجهادية التي يأتي "داعش" في مقدمتها.