من بيروت انطلقت رحلة المهاجر اللبناني أحمد بدور برفقة عائلته وهو في التاسعة من عمره نحو الدنمارك، في أواسط الثمانينيات. وجد نفسه "في بيئة مختلفة تماما عن سنوات طفولتي في بيروت، ففجأة لغة أخرى ونظام مدرسي مختلف. ورغم ذلك واصلت دراستي في البلد الجديد".
بقي أحمد بدور الشاب يتنقل بين عمل وآخر في سنوات مراهقته.. حين وصل لسن التجنيد، اختار السفر إلى بلده. يقول لـ"العربي الجديد": "اخترت أن أخدم الجندية في لبنان. سافرت وزوجتي الدنماركية السابقة، وكلانا في سن صغيرة. وبالفعل أصبحت جنديا، ورحلت عائلتي، أمي وأبي وإخوتي، عن الدنمارك عائدة إلى بيروت. رزقت بطفلي الأول في بيروت".
وبعد أن انتهت خدمة العلم "افتتحت مشروعا صغيرا في شارع الحمراء، في استديو كاميرا المعروف في لبنان. لكن الأمور لم تسر كما يجب. بتنا نعاني من أزمة اقتصادية خانقة وظروف صعبة. وكانت زوجتي السابقة أرادت العودة إلى بلدها".
اضطر أحمد لترك بيروت ثانية في عام 2000، ليجد نفسه مجددا ينطلق من نقطة الصفر: "فحين عدنا لم يكن في جيبي شيء. لم يكن لدينا حتى سرير صغير لطفلنا، كانت بداية قاسية جدا. وصممت على أن لا أستسلم للظروف".
خلال أشهر تخرج كمعلم لتعليم قيادة السيارات.. ومنذ 2001، أي قبل 15 سنة، بدأ مسيرة أخرى كعربي من بين قلائل في المجال، مفتتحا مدرسة تعليم القيادة في مدينة آرهوس، وسط البلاد. طلابه هم خليط من الشباب وكبار السن، ولديه في مدرسته صفا خاصا بالنساء باللغة العربية. وبعد سنوات من العمل والاجتهاد، أصبح أحمد بدور في محيطه مثلا في عدم الاستسلام للظروف. هو اليوم يساهم أيضا في تعليم اللاجئين الجدد على نظام السير في مدرسته.